الصفحات

ضياع ــ قصة قصيرة ... **ناديا ابراهيم

كانت تجلس على الأريكة الرابضة على المنصة، مثل طير ذبيح تاه عن سرب من الطيور
المهاجرة في السماء،العيون الساهرة حولها في القاعة ترقب الوليمة الفاخرة التي ستمضي
بعد قليل إلى حتفها في زمن انتحرت فيه المشاعر بناب أسود ولم تعد تدمع العيون في
المحاجر،إلى جوارها كانت تجلس امرأة تثرثر بكلمات مبهمة تصل إلى أذنيها مثل أشياء
منفرة:
_ العروس لاجئة والله يحب السترة.
بينما أخرى كان يأكلها الحسد والغيرة،تتحسس جسدها الرشيق وتعلق بهمس خفيف ومضطرب:
_ ماأجمل حظها، العريس غني ،يملك المال والعقارات!

وثالثة تقلب شفتيها ممتعظة :
_ ما أعظم سرك يارب فقد خلقتنا من تراب ومن نفس واحدة ،
ليتني أحظى بمثلها لابني !.
وهي صامتة لا حول لها ولا قوة، تنكمش على نفسها مثل طحالب يابسة في قاع البحر، يأخذها
فكرها نحو البعيد، إلى حيث أمها التي ماتت على درج البناء الذي كانت تشطفه خلال سنوات
الحرب،يومها طبطبت على كتفها جدتها ، وقالت لها وهي تحضن طفولتها المشردة،وتشفق على حالها من عثرات الزمن،
كما لو أنها تتنبأ بتاريخها المكتوب على جبينها:
_ كل الطرق يا ابنتي تؤدي إلى الطاحون!
ترى أي الطرق تسلك لتزوغ عن قدرها! وهي التي تجرعت كأس المرار بعد وفاة أمها!
عند انتهاء الحفل قادتها النسوة إلى عش الزوجية ،أمام الخلق، شيعها والدها بعينين حزينتين ،
خيل لها أن المال صار يجري بين يديه كماء النهر،
حين وطئت قدماها عتبة الباب،ورأت أولاده الأربعة ينكسون أعلام الفرح المجنون ،
صرخت بأعلى صوتها،اعيدوا لي ألعابي يا ناس!
أرجوكم!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.