دخل التلاميذ مسرعين.أخذ كلٌ مكانه، رهبة الامتحان لم تمنعهم من بعض الوشوشة والضحك، وزّعت أوراق الأسئلة ومعها، كالعادة ابتساماتي فكّرت فيك “كابتسمي دائما ،حبيبتي، فكل ما حولك يصير أجملَ حين تبتسمين”.
جلست أراقبهم. ساد الصمت. لم يعد يسمع سوى وقع الأقلام و خشخشة الأوراق كأنما هي عزف نشاز لفرقة مبتدئة…
شردت فيك. ترى ماذا تفعل الأن …وهل أنا هناك معك كما أنت هنا معي؟
.! البعيد عن العين ,بعيدٌ عن القلب. “… هراء
لو كان هذا صحيحا لكان كل قريب من العين قريبا من القلب.
نظرت في الورقة أمامي.. خمسة أسئلة …ما أسهله امتحان!.. رفعت رأسي و تأمّلت الوجوه…ماذا لو تبادلنا الأدوار ؟ كنتُ أجبت بمنتهى السهولة وبإسهاب.
أخذتُ القلم و كتبتُ سؤالا سادسا…
– كيف يمكن أن نوقف هطول الأفكار وانهمار الأشواق؟
تأمّلت تلامذتي من جديد… هذا هو امتحاني …من منكم يجيب ؟ لا أنتم و لا أنا نستطيع … سؤالٌ صعب ….أصعب من كل دروس المقرر…لا مجال فيه للتخمين و لا يفيد حفظٌ أو مراجعة.
خرَقَ الصمت صوت يسأل
أستاذة.. هل أخرج ورقة إضافية ؟
أومأت برأسي أن نعم…آه لو أنّ العمر ورقة …أمحو فقراتها ، نقاطها، فواصلها .. أمحو كل الهوامش وكل علامات التعجب و الاستفهام ثم من أهداب عيني أصنع ريشة أرسم بها بطول الورقة و عرضها عينيك…
لو أنّ العمر حافظة أوراق أفرغ ما بداخلها من برد و صقيع ثم أملأها بدفء وجودك…
آه لو أخرج من جعبة الزمن عمرا إضافيا أعيشه لك وحدك…
ابتسمت…تذكّرت أيام الطفولة وحفلات نهاية السنة الدراسية…كنا نجلس مشدوهين نتفرّج على الساحر و هو يخرج من قبعته الكبيرة السوداء كرات صغيرة و بالونات ملونة و حلوى يوزعها علينا…رأيت نفسي أمامه…ها هو ينظر إلي طويلا ثم يخرج لي قلبا في غلافه لا أثر فيه لجرح أو خدش أو طعنة…و يمد يده ثانية داخل القبعة و يعطيني ورقة بيضاء…يبتسم و يقول ” هذه ورقة إضافية لك أنت فقط…لا تهمليها ,لن تحصلي على غيرها, لا ترسمي عليها سوى سنابل الفرح
أمسك بالورقة بقوة كأنما أخشى أن يغير رأيه…أحاول رسم سنبلة فلا أذكر شكلها و أجدني أرسم ملامح وجهك.
صوت آخر يمزق ستائر خيالي ..
-”أستاذة من فضلك كم بقي من الوقت؟”
-”- ما يكفي لتنظيم الإجابة و مراجعتها .”
يا له من سؤال ! صحيح …كم بقي من الوقت ؟ و لكن لفعل ماذا تحديدا ؟ ليحبك القلب بجنون أكثر أم لتتمزّق الروح أسفا على عمر فلت منها دون أن تكون أنت فيه ؟ أم لتأتي النهاية و معها الإحساس باللاجدوى من كل الذي كان ..؟
رنين الجرس أنزلني من فوق السحاب….
انتهى الوقت. جمعت أوراق الإجابات … هممت بالخروج فرأيت طيفك يسبقني الى الباب.
آسيا رحاحلية
*كاتبة جزائرية
جلست أراقبهم. ساد الصمت. لم يعد يسمع سوى وقع الأقلام و خشخشة الأوراق كأنما هي عزف نشاز لفرقة مبتدئة…
شردت فيك. ترى ماذا تفعل الأن …وهل أنا هناك معك كما أنت هنا معي؟
.! البعيد عن العين ,بعيدٌ عن القلب. “… هراء
لو كان هذا صحيحا لكان كل قريب من العين قريبا من القلب.
نظرت في الورقة أمامي.. خمسة أسئلة …ما أسهله امتحان!.. رفعت رأسي و تأمّلت الوجوه…ماذا لو تبادلنا الأدوار ؟ كنتُ أجبت بمنتهى السهولة وبإسهاب.
أخذتُ القلم و كتبتُ سؤالا سادسا…
– كيف يمكن أن نوقف هطول الأفكار وانهمار الأشواق؟
تأمّلت تلامذتي من جديد… هذا هو امتحاني …من منكم يجيب ؟ لا أنتم و لا أنا نستطيع … سؤالٌ صعب ….أصعب من كل دروس المقرر…لا مجال فيه للتخمين و لا يفيد حفظٌ أو مراجعة.
خرَقَ الصمت صوت يسأل
أستاذة.. هل أخرج ورقة إضافية ؟
أومأت برأسي أن نعم…آه لو أنّ العمر ورقة …أمحو فقراتها ، نقاطها، فواصلها .. أمحو كل الهوامش وكل علامات التعجب و الاستفهام ثم من أهداب عيني أصنع ريشة أرسم بها بطول الورقة و عرضها عينيك…
لو أنّ العمر حافظة أوراق أفرغ ما بداخلها من برد و صقيع ثم أملأها بدفء وجودك…
آه لو أخرج من جعبة الزمن عمرا إضافيا أعيشه لك وحدك…
ابتسمت…تذكّرت أيام الطفولة وحفلات نهاية السنة الدراسية…كنا نجلس مشدوهين نتفرّج على الساحر و هو يخرج من قبعته الكبيرة السوداء كرات صغيرة و بالونات ملونة و حلوى يوزعها علينا…رأيت نفسي أمامه…ها هو ينظر إلي طويلا ثم يخرج لي قلبا في غلافه لا أثر فيه لجرح أو خدش أو طعنة…و يمد يده ثانية داخل القبعة و يعطيني ورقة بيضاء…يبتسم و يقول ” هذه ورقة إضافية لك أنت فقط…لا تهمليها ,لن تحصلي على غيرها, لا ترسمي عليها سوى سنابل الفرح
أمسك بالورقة بقوة كأنما أخشى أن يغير رأيه…أحاول رسم سنبلة فلا أذكر شكلها و أجدني أرسم ملامح وجهك.
صوت آخر يمزق ستائر خيالي ..
-”أستاذة من فضلك كم بقي من الوقت؟”
-”- ما يكفي لتنظيم الإجابة و مراجعتها .”
يا له من سؤال ! صحيح …كم بقي من الوقت ؟ و لكن لفعل ماذا تحديدا ؟ ليحبك القلب بجنون أكثر أم لتتمزّق الروح أسفا على عمر فلت منها دون أن تكون أنت فيه ؟ أم لتأتي النهاية و معها الإحساس باللاجدوى من كل الذي كان ..؟
رنين الجرس أنزلني من فوق السحاب….
انتهى الوقت. جمعت أوراق الإجابات … هممت بالخروج فرأيت طيفك يسبقني الى الباب.
آسيا رحاحلية
*كاتبة جزائرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.