الصفحات

حوار... شاعر والروح || الشاعر : داغر عيسى أحمد

الريحُ تعصفُ في الجداولِ، والفصولْ
تتوسَّدُ الجسدَ المحطمَ، والخريفْ
ينثالُ أشعاراً مواسيةً
تُعابسُ في قرارِ النفسِ
ما تحوكُ النفسُ من شجنْ

وأنا المرمَّدُ
لستُ أملكُ غيرَ أشلاءِ الرغيفْ
نصفٌ لأهلي الطيبين

ونصفها الثاني لأشجانِ الخريف.
* * * *
الروحُ ظميءٌ...
والشتا على وهنٍ ودغدغةُ الربيع
فعلامَ يا نفسُ اللوابُ
وبسمةُ الينبوعِ فاضتْ
كي تروِّي ....
برؤى الآمالِ آفاقَ الحقول؟
* * * *
جسدي تناثرَ في بقاعِ الأرضِ تذروهُ الرياحُ
فعلامَ يانفسي الغريبةَ والبعيدةَ
عن رحى جسدي يروّعكِ الصباحُ؟!!!
* * * *
قالتْ:
أنتَ ياذا الصوتُ الغريبُ
لكَ الأرضُ والدودُ والغيومْ
وليَ، ياهذا المشتري...
وما خلفَ النجومْ.
* * * *
قلتُ يا نفسُ:
ألا يشدكِ الحنينُ إلى مروجٍ في الصباح
عن سمائينا
تغسلُ صدأَ الهموم؟!!
ليَ يانفسُ قلبٌ:
شطرٌ قد تلاشى في الظلامْ
وشطرٌ في خريفِ العمرِ
يشعُّ ضوءاً كالنهارْ
* * * *
أبتْ ، صارعتني فصرعتني
كبلتني...
من جديدٍ سجنتني
بينَ أنيابِ الفصولْ
* * * *
ومرَّ بالعمرِ اصفرارٌ
حلَّ الخريفُ
قلتُ يانفسُ:
كفى عذاباً...أنا المهزوم
عودي بي...
إلى كوخي وأهلي والمزارْ
خذيني...
إلى كوخٍ على سفحِ مفترقٍ
أستحمُّ بنهرِ الأماني....
أشمُّ روائحَ المدارْ...

الى حلمٍ تشعَّبَ...إلى أملٍ
كالشمسِ عندَ الشروقِ
ترسمُ في الآفاقِ
اخضرارَ النهارْ
* * * *
اغرسيني في دوحِ المحبةِ وقتَ المساء
في أيكةٍ بيضاءَ....
أورقتْ فيها أعشاشُ القمرْ
بينَ قطراتِ الندى...
تحتَ الظلال....
هناكَ أنشدُ الأشعارَ
هناكَ أشطرُ الرغيفَ
يُنيرني الخزيفُ
تحتُ أفياءِ القدرْ.
* * * *
فأجابتْ:
لا... وألف لا... هذا محال
أنتَ ستبقى، يا أنتَ، غريبا
ذرةَ رملٍ تهيمُ مشردا
بعيداً عن ضوئي... مسافات
عن توهّجِ الظلال
جسداً أنتَ...لا ظلالْ

فأنا مذ غسلني الصباحُ
صرتُ للمشتري التوءمََ
عمرٌ لا ينتهي
ونورٌ لا يغيبْ
يا أنتَ:
الأرضُ والأشجانُ والضبابْ
لكَ جسدٌ..عشقٌ..قيودْ
ياهذا:
إني أعشقُ شعاعاً
قد ولدَ من شعاعْ
فهلْ لهوايَ ،ياهذا،حدود؟!
* * * *
قلتُ:
اتئدي يانفسُ اتئدي
هاهي الريحُ ...
تعصفُ في الجداولِ والفصولْ
عودي إلى تلكَ الشواطئ
ذا أنا المهزومْ
لكِ من جسدي الضياء
وليَ يانفسُ أشجان الخريفْ
* * * *
عودي إليَّ لتنثريني
في الضحى.....
عندَ الأصيلِ....
وقتَ الغروب...
إضمامةً من قمحِ أهلي في
البيادرِ:
ربعها نسغٌ لأهلي الطيبينَ
ونصفها لكِ يا معذبتي
وباقيها لأشجانِ الخريف
* * * *
غضبتْ عليَّ فجففتني
صيرتني ريشةَ المحرومْ
لا بلْ طيرتني...
في متاهاتٍ بعيدةٍ
عن محيطي
عن رياحي
فبنيتُ زورقاً في شتاءاتِ الأحلامِ
أضلاعهُ جسدي
مجذافهُ قلمي
بحارهُ بلا شطآنْ
مازالَ يحملُ بينَ مدٍّ وجزرِ
حزني ...وأشجاني
والروحُ يضحكُ....
يهزأ مثلَ قرصانْ
ما خافَ البحرَ يوماً
لا ولا عصفَ الرياحْ.
*
 الشاعر داغر أحمد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.