الصفحات

تأملات الصفاء في شعر الوفاء في ضيافة الشاعر : محمود درويش

( سجل !
أنا عربي
ورقم بطاقتي خمسون ألف
وأطفالي ثمانية !
وتاسعهم .. سيأتي بعد صيف
فهل تغضب ؟)

سجل ! أنا عربي الوزن والقوافي والخيل والبيداء ..أركان كيان وجودي خمسة سبل في جلوسي وقيامي ..أولها : أشهد أنك عربيتي ، أنت لا سواك واحدة ووحيدة لا غيرك خط أحرف كتاب نجاتي
.. أشهد أنك علمت بالقلم العدو ما طغى به وتجبر وصنع ودمر .. أشهد أنك عروبتي ، نخلة حياتي .. عليها أحيا وعليها أموت من طلوع الفجر إلى أصيل الأمسيات .. أنت واحدة ووحيدة المصير وقارب النجاة .. آمنت بكما وأنا لكما من الراكعين الساجدين العاكفين في الخلوات ...

( أنا عربي
انا اسم بلا لقب
صبور في بلاد كل ما فيها
يعيش بفورة الغضب
...جذوري
قبل ميلاد الزمن رست
وقبل تفتح الحقب )

سجل ! أنا عربي ، وأركان كياني خمسة.. ثانيها : صلاة فجرها ثورة وغضب تعصف بمحراب رياضة صلاة الجسد وأبو جهل والفرعون وحمالة الحطب .. وظهرها شمس حارقة ولهب تصيب الظلم والاستعباد والخيانة والجهل وحب شهوات الجسد .. عصرها نهضة نور من مراكش إلى خليج العرب ، تعيد الماء للجب وما سلب .. مغربها محو عار مؤتمرات الخيبة والهزيمة ، والعنتريات التي ماقتلت غير العربي مثل ذبابة.. عشاؤها : ( لا) لكثرة أدعية لا تغير في النفس الأمية والجهل والتخلف والتواكل والاستكانة .. كلمة واحدة من بلاد الرافدين إلى سبتة السليبة وقدس مستقبل الغضب ..

( سجل....برأس الصفحة الأولى
انا لا أكره الناس
ولا أسطو على أحد
ولكني ..إذا ما جعت
آكل لحم مغتصبي
حذار ..حذار ..من جوعي
ومن غضبي )

سجل ! أنا عربي ، وأركان كياني خمسة .. ثالثها : زكاة خيرات قارونية ، مفاتيح خزائنها صناعة أمريكية .. كل عربي اخذ زكاته مضاعفة من الرصاص والقنابل والصواريخ والدم استحل وانسكب.. طير أبابيل في يد الشهيد والمجروح مستقبل الوجود المرتقب ...

( كل العيون
كانت معي ، لكنهم
قد أسقطوها من جواز السفر
عار من الأسماء من الانتماء ؟
أيوب صاح اليوم ملء السماء
لا تجعلوني عبرة مرتين )

سجل! أنا عربي ، وأركان كياني خمسة .. رابعها : الصوم تقربا من الخنوع والاستسلام والانطاح وما جلب .. صوم والابتعاد عن المعروف ، وتقربا من المنكر والنفاق والخيانة والخداع وما تاريخه كتب .. أخلصنا الصوم في حب الحياة وكره الموت .. أفطرنا على دل الاطمئنان .. تسحرنا السكوت والصمت و الأوهام .. صيامنا ليلة قدره ، خير من الف شهر .. ( لا ) رفضا لواقع عربي من مطلع الفجر إلى غروب الشمس .. .

( سجل !
أنا عربي ،
سلبت كروم اجدادي
وأرضا كنت أفلحها
أنا وجميع أولادي )

سجل ! انا عربي ، وأركان كياني خمسة ..خامسها : حج الاصلاح بين الاخوة .. خريطة العرب كعبة نطوف ونشبك ونلبك بلا جوازات سفر وحدود الزور والبهتان .. كل شبر مقدس لا يحتل أو يستباح أو يهان .. قبلتنا جمعا مباركا يعيد لإنسان الخماسية الكيان ...

( وأعشق عمري لأني
إذا مت أخجل من دمع أمي !
خذيني إذا عدت يوما
وشاحا لهدبك )

أمي ، أمي ، أمي ...أنت آلهة عطاء الحياة عند قدماء الإنسان ..رمز الخصوبة وملجأ الخائف صدرك والأحضان ..بالرحم والحليب آخيت المنتصر والمنهزم وشرب الأشرار كؤوس الأمان ..العالم في عينيك تفاؤل وإشراقة وجود وكيان ..أنت المانحة العطف ومحاربة الأحزان .. أنت منطلق نور فجر العلماء والفرسان الشجعان ..ما اغفلك قاموس أو لغة او طالك نسيان ...أمااااااااااه اين انا من كل هؤلاء !؟.. أمااااااااه هم كلهم انا ، وكل امهاتهم انت قمر العقل والقلب والوجدان...أمااااااااااااه ياتاج رحمة الملوك ، وغطاء ستر كرامة الفقراء...أمااااااااااااااااه انا المنهزم والمهزوم والهزيمة وقبلتي فلسطين الحبيبة....أماااااااااااه أتقبل اللوم والحساب لقد كنت رجلا بدون شهامة العروبة ..امااااااااااااه الكون بدونك سواد وظلمة...أماااااااااه ارضي علي كما انا ، احول البحر امواجه بين يديك غابات لؤلؤ ومرجان وشرف وهمة..
أماااااااااه حبي لك جنون ، ودعائي لك في كل ركعة وسجدة ..مأخوذ أنا يا أمي كدرويش في الحضرة ..أبدو أمامك مولاتي كفتيان النعيم ..ثمل أنا أزهو بنور الله كمشكاة في مصباح ليل بهيم ..رحماك ربي عاشق عليل وسقيم ..

ملاخظة : مابين اقواس شعر لمحمود درويش

-تأملات : عبدالرحمن الصوفي / المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.