الصفحات

شهرزاد حالمة بين عالم الحقيقة و الخيال | الغرياني بالسعيدي ـ تونس

قامت مُنهكة الحركة . وجاءت بتفّاحة ألقتها على المائدة . ثمّ جلست و كتبت على حائطها اليوميّ في الفيسبوك :
_ ما أوسع الأرض ! وما أضيق حذائي !

تُعِدُّ القهوة على نار هادئة . تتسلّى بصفحات الموضة و المشاهير في إحدى المجلاّت الإلكترونيّة على الفيسبوك . تستلقي على الكرسي. تنتقي أفضل مقطوعة موسيقيّة لموزارت. تتأمّلُ حُسنها و سلامة جسمها و المرآة بين يديها . تُطيلُ التأمّل .



كانت لها أحلام ، انّها امرأة غريبة الشّأن ، في صمتها سكون و في حركتها جنون . كانت أحلامها من أغرب الأحلام و كلامها من أغرب الكلام . وفي غالب الأحيان الجُمل التي تخشى أن تقولها هي الجُمل المفيدة التي يجب أن تُقال . تتحدّثُ بما لا يتوقّعه العقل و يصغرُ عنده الخيال . تقولُ كلاماً بديعاً ، تسيرُ في غرفتها بخطوات خرساء صمّاء لا يُسمع لها وقعاً.

شهرزاد تَحْلُمُ بالسّفر إلى المدن البعيدة . تُلقي نظرة خاطفة من النّافذة تَرى العابرين في الطّريق بعد يوم عمل شاقّ و ضنين ، ولا تُرى . عارية الإسم هي و مجرّدة من الإنتماء . لها تحنّث الأنبياء . اختارت اسماً مستعاراً في عالم أزرق افتراضيّ . تُفَكّرُ في صورتها على جواز السّفر. أخنقتها هذه الأرض اللّخناء. تلعنُ الزّمن الرّديء. ترتدي قناعاً في شبكة عنكبوتيّة زرقاء اختلط فيها الحابل بالنّابل ، لا فرق فيها بين الذّباب و العسل . تَتُوقُ إلى الفرار و السّفر على ظهر سفينة توغِلُ بها في غيابات البحار و تغرقُ مثل التايتانيك.

تبحثُ بين بقايا كُتُبِها المبعثرة عن رواية لِتُرَافِقَها في وحشة مساء رتيب و كئيب .

تَحْمِلُ بين يديها رواية " السّفينة للروائي الفلسطيني جبرا ابراهيم جبرا . تقرأُ حتّى مضى هزيع اللّيل ، أغلقت حسابها الفيسبوكيّ الشخصيّ الوهمي ، ثمّ ضمّتها الوحدة إلى نفسها ، حيثُ أغمضت عينيها و ألمّ بها النّوم حالمة ببساط السّندباد الطّائر .

الغرياني بالسعيدي
 تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.