تاريخه - خصائصه - مميزاته
الكتابة الشذرية ، أو الكتابة المقطعية هي إبداع نصي منقسم ومنفصل إلى مجموعة من القطع والفقرات والمتواليات المستقلة بنقسها على المستوى البصري ، ومتكاملة مع الشذرات الأخرى المتوالية دلاليا وتركيبيا وتداوليا ، فتنقسم الشدرة وتتمفصل على مستوى الظاهر ، وتتميز على مستوى العمق بالوحدة العضوية والموضوعية ، ويلاحظ أيضا أن الشذرات الأدبية عبارة عن نصوص صغيرة الحجم ، متناهية في الدقة ، وتمتاز كذلك
بروعة الأسلوب ، وجودة التعبير ، علاوة على ذلك تتسم بالتكثيف ، والاضمار ، والايجاز ،والحذف ، والتركيز ، والتبئير ، كما تتكئ على التتابع تارة ، والانفصال تارة أخرى . غالبا مضامين الشذرات رؤى فلسفية وتأملية عميقة ، تعبير عن علاقة المبدع بذاته أو واقعه الموضوعي ، كما ان الإبداع الشذري جمل أو ملفوظات أو مقاطع أو نصوص نثرية أو شعرية أو فلسفية أو صوفية أو تأملية أو غبرها ، قائمة على الانزياح ، والمفارقة ، والسخرية ، والإيحاء ، والترميز ، والإرباك ، والإدهاش ، والعصف
الذهني .
تتميز تتابع الشدرات بحركات إيقاعية سريعة ، قوامها النشاط والحركة والديناميكية ، والدأب المستمر .
تجمع الشذرات الأدبية بين الفلسفة والشعر أو مختلف العلوم الحقة والنثر وكذلك الشعر ، متأرجحة بين الذهن والوجدان ، والشعور واللاشعور ، والعقل واللاعقل ، والصحوة والهذيان . ..معتتمدة على التركيز ، والاختزال ، والاقتضاب ، والاقتصاد والتحرك السريع ، والتخلص من الحشو والاطناب ، والاعتماد على بلاغة الثكيف .
تتمظهر الكتابة الشذرية في القصة والرواية والشعر في الكثير من الأعمال الادبية العربية شرقا وغربا ..
نقدم نموذجا للكتابة الشذرية للشاعرة ( إيمان الخطابي ) من ديوانها ( حمالة الجسد )
الشذرة / 1
لا أمت لدمي
إلا بصلة الألم
ومع هذا أواظب
على مشقة الانتماء
الشذة /2
أيها الحزن الكاذب
لا تفتك بي
مثلما فعل فرح كذاب ،
لا تتربص بي عند منعطفات الضعف
وتسلبني الظحكات الجديدة
وأنا متسللة إلى النسيان
وحيدة وخائفة .
ليس أدب الشذرة اختراعا عربيا ، وليس من مبتكرات وسائل الاتصال الحديثة ، بل هو فن أدبي ضارب في القدم ، ويوجد في جميع اللغات ، لكن ليس كنوع أدبي مصنف و مقعد ، إنما هو ممارسة أدبية وفلسفية عميقة .
لقد كتب الفلاسفة اليونان شذرات مثل طاليس ، وأنكسيمندربس ، وأكسانوفان ،وبارمنيدس ، وزنون وغير هؤلاء . وبرى بعض الباحثين أن الشذرة الأدبية تمتد لأكثر من 1000 عام ، وخاصة مع الشاعرة اليبانية سيي سوناغون .
أما في الغرب فستخدت الشذرات الأدبية والفلسفية باشكال مختلفة ومتنوعة ، نذكر منها ما كتبه بارث ، وجورج بيرك ، وهنري ميشو ، وغيرهم كثير . ولعل نيتشه كان يميل إلى الكتابة الشذرية بصيغة مغايرة ، تميل الى التأليف الفلسفي .
نيتشه يمزج بين المقطعية الرقمية وبين الشذرة الشعرية أو الحكمة الفلسفية ، وغالبا ما يطلق العنان لنفسه في تقديم مقطعيات تبدو وكأنها مقطوعات أدبية مستقلة عن المتن الأصلي ، ثم بجد لها رابطا بمهارته الخاصة .
أما شذرات فرناند وبيسوا فهي مشبعة بأفكار وجودية ، وخارجة عن السياق المعهود في الكتابة ، وضع مقطعياته في كتابه المعروف ( اللاطمأنينة ) .
هل وجد الابداع الشذري في التراث العربي ؟
نجد عند العرب مجموعة من الكتابة الشذرية ، وكان المنطلق في الكتابات الصوفية والعرفانية التي اتخذت من القرن الرابع الهجري شطحات شذرية كما في كتاب ( النطق والصمت / عند المقري ) وابن عربي والحلاج .
هناك مؤلفات كثيرة تحمل كلمة ( شذرة ) نذكر منها ( شذرات الذهب في وصف من ذهب ) لأبي العماد الحنبلي ، وكتاب ( الفضة المضية في شرح الشذرات الذهبية في في السيرة النبوية ) للعلامة أبي أوديس محمد بوخبزة الحسيني التطواني وغيرها من الكتب والأعلام .
انتقلت الكتابة الشذرية حديثا الى الشعر العربي فالتحمت بالقصيدة النثرية مع أدونيس ، ومحمد بنيس ، ومحمد الأشعري وغير هؤلاء كثير .
وتتمظهر الكتابة الشذرية الروائية والقصصية عند بنسالم حميش في ( مجنون الحكم ) ، وغادة السمان ، وأحلام مستغانمي وغيرهم .
-----------
عبدالرحمن الصوفي
الكتابة الشذرية ، أو الكتابة المقطعية هي إبداع نصي منقسم ومنفصل إلى مجموعة من القطع والفقرات والمتواليات المستقلة بنقسها على المستوى البصري ، ومتكاملة مع الشذرات الأخرى المتوالية دلاليا وتركيبيا وتداوليا ، فتنقسم الشدرة وتتمفصل على مستوى الظاهر ، وتتميز على مستوى العمق بالوحدة العضوية والموضوعية ، ويلاحظ أيضا أن الشذرات الأدبية عبارة عن نصوص صغيرة الحجم ، متناهية في الدقة ، وتمتاز كذلك
بروعة الأسلوب ، وجودة التعبير ، علاوة على ذلك تتسم بالتكثيف ، والاضمار ، والايجاز ،والحذف ، والتركيز ، والتبئير ، كما تتكئ على التتابع تارة ، والانفصال تارة أخرى . غالبا مضامين الشذرات رؤى فلسفية وتأملية عميقة ، تعبير عن علاقة المبدع بذاته أو واقعه الموضوعي ، كما ان الإبداع الشذري جمل أو ملفوظات أو مقاطع أو نصوص نثرية أو شعرية أو فلسفية أو صوفية أو تأملية أو غبرها ، قائمة على الانزياح ، والمفارقة ، والسخرية ، والإيحاء ، والترميز ، والإرباك ، والإدهاش ، والعصف
الذهني .
تتميز تتابع الشدرات بحركات إيقاعية سريعة ، قوامها النشاط والحركة والديناميكية ، والدأب المستمر .
تجمع الشذرات الأدبية بين الفلسفة والشعر أو مختلف العلوم الحقة والنثر وكذلك الشعر ، متأرجحة بين الذهن والوجدان ، والشعور واللاشعور ، والعقل واللاعقل ، والصحوة والهذيان . ..معتتمدة على التركيز ، والاختزال ، والاقتضاب ، والاقتصاد والتحرك السريع ، والتخلص من الحشو والاطناب ، والاعتماد على بلاغة الثكيف .
تتمظهر الكتابة الشذرية في القصة والرواية والشعر في الكثير من الأعمال الادبية العربية شرقا وغربا ..
نقدم نموذجا للكتابة الشذرية للشاعرة ( إيمان الخطابي ) من ديوانها ( حمالة الجسد )
الشذرة / 1
لا أمت لدمي
إلا بصلة الألم
ومع هذا أواظب
على مشقة الانتماء
الشذة /2
أيها الحزن الكاذب
لا تفتك بي
مثلما فعل فرح كذاب ،
لا تتربص بي عند منعطفات الضعف
وتسلبني الظحكات الجديدة
وأنا متسللة إلى النسيان
وحيدة وخائفة .
ليس أدب الشذرة اختراعا عربيا ، وليس من مبتكرات وسائل الاتصال الحديثة ، بل هو فن أدبي ضارب في القدم ، ويوجد في جميع اللغات ، لكن ليس كنوع أدبي مصنف و مقعد ، إنما هو ممارسة أدبية وفلسفية عميقة .
لقد كتب الفلاسفة اليونان شذرات مثل طاليس ، وأنكسيمندربس ، وأكسانوفان ،وبارمنيدس ، وزنون وغير هؤلاء . وبرى بعض الباحثين أن الشذرة الأدبية تمتد لأكثر من 1000 عام ، وخاصة مع الشاعرة اليبانية سيي سوناغون .
أما في الغرب فستخدت الشذرات الأدبية والفلسفية باشكال مختلفة ومتنوعة ، نذكر منها ما كتبه بارث ، وجورج بيرك ، وهنري ميشو ، وغيرهم كثير . ولعل نيتشه كان يميل إلى الكتابة الشذرية بصيغة مغايرة ، تميل الى التأليف الفلسفي .
نيتشه يمزج بين المقطعية الرقمية وبين الشذرة الشعرية أو الحكمة الفلسفية ، وغالبا ما يطلق العنان لنفسه في تقديم مقطعيات تبدو وكأنها مقطوعات أدبية مستقلة عن المتن الأصلي ، ثم بجد لها رابطا بمهارته الخاصة .
أما شذرات فرناند وبيسوا فهي مشبعة بأفكار وجودية ، وخارجة عن السياق المعهود في الكتابة ، وضع مقطعياته في كتابه المعروف ( اللاطمأنينة ) .
هل وجد الابداع الشذري في التراث العربي ؟
نجد عند العرب مجموعة من الكتابة الشذرية ، وكان المنطلق في الكتابات الصوفية والعرفانية التي اتخذت من القرن الرابع الهجري شطحات شذرية كما في كتاب ( النطق والصمت / عند المقري ) وابن عربي والحلاج .
هناك مؤلفات كثيرة تحمل كلمة ( شذرة ) نذكر منها ( شذرات الذهب في وصف من ذهب ) لأبي العماد الحنبلي ، وكتاب ( الفضة المضية في شرح الشذرات الذهبية في في السيرة النبوية ) للعلامة أبي أوديس محمد بوخبزة الحسيني التطواني وغيرها من الكتب والأعلام .
انتقلت الكتابة الشذرية حديثا الى الشعر العربي فالتحمت بالقصيدة النثرية مع أدونيس ، ومحمد بنيس ، ومحمد الأشعري وغير هؤلاء كثير .
وتتمظهر الكتابة الشذرية الروائية والقصصية عند بنسالم حميش في ( مجنون الحكم ) ، وغادة السمان ، وأحلام مستغانمي وغيرهم .
-----------
عبدالرحمن الصوفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.