الصفحات

حسان عربش... شاعر الوطن


كتبت رزان القرواني :ــ

 إن المجموعة الشعرية لشاعرنا حسان عربش التي جاءت تحت عنوان عائلة الريحان مخزون كبير لما صرح به من عاطفته القومية وحبه للوطن وإيمانه القوي وقد غدا هذا الوطن بالنسبة له عائلة واحدة تنبض حباً وانتصاراً فمجموعته الشعرية راحت تخوض في سياق أدبي حر مشرق وحضاري لغوي فكري ثقافي في منتهى الصدق
فافتتح ديوانه بحمده لله على نعمة الشعر، كما نفتح كلماتنا اليومية بالحمدلله على نعمه ففي هذا الحمد – كما يرى الشاعر شفاء النفوس من ألم وجراح وقسوة الدهر، وهذه الجراح
جراح الأرض تسيل من قلم شاعرنا ، فقلمه سيفه الشامخ للقصيدة بكل ما تحمله الألفاظ من صدق ووفاء وحب وإيمان وبذلك نرى بأن القصائد رضيت عنه ، وكل مطلع لها جعل قلب الشاعر يبصر بنور ليلة القدر ، فازدهرت ألفاظه وأصبحت قصائده حدائق‏
فيقول:‏
لك الحمد ياربي على نعمة الشعر‏
ففيها شفيت النفس من قسوة الدهر‏
لقد رضيت عني القصائد عاشقاً‏
ومن فجرها قلبي رأى ليلة القدر‏
هو الشعر يزهو في دمائي حدائقاً‏
هو الأرق الغالي وفاتحة الفخر‏
ومن يقرأ شعره يدرك تماماً أنه شاعر الوطن شاعر الكلمة الصادقة النابعة من قلب مفعم بإيمان قوي، فحب الوطن من الإيمان ..‏
أبحر الشاعر حسان بقلمه ففاض في عالم الدم والانفعال والقهر والحركة ، فراح يكتب شعراً يقطر ألماً لما رأته عيناه اللتين لطالما شاهدتا الظلم والقهر في القدس ، ولكن إيمانه القوي وعاطفته القومية جعلت رؤيته تتحول من الحزن والقهر إلى الأمل والتفاؤل‏
وفي قصيدة ترنيمة في محراب ، تتجلى عظمة الشاعر وخياله الخصب من نقطة البدء في باطن الأرض ( الجذور) لدم يحاصره الطغاة ولم يزل يروي الجذور وصولاً للقمة إلى أعالي السماء ، بانطلاقه الواسع الشامل إلى عالم الأقمار عالم الفضاء وهذا ما يدل على الحركة والاستمرار نحو الأمام والتطلع إلى الغد فيقول :‏
لدم يدافع عن حدود الطهر يشرق‏
لدم يحاصره الطغاة ولم يزل‏
يروي الجذور‏
ويطلع الأقمارا‏
والشجرة المباركة ( الزيتون) لا تغيب عن ذهن الشاعر فهي بالنسبة له أهله . إن هذا الزيتون يعرف تماماً كيف يميز بين الأهل وبين هؤلاء الأشرار المغتصبين ، والجميل في ختام قصيدته هذه ، ما يقرؤه الباحث شعراً أو بيتاً لشاعر ما فيتذكر شعراً أو بيتاً آخر ، تحمل الكلمات في طياتها نفس السمات الوطنية والقومية والدلالات والمعاني العميقة التي وجدها الباحث وها أنذا تذوقت هذا الشعر الجمالي في ختام قصيدته هذه بشيئين : الأول: عندما قال

والأرض روتها دماء الثائرين‏
فأنبتت ثواراً‏
حينها تذكرت شعر نزار قباني عندما قال :‏
كل ليمونة ستنجب طفلاً‏
ومحال أن ينتهي الليمون‏
وفي الختام الأخير للقصيدة قال شاعرنا :‏
والشمس تولد من يد قبضت على الإيمان‏
يكتب جرحها الأقدارا‏
أيضاً تذكرت الحديث الشريف : القابض على دينه كالقابض على جمرة إذن قضايا شاعرنا قضايا إنسانية وجدانية عميقة لا تتعلق بالذات وحدها وإنما بالمحيط الخارجي حوله أيضاً ، فتشكل لنا قضاياه برعماً ، زرعه شاعرنا وزرع معه أحلامه وذكرياته وأطيافه وشموخه وأحزانه ، فراح يعبر بكل ما لديه من نبض العروبة ونبض السلام والشموخ والمجد ليسجل التاريخ دقات عروس أرضه وبطولات أمته واشراقة نصره ، فغدا هذا البرعم مع مضي الأيام غصناً فراح يتشعب ليضم القدس والعراق وعروس الجنوب ( لبنان) فرسم عربش بقلمه أجمل لوحة شرقية عبر بها عن إرادة المقاومة والعزيمة القوية بألفاظه الموحية ومعانيه الجذابة وإيقاعه الموسيقي الجميل الأنيق فاستحقت هذه اللوحة التي رتبها شاعرنا بأفكاره النيرة وبقلبه الصادق المفعم بالإيمان وولائه للوطن ليبقى طاهراً مرفوع الهامة على كل معتد تسميتها ((عائلة الريحان )).‏

رزان القرواني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.