الآن ..
يهطل المطر بغزارة ، أتابعه من وراء نافذة غرفتي وقد التحفت ببطانيتي ، أسرح بجماله الأخاذ ، واشرد بتفكيري بعيدًا عن الحياة وهمومها والأخبار الصباحية الكئيبة التي تتحدث عن التصعيدات الإسرائيلية واحتمالية اقتراب شن حرب جديدة على غزة.
اشرد بعيدًا وأتابع قطرات المطر ، تارةً وهي تسقط على الإسفلت وتارةً أخرى وهي ترتطم بحواف النافذة محدثة صوتًا موسيقيًا ناعمًا ، أشاهدها وهي تغسل النفوس المتعبة والأرواح المرهقة ، تنظف الشوارع المُتربة والنوافذ المُغبرة وتعيد لوجوه الأشياء ألوانها الأصلية.
استمتعت بذلك الشرود الذي لم يدم طويلاً ، فقد لمحت بعض الثياب المنشورة على حبل غسيل جارنا العجوز ، وتساءلت في نفسي أين هو ؟! ولماذا ترك ثيابه على الحبل في هذا الجو الماطر ، ألا يخاف أن تتبلل الملابس؟
انتظرت ومازلت انتظر أن يخرج إلى شرفته ويجمع ثيابه لكنه لم يفعل حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ، يا ترى أين هو ؟ شغلني هذا السؤال وأنساني المطر وقطراته ، وبدأت أضع بعض الاحتمالات والكثير من التصورات والسيناريوهات.
السيناريو الأول:
ربما كان متعبًا منذ ليلة الأمس بعد أن قضى الساعات الطوال أمام شاشات التلفاز يتابع نشرات الأخبار ، فلم يغادر سريره حتى الآن.
السيناريو الثاني:
ربما انقطاع التيار الكهربائي طوال الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح أرَّقه وزاد من توتره وحرمه من النوم ، فحاول أن يعوض تلك الساعات بالنوم في هذا الصباح ونسي أمر المطر والثياب.
السيناريو الثالث:
ربما غادر مسرعًا هذا الصباح وتوجه إلى ويسترن يونيون – فرع غزة لإيداع مبلغ من المال لابنه الطالب المغترب في روسيا والذي لم يعد حتى الآن رغم انقضاء أكثر من عشر سنوات على سفره.
السيناريو الرابع:
ربما أيقظته ابنته المتزوجة من نومه بعد أن عصفت المشاكل بينها وبين زوجها وطالبته بالتدخل السريع لحل الأزمة فيما بينهما.
السيناريو الخامس:
ربما خرج هائمًا على وجهه ، بعد ليلة حرمان طويلة ، يبحث عن شريكة جديدة لحياته بعد رحيل الشريكة الأولى قبل عشرين عامًا ، لتشاركه في فطوره الصباحي وقهوته ، تعد له الطعام الشهي بعد أن فقد قدرته على إتقانه ، تغسل له ثيابه وتكويها ولا تنساها على حبل الغسيل أثناء هطول المطر.
السيناريو السادس:
هو السيناريو المفزع الذي لا أرغب في تصوره أو حتى التفكير فيه ، وهو إصابته بنوبة قلبية مفاجئة أثناء إعداده لقهوة الصباح ، أراه وحيدًا بالمنزل ، وأراها قهوة منسكبة على أرضية المطبخ وبجوارها جسد مسجى غادرته الروح للتو.
توقفت عن كتابة السيناريوهات المحتملة ، اقتربت من النافذة أكثر والتصقت بها ، نظرت إلى باب الشرفة المغلق وإلى نباتات الزينة التي رصَّها ، قبل يومين ، على حوافي شرفته وسألتهم بقلق يشوبه الخوف: أين هو ؟!
لم احصل على إجابة ، ومازلت انتظر حصولي عليها منذ أكثر من ثلاث ساعات.
*كاتبة من فلسطين
يهطل المطر بغزارة ، أتابعه من وراء نافذة غرفتي وقد التحفت ببطانيتي ، أسرح بجماله الأخاذ ، واشرد بتفكيري بعيدًا عن الحياة وهمومها والأخبار الصباحية الكئيبة التي تتحدث عن التصعيدات الإسرائيلية واحتمالية اقتراب شن حرب جديدة على غزة.
اشرد بعيدًا وأتابع قطرات المطر ، تارةً وهي تسقط على الإسفلت وتارةً أخرى وهي ترتطم بحواف النافذة محدثة صوتًا موسيقيًا ناعمًا ، أشاهدها وهي تغسل النفوس المتعبة والأرواح المرهقة ، تنظف الشوارع المُتربة والنوافذ المُغبرة وتعيد لوجوه الأشياء ألوانها الأصلية.
استمتعت بذلك الشرود الذي لم يدم طويلاً ، فقد لمحت بعض الثياب المنشورة على حبل غسيل جارنا العجوز ، وتساءلت في نفسي أين هو ؟! ولماذا ترك ثيابه على الحبل في هذا الجو الماطر ، ألا يخاف أن تتبلل الملابس؟
انتظرت ومازلت انتظر أن يخرج إلى شرفته ويجمع ثيابه لكنه لم يفعل حتى لحظة كتابة هذه الكلمات ، يا ترى أين هو ؟ شغلني هذا السؤال وأنساني المطر وقطراته ، وبدأت أضع بعض الاحتمالات والكثير من التصورات والسيناريوهات.
السيناريو الأول:
ربما كان متعبًا منذ ليلة الأمس بعد أن قضى الساعات الطوال أمام شاشات التلفاز يتابع نشرات الأخبار ، فلم يغادر سريره حتى الآن.
السيناريو الثاني:
ربما انقطاع التيار الكهربائي طوال الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح أرَّقه وزاد من توتره وحرمه من النوم ، فحاول أن يعوض تلك الساعات بالنوم في هذا الصباح ونسي أمر المطر والثياب.
السيناريو الثالث:
ربما غادر مسرعًا هذا الصباح وتوجه إلى ويسترن يونيون – فرع غزة لإيداع مبلغ من المال لابنه الطالب المغترب في روسيا والذي لم يعد حتى الآن رغم انقضاء أكثر من عشر سنوات على سفره.
السيناريو الرابع:
ربما أيقظته ابنته المتزوجة من نومه بعد أن عصفت المشاكل بينها وبين زوجها وطالبته بالتدخل السريع لحل الأزمة فيما بينهما.
السيناريو الخامس:
ربما خرج هائمًا على وجهه ، بعد ليلة حرمان طويلة ، يبحث عن شريكة جديدة لحياته بعد رحيل الشريكة الأولى قبل عشرين عامًا ، لتشاركه في فطوره الصباحي وقهوته ، تعد له الطعام الشهي بعد أن فقد قدرته على إتقانه ، تغسل له ثيابه وتكويها ولا تنساها على حبل الغسيل أثناء هطول المطر.
السيناريو السادس:
هو السيناريو المفزع الذي لا أرغب في تصوره أو حتى التفكير فيه ، وهو إصابته بنوبة قلبية مفاجئة أثناء إعداده لقهوة الصباح ، أراه وحيدًا بالمنزل ، وأراها قهوة منسكبة على أرضية المطبخ وبجوارها جسد مسجى غادرته الروح للتو.
توقفت عن كتابة السيناريوهات المحتملة ، اقتربت من النافذة أكثر والتصقت بها ، نظرت إلى باب الشرفة المغلق وإلى نباتات الزينة التي رصَّها ، قبل يومين ، على حوافي شرفته وسألتهم بقلق يشوبه الخوف: أين هو ؟!
لم احصل على إجابة ، ومازلت انتظر حصولي عليها منذ أكثر من ثلاث ساعات.
*كاتبة من فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.