الصفحات

رحلة عارية || وسام السقا

مشجعين جمعهم حب منتخب مدينتهم الكروي، مزركشة ألوانهم وأعلامهم، فقراء وأغنياء، تصدح حناجرهم بهتافات، ملأة محطة القطار بهجة، ولكن القطار ساكن بانتظار صافرة البدء، لينطلق فوق سكته الحديدية المعهودة، برحلة طويلة بين القُرى والمدن، شاط حارس المرمى الكرة والتحمت الأرجل فوق بساط اخضر، هطلت أمطار غزيرة من مزنةٌ غاضبة، رمت أحمالها وفرت هاربة، فأبتل الاعبين وأمتلأ الملعب بالماء، الجمهور لم يحضر بعد، والتذاكر مكدسة، والقطار لا أثر له.
فندق قديم فوق سفح الجبل، شرع أبوابه بشوق ينتظر السياح، بكى المالك، أخر يوم له لسداد الديون المتراكمة، طال الانتظار، وذاب الصبر، تحطمت أجنحة الطائر، احترق الفندق وانتحر صاحبه، وصل القطار بعد فوات الاوان محملاً بالمشجعين، المباراة كانت قد انتهت، والفندق طَلَلٌ وأبخرة، القطار دخل ورشة الصيانة، وأنشر الجميع في العراء نساءً ورجال، والسهر لملمهم في مجموعات حول أكوام نار، نشبت الأحاديث والتعارف كان في المقدمة. ليل صافي وقمر منير ونباح هنا وهناك لكلاب القرية، ومع شروق الشمس، طل الصباح بروعة النسائم والزهور المنشرة في الوديان الفسيحة، وشلال ماء صغير وبركة ساحرة، إصابة الناضرين الولع والإغواء، انساق الجميع نحوها، منهم من غطس في البركة ومنهم من ارتوى من عذب ماء الشلال، وغادر الجميع عائدين إلى مدينتهم بعد ليلة صاخبة وفضفضة ذكريات، ولقاءات جميلة، قطة بفراء ابيض، بكت مع رحيل القطار خليلها يتطلع نحو المدينة، هجر الحب، وطوى مشوار مرتع صباه.

وسام السقا
 العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.