*انتحار…
دخلت الشّرطة البيت فوجدت البنت معلّقة و مشنوقة و الأب على الأرض مُغمى عليه.
دخل الأخ البيت عائدا من دراسته ليُصعق بالفاجعة.
ماتت أخته المهندسة و نُقل والده للعناية المركزة ليبقى السرّ مجهول.
سألوه عن سبب انتحار أخته فكان جوابه سلبي.
سألوه إن كانت أخته تعاني من مشاكل أو ضغوطات، فقال لهم:
” أختي خريجة كلية الهندسة و هي مهندسة محترمة لم تكن تعاني من شيء أبدا، و ما أذكره أنّ والدي هو الوحيد الذي يعرف شيئا نحن نجهله ربما، فذات يوم دخل غرفتها و لا نعلم ما تحدّثا فيه، فقط خرج بعينين حمراوين و آثار الدّموع بادٍ على وجهه، و لم يحدثنا و لا كلمة يومها فقط طلب منّا ألاّ نزعج أختنا”
و هكذا كان “.
بعد أيام استيقظ الأب من غيبوبته فاستجوبته الشرطة عن سبب انتحار ابنته، فأجهش قائلا:
” كانت تعاني من إرهاق جسدي و نفسي، و يئست من علاج نفسها بعد آخر فحوصات طبية تؤكّد إصابتها بسرطان الدم، و كم ساندتها لكنها فاجأتني بإنهاء حياتها حتى لا تُعذّبني و لا تتعذّب أكثر “
تفاجأ الطبيب الشرعي الذي كان يستمع لحديثهما و قال:” مسكينة ، أنهت حياتها بسبب غلطة استلام نتائج فحصها، أعتذر منك و تعازي ّ، لكن ابنتك لم تكن تعاني من سرطان الدمّ ، ابنتك كان لديها فقر الدم ّ و قد استلمت نتائج غيرها لتتسبّب في هلاكها”.
صُدم الأب و لم ينبس بكلمة ،فقط دموعه المنسابة دون توقّف.
دخلت الشّرطة البيت فوجدت البنت معلّقة و مشنوقة و الأب على الأرض مُغمى عليه.
دخل الأخ البيت عائدا من دراسته ليُصعق بالفاجعة.
ماتت أخته المهندسة و نُقل والده للعناية المركزة ليبقى السرّ مجهول.
سألوه عن سبب انتحار أخته فكان جوابه سلبي.
سألوه إن كانت أخته تعاني من مشاكل أو ضغوطات، فقال لهم:
” أختي خريجة كلية الهندسة و هي مهندسة محترمة لم تكن تعاني من شيء أبدا، و ما أذكره أنّ والدي هو الوحيد الذي يعرف شيئا نحن نجهله ربما، فذات يوم دخل غرفتها و لا نعلم ما تحدّثا فيه، فقط خرج بعينين حمراوين و آثار الدّموع بادٍ على وجهه، و لم يحدثنا و لا كلمة يومها فقط طلب منّا ألاّ نزعج أختنا”
و هكذا كان “.
بعد أيام استيقظ الأب من غيبوبته فاستجوبته الشرطة عن سبب انتحار ابنته، فأجهش قائلا:
” كانت تعاني من إرهاق جسدي و نفسي، و يئست من علاج نفسها بعد آخر فحوصات طبية تؤكّد إصابتها بسرطان الدم، و كم ساندتها لكنها فاجأتني بإنهاء حياتها حتى لا تُعذّبني و لا تتعذّب أكثر “
تفاجأ الطبيب الشرعي الذي كان يستمع لحديثهما و قال:” مسكينة ، أنهت حياتها بسبب غلطة استلام نتائج فحصها، أعتذر منك و تعازي ّ، لكن ابنتك لم تكن تعاني من سرطان الدمّ ، ابنتك كان لديها فقر الدم ّ و قد استلمت نتائج غيرها لتتسبّب في هلاكها”.
صُدم الأب و لم ينبس بكلمة ،فقط دموعه المنسابة دون توقّف.
*دروب حالكة
في يوم مشرق خرجت العائلة المكونة من الأب و الأم و الطفلة الرضيعة ذات الثلاث أشهر في نزهة بالسيارة خارج المدينة، كان الوالدان سعيدان بتلك الطفلة و أمضوا يوما جميلا،و أثناء العودة اصدمت بهم شاحنة فقتلتهم إلا الطفلة التي شاءت الأقدار لها أن تعيش يتيمة من دون حنانهما.
تنازعت عليها الخالتان لتربيتها،لتأخذها جدتها لأمها و تربيها و أرضعتها مع أصغر ابن خالة لها،و لا أحد علم أنها كانت ترضعهما معا إلا الخالة الوسطى.
كبرت و كانت نجيبة في دراستها و مُدللة جدتها و البارة بها.
مضت الأعوام و هرمت الجدّة و صارت لا تتذكر الكثير.
قرر ابن الخالة الزواج و اختار ابنة خالته تلك و فرح الجميع و تزوجها و عاش أجمل أيام حياتهما من مودة و حبّ، لم يُعكّر حياتهما سوى أنهما لم يتمكّنا من إنجاب أطفال طوال خمسة و ثلاثين عاما.
ماتت الجدة و لم يخبرها أحد بوفاتها إلا بعد سنين لأنها كانت تعيش بعيدة عن الجميع.
ذات مساء،اتصلت بها الخالة الوسطى تؤنّبها:
أنت ناكرة الجميل، كيف لم تحضري عزاء جدتك التي ربتك و سهرت عليك و درستك و جعلتك امرأة و زوجتك؟
فأجابت:
لم يتصل بي أحد و لم يخبرني و لا واحد في العائلة،و انهمرت بالبكاء.
فقالت لها:
تبقين متعجرفة أيتها الماكرة للجميل، سأخبرك أمرا لا يعلمه سواي و جدتك.. ذلك الذي تزوجتيه،ليس ابن خالتك،إنه أخوك من الرضاعة، لقد كانت ترضعكما معا.. و أغلقت الخط.
جُنّ جنونها و أخذت المسكينة تلطم و تصرخ .. أربعون عاما و أنا متزوجة من أخي!!!.. يا الله.. يا الله.. لماذا فعلوا بي هذا؟!
يا رب .. اين اذهب؟.. يا رب أي ذنب اذنبناه معا؟..
وظبت اغراضها مقررة الهرب من البيت و إذا به يعود و يتفاجأ و ينصدم من هول الفاجعة و قال:
لكن أين ستذهبين؟ لا أهل لديك؟ أنا كل أهلك!
حسنا سنتطلق ،لكن لا تغادري البيت،ابقي هنا،سأعطيك غرفة، لا مكان لديك لتذهبي إليه.
أصرت على المغادرة قائلة:
ارض الله واسعة، افضل المبيت في الشارع فوق رصيف على أن أرى جريمتنا معا.. أنت أخي ..هل تفهم هذا؟
اختفت لعدة أعوام و لا احد يعرف مكانها ..رغم أنه بحث عنها كثيرا خوفا عليها من غدر الزمان و هي لا تعرف أحدا و لا تملك مساندا.
بعد عشر سنوات ، طرقت بابه متوسلة:
أرجوك امنحني غرفة في بيتك ،اصبحت عجوزة و أنا أطوف بيوت الناس كخادمة لهم،انا مريضة و لا طاقة لي بالعمل،انا جد منهارة و كل عضو من جسدي يؤلمني، امنحني مكانا لأنام فيه،فأنا جدّ متعبة.. أرجوك،أتوسل إليك.. كانت تتكلم و دموعها منهمرة.
ظهرت زوجته التي كانت تسمع حديثها و قالت:
لا مكان لك هنا،و لا تُفكري بالعودة لهذا البيت أبدا، أغربي عن وجهي.. و تذكري إنه زوجي و هذا بيتي.. اذهبي.. غادري.. هيا..
صُدمت و هي تُطرد بهذه الوحشية ،و التفتت إليه علّه يتكلم،لكنه بقي صامتا و دموعه تنهمر و لم ينبس بكلمة.
أمسكت عكازها و هي تبكي و غادرت لوحدها بعد أيام عثرت عليها الشرطة ميتة و متجمدة من البرد فوق رصيف.. ماتت المسكينة جوعا و بردا.
*صدمة قاتلة…
كتمتْ أوجاعها و لم تخبر أحدا، كانت جدّ هادئة و نشيطة كعادتها، ابتسامتها لا تُفارق محياها و لو في حزنها.
ألمها كان يُمزّق أحشاءها و هي لا تشتكي، فقط تحتمل بصمت عجيب!
وحدها فقط كانت تعرف أنها تودع الدنيا.
تلك الليلة باتت سعيدة جدا لأنه كتب لها شعرا رومانسيا أحست بكلماته بشعورها المرهف و بكل قطعة من جسدها.
غفت و هي تحتضن الورقة و نامت نومتها الأبدية.
في الغد،وجدتها شقيقتها متحجّرة في غرفتها و تلك الورقة بين أحضانها كدميتها المفضلة و هي طفلة.
صُعقت و هي تتلمّس أطرافها الباردة و جسدها البارد جدا.
صرخت بأعلى صوتها،فاجتمع أهل البيت و الجميع في حالة صدمة!
كيف ماتت؟
ما سبب موتها؟
حضر الطبيب الشرعي و أخذوها للمشرحة ليعرفوا سبب الوفاة.
و في المساء أخباروهم أنها كانت تعاني من سرطان القولون.
فتعجبت والدتها: ” كيف لم نكن نعلم؟”
فأجابها طبيب من بينهم: ” كانت في آخر أيامها، و أنا كنت أعطيها مهدئات للألم، طلبت مني أن أحتفظ بسرها فوفّيت بوعدي”
بكى الجميع، و هم متعجبون من قوتها التي احتملتْ ألمًا كهذا ،و فارقتهم و هي بابتسامتها المعتادة.
لاحظ صديقها صاحب الورقة غيابها لأسبوع ،فسأل زميلة لها عنها ،فأجابته بوفاتها.
صُدم و أحسّ أنّه الأتعس لأنه فقدها للأبد و لم يرها أو يُودّعها على الأقل.
لكنه لم يعرف أنه جعلها تموت و هي سعيدة بشذرته التي كتبها لها ذلك اليوم.. فقد غادرت الحياة و هي تحمل جناحين حلّقا بها حيث لا عودة.
*بين الماضي والمستقبل
رأى الحاضر حبيبته السابقة فقال لصديقه:
– بما إنها أصبحت ” سابقة ” فلم تكُن حبيبتي يوماً!
– ماذا حدث؟
– لقد افترقنا وتوقف كل شيء كأننا فيلم وخرج فجأةً من الشريط!
– هل تركتها أنت؟
– لا لم أفعل…. ولم تتركني هي
– إذاً ماذا حدث؟
– أظن أن الحُب هو الذي تركنا يا صديقي.
– وماذا بعد؟
– كان عندي رفيقة مقربة سألتها يوماً ” لم قد تترك الفتاة رجلاً تُحبه؟ ” فقالت لي:
” أنا فتاة وأعرف كيف تُفكر النساء، الفتاة لا تترك رجلاً تحبه إلا إذا وجدت رجلاً آخر تحبه أكثر. صدقني وإن لم يكن هذا هو السبب فهي لم تكُن تحبك وتريدك منذ البداية وصنعت لنفسها وهماً وأغرقتكَ فيه، لأنها كانت تمر بهشاشة نفسية مؤقتة وكانت تريد أي جدار تستند عليه، وكنت أنت ذلك الجدار “، لقد كانت محقة كثيراً رفيقتي تلك.
بمرور الأيام سمعت أن حبيبتي ” السابقة ” تزوجت كما شاهدتها تُمسك يد زوجها وكانت سعيدة جداً ولديها أولاد، بل تكاد الفرحة تغمرها من أعلى رأسها لأخمص قدميها، تركتني لأنها أحبته أكثر مني وهذا مصداق لكلام رفيقتي.
– ألم تعُد تُكلمها؟
– لا، فيم نتكلم يا ترى؟ كان كلامنا كله حباً وشعراً وغزلاً، أما الآن فقد تغير كُل شيء ففي أعراف الرجولة، من البائس أن تعلق قلبكَ بامرأة متزوجة، تركتها لحياتها، هي تمتلك من الأصدقاء والأحباب العدد الكثير وأظنها نسيتني ونسيتْ أيامنا وضحكاتنا وأحاديثنا التي كانت تُلامس خيوط الفجرِ كُل يوم، هي تمتلك في حياتها تفاصيل كثيرة وجميعها أهم مني.
لا أنتظر رسالة منها لتثبت لي أنها ما زالت تكُنّ بعض مشاعر الحُب لي حتى بصفتي صديق، ففي أعراف الحياة يسمى هذا خيانة زوجية.
– وإذا رأيتها ولو بالصدفة ماذا ستفعل؟
– سأتجاوزها ببرودٍ شديد كما يتجاوز الجندي جثث زملائه بعد معركة طاحنة، لم أعُد أراها إلا وهماً، شبحٌ مجذوم بلون الجدار لا تراه عيني.
أصبحت اليوم لا شيء بالنسبة لي … عجيبٌ هذا الأمر أليس كذلك؟
– لكن هذا يحدث صدقني، إنّ الزمن والمستقبل سيتكفل بتقطيب الجروح الغائرة في قلبك ويجعلك تنسى كُل شيء، كُل شيء حتى الذين كنت تعتبرهم ذات يوم ” كُل شيء”.
*نوميديا جرّوفي
في يوم مشرق خرجت العائلة المكونة من الأب و الأم و الطفلة الرضيعة ذات الثلاث أشهر في نزهة بالسيارة خارج المدينة، كان الوالدان سعيدان بتلك الطفلة و أمضوا يوما جميلا،و أثناء العودة اصدمت بهم شاحنة فقتلتهم إلا الطفلة التي شاءت الأقدار لها أن تعيش يتيمة من دون حنانهما.
تنازعت عليها الخالتان لتربيتها،لتأخذها جدتها لأمها و تربيها و أرضعتها مع أصغر ابن خالة لها،و لا أحد علم أنها كانت ترضعهما معا إلا الخالة الوسطى.
كبرت و كانت نجيبة في دراستها و مُدللة جدتها و البارة بها.
مضت الأعوام و هرمت الجدّة و صارت لا تتذكر الكثير.
قرر ابن الخالة الزواج و اختار ابنة خالته تلك و فرح الجميع و تزوجها و عاش أجمل أيام حياتهما من مودة و حبّ، لم يُعكّر حياتهما سوى أنهما لم يتمكّنا من إنجاب أطفال طوال خمسة و ثلاثين عاما.
ماتت الجدة و لم يخبرها أحد بوفاتها إلا بعد سنين لأنها كانت تعيش بعيدة عن الجميع.
ذات مساء،اتصلت بها الخالة الوسطى تؤنّبها:
أنت ناكرة الجميل، كيف لم تحضري عزاء جدتك التي ربتك و سهرت عليك و درستك و جعلتك امرأة و زوجتك؟
فأجابت:
لم يتصل بي أحد و لم يخبرني و لا واحد في العائلة،و انهمرت بالبكاء.
فقالت لها:
تبقين متعجرفة أيتها الماكرة للجميل، سأخبرك أمرا لا يعلمه سواي و جدتك.. ذلك الذي تزوجتيه،ليس ابن خالتك،إنه أخوك من الرضاعة، لقد كانت ترضعكما معا.. و أغلقت الخط.
جُنّ جنونها و أخذت المسكينة تلطم و تصرخ .. أربعون عاما و أنا متزوجة من أخي!!!.. يا الله.. يا الله.. لماذا فعلوا بي هذا؟!
يا رب .. اين اذهب؟.. يا رب أي ذنب اذنبناه معا؟..
وظبت اغراضها مقررة الهرب من البيت و إذا به يعود و يتفاجأ و ينصدم من هول الفاجعة و قال:
لكن أين ستذهبين؟ لا أهل لديك؟ أنا كل أهلك!
حسنا سنتطلق ،لكن لا تغادري البيت،ابقي هنا،سأعطيك غرفة، لا مكان لديك لتذهبي إليه.
أصرت على المغادرة قائلة:
ارض الله واسعة، افضل المبيت في الشارع فوق رصيف على أن أرى جريمتنا معا.. أنت أخي ..هل تفهم هذا؟
اختفت لعدة أعوام و لا احد يعرف مكانها ..رغم أنه بحث عنها كثيرا خوفا عليها من غدر الزمان و هي لا تعرف أحدا و لا تملك مساندا.
بعد عشر سنوات ، طرقت بابه متوسلة:
أرجوك امنحني غرفة في بيتك ،اصبحت عجوزة و أنا أطوف بيوت الناس كخادمة لهم،انا مريضة و لا طاقة لي بالعمل،انا جد منهارة و كل عضو من جسدي يؤلمني، امنحني مكانا لأنام فيه،فأنا جدّ متعبة.. أرجوك،أتوسل إليك.. كانت تتكلم و دموعها منهمرة.
ظهرت زوجته التي كانت تسمع حديثها و قالت:
لا مكان لك هنا،و لا تُفكري بالعودة لهذا البيت أبدا، أغربي عن وجهي.. و تذكري إنه زوجي و هذا بيتي.. اذهبي.. غادري.. هيا..
صُدمت و هي تُطرد بهذه الوحشية ،و التفتت إليه علّه يتكلم،لكنه بقي صامتا و دموعه تنهمر و لم ينبس بكلمة.
أمسكت عكازها و هي تبكي و غادرت لوحدها بعد أيام عثرت عليها الشرطة ميتة و متجمدة من البرد فوق رصيف.. ماتت المسكينة جوعا و بردا.
كتمتْ أوجاعها و لم تخبر أحدا، كانت جدّ هادئة و نشيطة كعادتها، ابتسامتها لا تُفارق محياها و لو في حزنها.
ألمها كان يُمزّق أحشاءها و هي لا تشتكي، فقط تحتمل بصمت عجيب!
وحدها فقط كانت تعرف أنها تودع الدنيا.
تلك الليلة باتت سعيدة جدا لأنه كتب لها شعرا رومانسيا أحست بكلماته بشعورها المرهف و بكل قطعة من جسدها.
غفت و هي تحتضن الورقة و نامت نومتها الأبدية.
في الغد،وجدتها شقيقتها متحجّرة في غرفتها و تلك الورقة بين أحضانها كدميتها المفضلة و هي طفلة.
صُعقت و هي تتلمّس أطرافها الباردة و جسدها البارد جدا.
صرخت بأعلى صوتها،فاجتمع أهل البيت و الجميع في حالة صدمة!
كيف ماتت؟
ما سبب موتها؟
حضر الطبيب الشرعي و أخذوها للمشرحة ليعرفوا سبب الوفاة.
و في المساء أخباروهم أنها كانت تعاني من سرطان القولون.
فتعجبت والدتها: ” كيف لم نكن نعلم؟”
فأجابها طبيب من بينهم: ” كانت في آخر أيامها، و أنا كنت أعطيها مهدئات للألم، طلبت مني أن أحتفظ بسرها فوفّيت بوعدي”
بكى الجميع، و هم متعجبون من قوتها التي احتملتْ ألمًا كهذا ،و فارقتهم و هي بابتسامتها المعتادة.
لاحظ صديقها صاحب الورقة غيابها لأسبوع ،فسأل زميلة لها عنها ،فأجابته بوفاتها.
صُدم و أحسّ أنّه الأتعس لأنه فقدها للأبد و لم يرها أو يُودّعها على الأقل.
لكنه لم يعرف أنه جعلها تموت و هي سعيدة بشذرته التي كتبها لها ذلك اليوم.. فقد غادرت الحياة و هي تحمل جناحين حلّقا بها حيث لا عودة.
*بين الماضي والمستقبل
رأى الحاضر حبيبته السابقة فقال لصديقه:
– بما إنها أصبحت ” سابقة ” فلم تكُن حبيبتي يوماً!
– ماذا حدث؟
– لقد افترقنا وتوقف كل شيء كأننا فيلم وخرج فجأةً من الشريط!
– هل تركتها أنت؟
– لا لم أفعل…. ولم تتركني هي
– إذاً ماذا حدث؟
– أظن أن الحُب هو الذي تركنا يا صديقي.
– وماذا بعد؟
– كان عندي رفيقة مقربة سألتها يوماً ” لم قد تترك الفتاة رجلاً تُحبه؟ ” فقالت لي:
” أنا فتاة وأعرف كيف تُفكر النساء، الفتاة لا تترك رجلاً تحبه إلا إذا وجدت رجلاً آخر تحبه أكثر. صدقني وإن لم يكن هذا هو السبب فهي لم تكُن تحبك وتريدك منذ البداية وصنعت لنفسها وهماً وأغرقتكَ فيه، لأنها كانت تمر بهشاشة نفسية مؤقتة وكانت تريد أي جدار تستند عليه، وكنت أنت ذلك الجدار “، لقد كانت محقة كثيراً رفيقتي تلك.
بمرور الأيام سمعت أن حبيبتي ” السابقة ” تزوجت كما شاهدتها تُمسك يد زوجها وكانت سعيدة جداً ولديها أولاد، بل تكاد الفرحة تغمرها من أعلى رأسها لأخمص قدميها، تركتني لأنها أحبته أكثر مني وهذا مصداق لكلام رفيقتي.
– ألم تعُد تُكلمها؟
– لا، فيم نتكلم يا ترى؟ كان كلامنا كله حباً وشعراً وغزلاً، أما الآن فقد تغير كُل شيء ففي أعراف الرجولة، من البائس أن تعلق قلبكَ بامرأة متزوجة، تركتها لحياتها، هي تمتلك من الأصدقاء والأحباب العدد الكثير وأظنها نسيتني ونسيتْ أيامنا وضحكاتنا وأحاديثنا التي كانت تُلامس خيوط الفجرِ كُل يوم، هي تمتلك في حياتها تفاصيل كثيرة وجميعها أهم مني.
لا أنتظر رسالة منها لتثبت لي أنها ما زالت تكُنّ بعض مشاعر الحُب لي حتى بصفتي صديق، ففي أعراف الحياة يسمى هذا خيانة زوجية.
– وإذا رأيتها ولو بالصدفة ماذا ستفعل؟
– سأتجاوزها ببرودٍ شديد كما يتجاوز الجندي جثث زملائه بعد معركة طاحنة، لم أعُد أراها إلا وهماً، شبحٌ مجذوم بلون الجدار لا تراه عيني.
أصبحت اليوم لا شيء بالنسبة لي … عجيبٌ هذا الأمر أليس كذلك؟
– لكن هذا يحدث صدقني، إنّ الزمن والمستقبل سيتكفل بتقطيب الجروح الغائرة في قلبك ويجعلك تنسى كُل شيء، كُل شيء حتى الذين كنت تعتبرهم ذات يوم ” كُل شيء”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.