الكاتبة والشاعرة شوقية |
وهي الشاهدة على العصر ، وكاتبة المشهد ، وأمينة المكتبة ، وغزيرة المطر السيلاني التشريني الكتابي ، التي لم يتوقف ريح وزخ وهطول كلماتها منذ ان اقتحمت عالم الابداع وفضاء البوح ، ووقعت في شراك الكتابة وشغف الكلمة ، قبل أكثر من أربعين عاماً ونيف .
إنها الكاتبة والأديبة والناقدة والشاعرة والاعلامية اللامعة شوقية عروق منصور ، صاحبة الحضور القوي في المشهد الثقافي ، النصراوية المولد والأصل والنشأة ، والطيراوية الاقامة والسكن بعد اقترانها بالكاتب والمفكر المعروف الأستاذ تميم منصور .
معرفتي بالأخت والصديقة شوقية عروق منصور تعود الى أواخر السبعينات من القرن الماضي ، من خلال كتاباتها وبواكيرها القصصية وتجاربها الابداعية في صحيفة " الأنباء " وفي مجلة " الحصاد " التي كانت تصدر في المناطق المحتلة ، وكان يرأسها المحامي حسين الشيوخي ، وفي مجلة " المجتمع " المحلية لصاحبها ومؤسسها الأديب المرحوم طيب الذكر ميشيل حداد ، وفي مجلة " الفجر الأدبي " التي كان يشرف عليها الشاعر الراحل علي الخليلي ، وبعد ذلك في الكثير من الصحف والمجلات المحلية والعربية والمواقع الالكترونية المختلفة .
وتعد شوقية عروق منصور من أوائل الكاتبات والمبدعات الفلسطينيات في هذا الوطن ، وهي تنتمي الى جيل فاطمة ذياب وهيام قبلان وأركان حلبي واسمهان خلايلة وايمان مصاروة وغيرهن .
وكنت قد تناولت كتابها " امرأة بلا أيام " في مقال نشرته في حينه في صحيفة " الأنباء " الذي أثار أصداءً ايجابية .
وكان أول لقاء تعارفي بيني وبين شوقية في الثمانينات خلال مهرجان الثقافة الفلسطينية بمدينة الناصرة ، الذي نظمته مجلة " الجديد " الشيوعية العريقة ، التي احتجبت وغابت عن المشهد الثقافي والاعلامي الفلسطيىني .
شوقية عروق منصور تتنوع كتاباتها ومواهبها ، فهي تكتب القصة والرواية والشعر والخاطرة والمقالة النقدية والساتيرا والمعالجات الاجتماعية والسياسية والثقافية ، وتطرح موضوعات فلسطينية واجتماعية وسياسية من الراهن الفلسطيني والعربي ، وتسلط الضوء على قضايا شتى وفي مقدمتها الهم والوجع الفلسطيني ، وتتوزع كتاباتها النثرية ونصوصها الابداعية ومقالاتها ما بين الوطن والسياسة والمجتمع والهم العام والذاتي ، وفيها تبث لواعج حسرتها وقلقها وتصالحها مع ذاتها ، وغضبها على كل ما يشوه صورة الانسان الجميلة ، واحتجاجها على الواقع العربي المجزوء والمهزوم ، ورفضها لرداءة المرحلة .
وهي مخلصة كل الاخلاص في نصوصها ، ومنحازة كل الانحياز لفقراء الوطن ، ولفلسطين جرحًا وهمًا ووطنًا وهوية ، وماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا ، وتنتصر لقضية شعبها وقضايا الناس المعذبين والمتألمين الحالمين والتواقين للفرح ومملكة الشمس .
شوقية عروق منصور تحمل الوطن بقوته وجراحه ، والمخاطر التي تداهمه وتزاحمه ، وتركز على معاناة الانسان الفلسطيني ، وعملية انقاذ التاريخ من محاولات التشويه والتزييف والتزوير ، ولها قدرة على فن القول ، والنقد الاجتماعي والسياسي الصريح والواضح ، فهو كحد السكين جارح ، شجاع وجريء ، وتعرية المجتمع والواقع المزيف الاستهلاكي المتعولم ، والسلطة السياسية . وهي تنجح في التعبير عن قلقها وهواجسها وشعورها الداخلي وتوترها الصادق المتواصل تجاه وطنها ومجتمعها وذاتها .
ومن جميل القصص التي شغفت بها واعجبتني أيما اعجاب ، وشدتني باسلوبها وموضوعها ومضىمونها ، هي قصة " سرير يوسف هيكل " التي حملت عنوان مجموعتها القصصية التي صدرت عن المؤسسة الفلسطينية للنشر والتوزيع والطباعة - رام الله ، وهذه القصة تروي أحد تفاصيل المأساة الفلسطينية الحقيقية ، وهي تنجح بالربط والمزج بين كل جوانبها وتشظياتها ، باسلوب شائق وجذاب محكم السرد ومتين الحبكة القصصية .
ولا أغالي اذا قلت انني أطرب وأترنم وأحس بمتعة أدبية وجمالية حين اقرأ كتابات شوقية عروق الاسبوعية في صحيفتي " الاتحاد " و" المسار " وفي مواقع الشبكة العنكبوتية ، فهي فعلًا ماتعة ومشوقه كاسمها ، تعانق مشاعرنا وارواحنا ، وتعبر عن أفكارنا وقضايانا وهمومنا اليومية والحياتية ، وتجسد آلامنا وأوجاعنا ، وتسبر أغوارنا ، وتستشرف المستقبل القادم .
وما يميز الكتابة الشوقية تعدد الألوان القزحية والصور ، وسلامة اللغة ، والاسلوب المدهش ، والأداء التعبيري ، والاندغام والامتزاج الشفاف بموضوعاتها حد التماهي الخالص وضوح النص ، وتأتي قوة عناوينها من عفويتها وصدقها ، ومن عمق المقاصد والمعاني والدلالات من فكرها المستنير المضيء الواعي .
شوقية عروق منصور تملك ناصية الكلمة ، وتستوطن الروح والقلب والفكر والعقل في عمق الشرايين ، بجمال صورها ، وعناوين موضوعاتها ، وجمالياتها اللغوية ، وانسيابية تعابيرها ولغتها ومقرداتها ، وتحليلاتها المميزة ، ونبضها الصادق الشفاف الجميل في وطنياتها ووجدانياتها .
وكما قالت الشاعرة فردوس حبيب الله : " أدب شوقية عروق منصور يشكل لبنة أساسية في فهم الواقع الفلسطيني المؤلم ، الذي تعرضه بلغة جميلة تفوق جمال الشعر ، فمن لا يعرف وجع الانسان الفلسطيني ، يكفيه أن يقرأ من أدب شوقية ويبكي ".
فالى من تأسرنا بكلماتها وتعابيرها ونصوصها المكثفة وبوحها وعمق طرحها ، الصديقة العريقة الكاتبة والشاعرة المميزة الرائعة شوقية عروق منصور ، ألف تحية ، وتمنياتي لك بوافر الصحة والسعادة ودوام العطاء الأدبي والكتابي السياسي العميق الغزير ، مع خالص المحبة والتقدير لحرفك وقلمك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.