*بقلم: نازك ضمرة
اللص عادة هو من يسرق، والكلاب عادة هي التي تنبح على اللص وتطارده لتمنعه من تنفيذ السرقة أو لإبعاده وتخويفه، لكن الشيخ نجيب محفوظ، جعل اللص هو الذي يطارد الكلاب، ليصبح العنوان أكثر إثارة، يثير فضول القارئ كيف انقلب المفهوم عبر نص أدبي مميز، مع ان الحكاية ليست غريبة على المجتمعات العربية، لكنه نجيب محفوظ هو الذي يعرف تفاعلات
الحياة ومناقضاتها. فنسج لنا قصة تحملنا معها يوما بيوم، ومنذ الصفحات الأولى للرواية، لتجعل اللص السابق، مهموما ومشغولا بالانتقام ممن ظلموه وخانوه واعتدوا على شرفه وامتدت أيديهم لرزقه وماله الذي شقي كثيرا حتى وفره، وزاد تمادي خونة الأمانة والصداقة بأن استولوا حتى على زوجته وابنته، إذ لم تكفهم مصادرة أمواله وأملاكه.
فاللص السابق سعيد مهران يطارد الكلاب لينتقم منهم، بعد أن استولوا على نتاج مغامراته وسرقاته، وفور خروجه من السجن واكتشافه كل ما جرى له، ومنذ اليوم ا لأول خطط وعلى عجل للإيقاع باللصوص الثلاثة الرئيسيين واحدا إثر الآخر، لكن دعنا نتعجل إعلان ما جرى له، إذ أوقعه الراوي نجيب محفوظ في النهاية في يد الأمن، دون أن يحقق هدفه، بعد جهوده المضنية حسبما جاء في رواية (اللص والكلاب)
ظل سعيد مهران اللص السابق، وفور خروجه من السجن يعمل ليل نهار للوصول لمن سبب له السجن وضياع امواله وزوجته منه، بينما ظلت الكلاب (وهم اللصوص سارقو اللص) سارحة مرتاحة تتحرك بحرية وأمان، وتواصل خططها وأفعالها الانتهازية والنفعية والأنانية لتظل سيدة الموقف في البلاد.
ففي رواية (اللص والكلاب) والتي منح نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب عليها وعلى غيرها من رواياته، تصور الجشع والخداع والغش والتحكم الظالم لحياة الناس العاديين والبسطاء، وحتى إن كبار أعداء الحرية ويسميهم نجيب محفوظ (الكلاب)، ربما لأن الكلاب الضالة تعيش على الاعتداء على كل من يواجهها، إنسانا او حيوانا، حيا او ميتاً، ومهما مرت السنوات على هذه الرواية وتقادمت فتظل معاصرة واصفة حياة الناس في البلاد العربية، وللأسف وبرغم مرور ما يقارب خمسين عاما على تأليف هذه الرواية، إلا أنها تظل حاضرة ومعبرة عن الظروف العربية المعاصرة بدقة، فلا نجد بلدا عربيا واحدا تطور او وصل لظروف متقدمة للحياة في ظل الحرية والديمقراطية والمواطنة الصالحة، او على الأقل لتطبيق قوانين رادعة لِطُغَمِ الفساد بل نرى ان الامور تتجه لهدم أي طموح شعبي للحياة الكريمة والقويمة.
أغنياء النصب واستغلال المناصب والرشوة والخيانة نسميهم لصوص في دارج الكلام، لكنه الفساد، فاللص هو مارق يسرق ماليس له حق به، فلماذا سماهم نجيب محفوظ (الكلاب) في روايته المعنونة (اللص والكلاب) إن المفسدين ومشجعي الفساد ونهب المال العام، او مال الغير هم لصوص لا يوفرون أحداً في اي بلد، وحين لا يجدون فرصة لاستغلال إنسان نظيف او بسيط او نزيه او مسالم، فإنهم يستديرون على بعضهم وأمثالهم من اللصوص، ليستولوا على ما غنمه اللص الآخر، ولو جزئيا، وإلا فقد يتمكنوا من الاستيلاء على كامل غنيمة اللص المنافس، حسدا أو غيرة او طمعا، فيكيدوا له بكل الوسائل التي يستطيعون الوصول لها لكي يغنم بحصة شريكه اللص او لصا غريما او منافسا، ولو بالتخلص منه بقتله او بسجنه او بتوريطه في أي قضيه، ليستغل غيابه ويستولي على ما تجمع لدى اللص الآخر او الشريك من مال حرام او حتى حلال.
وأعود لنفس سؤالي في بداية كلامي، لماذا سماهم نجيب محفوظ الكلاب، ولم يكتف بمسمى اللصوص، إننا نعرف أن الكلب حيوان وفيٌّ ومخلص وامين لراعيه وصاحبه ، حتى ولأصدقاء صاحبه، فما الذي جعل محفوظ يسميهم (الكلاب) هل لأن المسلم يعتبر ان الكلب نجس فابتعدوا عنه، واجتنبوه، حى لو احتجتم لخدماته في حراسة بيوتكم وانفسكم وما شيتكم، ابتعدوا عنه ولا تقتربوا منه، أو لأننا نربي الكلاب لتعقر وتعوي وتهجم على الغريب حين يقترب من موطنه وحظيرته، وبعد أن نعرف ان اللص الشريك لم يكتف بالإيقاع بشريكه وسجنه، في رواية (اللص والكلاب) بل تعدى ذلك بكثير وبغدر خسيس أبعد من أي حسابات، فنجح اللص (عليش) في إغراء زوجة شريكه وإغوائها وأقنع (نبوية) زوجة سعيد مهران بأن تطلق زوجها المسجون، وتزوج هو بها، واستولى على كل أمواله وممتلكاته عبر نبوية، ولم يكتف حتى بكل هذا، فحين خانت نبوية امانة زوجها الغائب، وقبولها الزواج من صديق زوجها، ضمت معها ابنتها ســناء، التي أصبحت بعمر ست سنوات حين خرج والدها سعيد مهران من السجن مكملا مدة الحكم عليه.
ويهمنا أن نشير هنا إلى أن دراسة روايات نجيب محفوظ تمت في معظمها ب (الدراسة الخارجية) والتي تعني تفسير النصوص الأدبية على ضوء سياقها الاجتماعي والتاريخي، أي أن دارسي النصوص الذين يستخدمون المناهج الخارجية في دراسة الأدب يسعون إلى تأسيس نوع من العلاقة السببية والحتمية بين الأثر الأدبي وكاتبه، وبيئته،ويحللون النصوص الأدبية على ضوء العوامل المحددة للإبداع الفني كالاجتماع والاقتصاد والسياسة. وحسب علمنا فإن قلة اهتموا بدراسة أدبه (من الداخل) ويقول الناقد اللبناني موريس او ناضر، اي البحث عن الخصائص التي تبحث عن البنى الأسلوبية والحكائية والإيقاعية في الأثر الأدبي. وتركز على وصف البنى الخاصة بالأدب، وتعنى بوصف اللغة وتفسير مستوياتها (الصوتية والتركيبية والدلالية) وهنا في هذه الكتابة نعترف بأن دراستنا هذه ايضا هي من الخارج.
فهل مازال لنا الحق ان نسمي أمثال هؤلاء المجرمين بالكلاب؟ علماً بأن الكلاب لاتغدر ولا تنهب ممتلكات معارفها الأبرياء، ولا تعتدي على المال العام، فالانتهازيون والمفسدون هم الذي يغدرون بالأهل والوطن والناس، إذ يبتزون خيراتهم علنا او سرقة او غدرا او احتيالا، ثم يتحكمون بأرزاق العباد وارواحهم وحرياتهم، وكل مافي بيوتهم.، يقول اللص الظريف المظلوم لصديقته نور ((لا تكذبي، إن من يعاني الظلمة والوحدة والانتظار لايطيق الكذب)) صفحة 103
سعيد مهران اللص الذي قضى في السجن اربع سنوات في المرة الأولى ، حيث قام شريكه عليش بالاستيلاء على زوجته وامواله وربما اعتقل ابنته مع امها، يقول سعيد مهران ساخرا من شريكه اللص التابع، ساخرا منه ومن الزمن، حيث يقول، ((أنسيت يا عليش كيف كنت تتمسح في ساقي كالكلب، ألم أعلمك الوقوف على قدمين؟ ومن الذي جعل من جامع الأعقاب رجلا،؟ )) صفحة 8 من االطبعة الشعبية الرخيصة، وفي نفس الصفحة يقول عن زوجته، ((لم تنس وحدك يا عليش، ولكنها نسيت ايضا تلك المرأة النابتة في طينة نتنة اسمها الخيانة))، فيقرر سعيد مهران الانتقام من شريكه والذي اصبح خصمه، لأنه يريد استعادة ابنته ســناء أولا، والتي لم تقبل السلام عليه او قبوله حين ذهب لزيارتها، فصار همه ان يخلصها من ذلك الآسر الشــرّير، ويتخلص من غريمه الذي اعتبره انه أعدى أعدائه، او ليخلص امواله منه، ومن اقوال سعيد مهران (أليس عدلا ان ما يؤخذ بالسرقة ، فبالسرقة يجب أن يسترد؟ ثم هتف غاضبا، إني أتعلم بعيدا عن أهلي وأكابد كل يوم عذابا وجوعا وحرمانا)) صفحة 90
والقارئ الذي لم يتمكن من قراءة هذه الرواية القصيرة نوعا ما، يتساءل: هل نجح سعيد مهران في مساعيه وخبراته ومغامراته؟ أقول نعم نجح في مرات عدة، وأوشك أن ينال من غريمه الأساس، وفي الحالتين التي ظفر فيهما بغريمه ينجو اللص الأصيل الغادر، ويقتل سعيد مهران شخصاً آخر بدلا منه، أي انه قتل شخصين بريئين في موقعين متباعدين وزمنين مختلفين، ونخشى الظن هنا بأن هدفنا هو تلخيص قصة الرواية، لكن بسبب تزايد خبرة اللص الخائن عليش وعلاقاته مع الأمن والاستخبارات والرجال المخبرين العاملين على حسابه، تم الإيقاع ب اللص الناقم الحاقد سعيد مهران، وأوقعوه في يد السلطة والشرطة ثانية، ليعود للسجن من جديد لفترة اطول بكثير مما سبق، لأنه تسبب في قتل شخصين بريئين، وربما يتم الحكم عليه بالإعدام، والرواية لم تظهر ما حدث له بعد إلقاء القبض عليه، ويظل المتعوس متعوس، وهذا هو جزاء اللص واللصوصية، ويقول سعيد مهران ((إن من يقتلني إنما يقتل الملايين، أنا الحلم والأمل وفدية الجبناء)) صفحة 120
ويظل سؤالنا عالقا، لماذا سمى نجيب محفوظ اللصوص بالكلاب، وهل للشعوب ان تسمي لصوصها والمفسدين بالكلاب؟ لكن كاتب هذه السطور يقول، ((الكلاب في بلاد العرب فقط ينتصرون دائما، ارصدتهم كثيرة، وحيطانهم عالية،، وحين يقتربون من الوقوع في المصيدة ويخسرون، يدمرون ما تقدم وما تأخر، وعلى طريقة شمشون، ((عليّ وعلى أعدائي))
اللص عادة هو من يسرق، والكلاب عادة هي التي تنبح على اللص وتطارده لتمنعه من تنفيذ السرقة أو لإبعاده وتخويفه، لكن الشيخ نجيب محفوظ، جعل اللص هو الذي يطارد الكلاب، ليصبح العنوان أكثر إثارة، يثير فضول القارئ كيف انقلب المفهوم عبر نص أدبي مميز، مع ان الحكاية ليست غريبة على المجتمعات العربية، لكنه نجيب محفوظ هو الذي يعرف تفاعلات
الحياة ومناقضاتها. فنسج لنا قصة تحملنا معها يوما بيوم، ومنذ الصفحات الأولى للرواية، لتجعل اللص السابق، مهموما ومشغولا بالانتقام ممن ظلموه وخانوه واعتدوا على شرفه وامتدت أيديهم لرزقه وماله الذي شقي كثيرا حتى وفره، وزاد تمادي خونة الأمانة والصداقة بأن استولوا حتى على زوجته وابنته، إذ لم تكفهم مصادرة أمواله وأملاكه.
فاللص السابق سعيد مهران يطارد الكلاب لينتقم منهم، بعد أن استولوا على نتاج مغامراته وسرقاته، وفور خروجه من السجن واكتشافه كل ما جرى له، ومنذ اليوم ا لأول خطط وعلى عجل للإيقاع باللصوص الثلاثة الرئيسيين واحدا إثر الآخر، لكن دعنا نتعجل إعلان ما جرى له، إذ أوقعه الراوي نجيب محفوظ في النهاية في يد الأمن، دون أن يحقق هدفه، بعد جهوده المضنية حسبما جاء في رواية (اللص والكلاب)
ظل سعيد مهران اللص السابق، وفور خروجه من السجن يعمل ليل نهار للوصول لمن سبب له السجن وضياع امواله وزوجته منه، بينما ظلت الكلاب (وهم اللصوص سارقو اللص) سارحة مرتاحة تتحرك بحرية وأمان، وتواصل خططها وأفعالها الانتهازية والنفعية والأنانية لتظل سيدة الموقف في البلاد.
ففي رواية (اللص والكلاب) والتي منح نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب عليها وعلى غيرها من رواياته، تصور الجشع والخداع والغش والتحكم الظالم لحياة الناس العاديين والبسطاء، وحتى إن كبار أعداء الحرية ويسميهم نجيب محفوظ (الكلاب)، ربما لأن الكلاب الضالة تعيش على الاعتداء على كل من يواجهها، إنسانا او حيوانا، حيا او ميتاً، ومهما مرت السنوات على هذه الرواية وتقادمت فتظل معاصرة واصفة حياة الناس في البلاد العربية، وللأسف وبرغم مرور ما يقارب خمسين عاما على تأليف هذه الرواية، إلا أنها تظل حاضرة ومعبرة عن الظروف العربية المعاصرة بدقة، فلا نجد بلدا عربيا واحدا تطور او وصل لظروف متقدمة للحياة في ظل الحرية والديمقراطية والمواطنة الصالحة، او على الأقل لتطبيق قوانين رادعة لِطُغَمِ الفساد بل نرى ان الامور تتجه لهدم أي طموح شعبي للحياة الكريمة والقويمة.
أغنياء النصب واستغلال المناصب والرشوة والخيانة نسميهم لصوص في دارج الكلام، لكنه الفساد، فاللص هو مارق يسرق ماليس له حق به، فلماذا سماهم نجيب محفوظ (الكلاب) في روايته المعنونة (اللص والكلاب) إن المفسدين ومشجعي الفساد ونهب المال العام، او مال الغير هم لصوص لا يوفرون أحداً في اي بلد، وحين لا يجدون فرصة لاستغلال إنسان نظيف او بسيط او نزيه او مسالم، فإنهم يستديرون على بعضهم وأمثالهم من اللصوص، ليستولوا على ما غنمه اللص الآخر، ولو جزئيا، وإلا فقد يتمكنوا من الاستيلاء على كامل غنيمة اللص المنافس، حسدا أو غيرة او طمعا، فيكيدوا له بكل الوسائل التي يستطيعون الوصول لها لكي يغنم بحصة شريكه اللص او لصا غريما او منافسا، ولو بالتخلص منه بقتله او بسجنه او بتوريطه في أي قضيه، ليستغل غيابه ويستولي على ما تجمع لدى اللص الآخر او الشريك من مال حرام او حتى حلال.
وأعود لنفس سؤالي في بداية كلامي، لماذا سماهم نجيب محفوظ الكلاب، ولم يكتف بمسمى اللصوص، إننا نعرف أن الكلب حيوان وفيٌّ ومخلص وامين لراعيه وصاحبه ، حتى ولأصدقاء صاحبه، فما الذي جعل محفوظ يسميهم (الكلاب) هل لأن المسلم يعتبر ان الكلب نجس فابتعدوا عنه، واجتنبوه، حى لو احتجتم لخدماته في حراسة بيوتكم وانفسكم وما شيتكم، ابتعدوا عنه ولا تقتربوا منه، أو لأننا نربي الكلاب لتعقر وتعوي وتهجم على الغريب حين يقترب من موطنه وحظيرته، وبعد أن نعرف ان اللص الشريك لم يكتف بالإيقاع بشريكه وسجنه، في رواية (اللص والكلاب) بل تعدى ذلك بكثير وبغدر خسيس أبعد من أي حسابات، فنجح اللص (عليش) في إغراء زوجة شريكه وإغوائها وأقنع (نبوية) زوجة سعيد مهران بأن تطلق زوجها المسجون، وتزوج هو بها، واستولى على كل أمواله وممتلكاته عبر نبوية، ولم يكتف حتى بكل هذا، فحين خانت نبوية امانة زوجها الغائب، وقبولها الزواج من صديق زوجها، ضمت معها ابنتها ســناء، التي أصبحت بعمر ست سنوات حين خرج والدها سعيد مهران من السجن مكملا مدة الحكم عليه.
ويهمنا أن نشير هنا إلى أن دراسة روايات نجيب محفوظ تمت في معظمها ب (الدراسة الخارجية) والتي تعني تفسير النصوص الأدبية على ضوء سياقها الاجتماعي والتاريخي، أي أن دارسي النصوص الذين يستخدمون المناهج الخارجية في دراسة الأدب يسعون إلى تأسيس نوع من العلاقة السببية والحتمية بين الأثر الأدبي وكاتبه، وبيئته،ويحللون النصوص الأدبية على ضوء العوامل المحددة للإبداع الفني كالاجتماع والاقتصاد والسياسة. وحسب علمنا فإن قلة اهتموا بدراسة أدبه (من الداخل) ويقول الناقد اللبناني موريس او ناضر، اي البحث عن الخصائص التي تبحث عن البنى الأسلوبية والحكائية والإيقاعية في الأثر الأدبي. وتركز على وصف البنى الخاصة بالأدب، وتعنى بوصف اللغة وتفسير مستوياتها (الصوتية والتركيبية والدلالية) وهنا في هذه الكتابة نعترف بأن دراستنا هذه ايضا هي من الخارج.
فهل مازال لنا الحق ان نسمي أمثال هؤلاء المجرمين بالكلاب؟ علماً بأن الكلاب لاتغدر ولا تنهب ممتلكات معارفها الأبرياء، ولا تعتدي على المال العام، فالانتهازيون والمفسدون هم الذي يغدرون بالأهل والوطن والناس، إذ يبتزون خيراتهم علنا او سرقة او غدرا او احتيالا، ثم يتحكمون بأرزاق العباد وارواحهم وحرياتهم، وكل مافي بيوتهم.، يقول اللص الظريف المظلوم لصديقته نور ((لا تكذبي، إن من يعاني الظلمة والوحدة والانتظار لايطيق الكذب)) صفحة 103
سعيد مهران اللص الذي قضى في السجن اربع سنوات في المرة الأولى ، حيث قام شريكه عليش بالاستيلاء على زوجته وامواله وربما اعتقل ابنته مع امها، يقول سعيد مهران ساخرا من شريكه اللص التابع، ساخرا منه ومن الزمن، حيث يقول، ((أنسيت يا عليش كيف كنت تتمسح في ساقي كالكلب، ألم أعلمك الوقوف على قدمين؟ ومن الذي جعل من جامع الأعقاب رجلا،؟ )) صفحة 8 من االطبعة الشعبية الرخيصة، وفي نفس الصفحة يقول عن زوجته، ((لم تنس وحدك يا عليش، ولكنها نسيت ايضا تلك المرأة النابتة في طينة نتنة اسمها الخيانة))، فيقرر سعيد مهران الانتقام من شريكه والذي اصبح خصمه، لأنه يريد استعادة ابنته ســناء أولا، والتي لم تقبل السلام عليه او قبوله حين ذهب لزيارتها، فصار همه ان يخلصها من ذلك الآسر الشــرّير، ويتخلص من غريمه الذي اعتبره انه أعدى أعدائه، او ليخلص امواله منه، ومن اقوال سعيد مهران (أليس عدلا ان ما يؤخذ بالسرقة ، فبالسرقة يجب أن يسترد؟ ثم هتف غاضبا، إني أتعلم بعيدا عن أهلي وأكابد كل يوم عذابا وجوعا وحرمانا)) صفحة 90
والقارئ الذي لم يتمكن من قراءة هذه الرواية القصيرة نوعا ما، يتساءل: هل نجح سعيد مهران في مساعيه وخبراته ومغامراته؟ أقول نعم نجح في مرات عدة، وأوشك أن ينال من غريمه الأساس، وفي الحالتين التي ظفر فيهما بغريمه ينجو اللص الأصيل الغادر، ويقتل سعيد مهران شخصاً آخر بدلا منه، أي انه قتل شخصين بريئين في موقعين متباعدين وزمنين مختلفين، ونخشى الظن هنا بأن هدفنا هو تلخيص قصة الرواية، لكن بسبب تزايد خبرة اللص الخائن عليش وعلاقاته مع الأمن والاستخبارات والرجال المخبرين العاملين على حسابه، تم الإيقاع ب اللص الناقم الحاقد سعيد مهران، وأوقعوه في يد السلطة والشرطة ثانية، ليعود للسجن من جديد لفترة اطول بكثير مما سبق، لأنه تسبب في قتل شخصين بريئين، وربما يتم الحكم عليه بالإعدام، والرواية لم تظهر ما حدث له بعد إلقاء القبض عليه، ويظل المتعوس متعوس، وهذا هو جزاء اللص واللصوصية، ويقول سعيد مهران ((إن من يقتلني إنما يقتل الملايين، أنا الحلم والأمل وفدية الجبناء)) صفحة 120
ويظل سؤالنا عالقا، لماذا سمى نجيب محفوظ اللصوص بالكلاب، وهل للشعوب ان تسمي لصوصها والمفسدين بالكلاب؟ لكن كاتب هذه السطور يقول، ((الكلاب في بلاد العرب فقط ينتصرون دائما، ارصدتهم كثيرة، وحيطانهم عالية،، وحين يقتربون من الوقوع في المصيدة ويخسرون، يدمرون ما تقدم وما تأخر، وعلى طريقة شمشون، ((عليّ وعلى أعدائي))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.