مر أمامي أسم احد الأصدقاء وقد وقع أسمه بلقب الدون أي الرجل الشريف. فقلت في نفسي لما لا أكون أميرا، فهذه رغبة دفينة لي منذ زمن بعيد، سأكون أميرا من اليوم وصاعدا، وسأوقع أسمي بلقب الأمير. طلبت من زوجتي أن تحضر لي بدلتي القديمة وفي الحقيقة إنها الوحيدة لدي. وأن تجهزها وتكويها بعدما أخبرتها برغبتي ان أكون أميرا وأعيش كالأمراء. في الحقيقة لا ينقصني شيء أبدا.أبدا. أجابتني قائلة : أن البدلة قديمة جدا لا تناسب مقامك الحالي. أخبرتها ان عليها أصلاحها ما استطاعت. لم أشعر بنفسي ألا وأنا أضع كلمة مهتم بعشرات
المناسبات التي ظهرت على حساب الفيس خاصتي. فمثلا هناك أمسية لدار الأوبرا االسويسرية. ومناسبة افتتاح معرض في نيويورك. وعرض كونشرتو للكمان والبيانو في برلين. والكثير الكثير من المناسبات التي تليق بسمو أمير.
نادتني زوجتي برفق، لألبس بدلتي. ارتديتها بسرعة. شكلي بدأ مقبولا. طلبت منها أن تأخذ "سلفي" لي. جلست بكل هدوء وشموخ . وسألت زوجتي لتلتقط لي هذه اللحظة التذكارية. وضعت قدما على قدم نظرت للأعلى بشموخ وعزة أمسكت قلما خشبيا كبيرا يشبه السيجار الكوبي الفاخر. وقلت لها هيا. أخذت وضعية التصوير وهي تتحرك يمنة وويسرة. وهي تقول : عليك أطلاق نظرات أكثر عزة. محاولات عديدة قمت بها، حتى وصلت للشكل المطلوب، وأنا أقول لها أسرعي قبل أن تذهب تلك المعالم من وجهي، لقد تأخرت كثيرا وفشلت اللقطة. صحت أنت دائما هكذا، سبب من أسباب تعاستي، أفسدت علي هذه اللحظة. عللت تأخرها بكاميرا الفون خاصتي القديمة. محاولات عديدة قمنا بها أنا وهي حتى وصلنا لتلك اللقطة الخاصة ب سمو أمير. ذهب خيالي بعيدا قبل أن تدخل الصغيرة وتطلب أصلاح حذائها. الأمر الذي أغضبني جدا، غادرت منزلي، فكرت لما لا اذهب لأحد المقاهي البسيطة في نواحي مدينتي الفقيرة هناك يمكنني الاستعراض على هؤلاء االفقراء ببدلتي السوداء ومظهري المتأنق و"أعيش الجو".
دخلت المقهى بكبرياء اخترت طاولة في صحن المقهى، طلبت كأسا من الشاي. وبدأت أتأمل رواد المقهى. جميعهم من العجائز. صوت أم كلثوم، واصوات الورق وهي ترمى بقوة على الخشب, وذلك البخار المتصاعد من أفواه العجائز و لباسهم الرث البسيط، جعلني أشعر بالنشوة والعزة. أخذت النظرات تتحلق حولي، إن الجميع بدأ يرقبني، سمعت أحدهم يقول : ألا يشبه النصاب الذي قدم من المدينة المجاورة وسرق أموالنا.
صاح أحد العجائز: نعم إنه هو. نادى أحدهم : يا صبري يا خالد :أحضروا أخوتكم وتعالوا بسرعة. وانت أيها النادل أغلق باب القهوة حتى لا يهرب.
أستملكني الرعب. وأنا اصيح طالبا النجدة، بعد أن تحلقوا حولي أظهرت لهم بطاقتي، حتى صدقوا أني أبن مدينتهم، وتركوني أذهب في حال سبيلي، إنه لمشهد مذل بالنسبة لي.ولشخصية أمير. وفي عودتي للبيت. توقفت سيارة جاري ليقلني معه، وهو يضحك بشدة، سألته: لماذا تضحك هكذا، وكيف عرفتني؟
ضحك بهستيريا، إنك الوحيد في الحي الذي يمشي كما لو كان بعيرا حيث ينزل رأسك للأسفل و للأعلى بهدوء وببطء شديد. استطيع تمييزك عن باقي البشر، في الليل والنهار، وعلى بعد ميل.
لكن ألم تنتبه لبدلتي وهندامي الجديد. أطلق تلك الضحكة المؤلمة. أي بدلة! لقد اعتقدت أن زوجتك تريد الخلاص منك بخنقك بقطعة القماش تلك.
وصلت منزلي وقد أعييت تماما، دخلت، رائحة البخور تملأ المكان. في الاستقبال هناك زوجتي بكامل أناقتها ، أيضا الابناء منتهى "الشياكة.". وبدأوا ينادوني بسمو الامير. وأنا صامت بوقار. زوجتي الطيبة كانت تريد إسعادي من من خلال هذا الاستقبال الحافل. جهزت العشاء. وجلسنا حول االمائدة و أنا أتذكر يومي السيء في تلك المقهى اللعينة. صاحت زوجتي هيا يا أولاد رحبوا بسمو الامير. أسعدني هذا جدا. عدلت جلستي. وتناولت ملعقة من البرغل. واخذت أمضغها بهدوء، صاحت ابنتي الصغيرة: لكن الأمير لا يأكل البرغل. نهرتها أمها والاولاد. كيف تخاطبين سموه هكذا. وهم يبتسمون بصمت. قلت في نفسي " تبا لك أيتها الصغيرة" . طلبت مني العائلة أن أكمل عشائي. وعيونهم تكاد تفر من مكانها وهم يحبسون تلك الضحكات.
أخذت أمضغ طعامي من اليسار لليمين بعكس عقارب الساعة وفمي مغلق... وانا أقول في نفسي نعم بعكس عقارب الساعة. هكذا يفعلون.
عواد المخرازي
المناسبات التي ظهرت على حساب الفيس خاصتي. فمثلا هناك أمسية لدار الأوبرا االسويسرية. ومناسبة افتتاح معرض في نيويورك. وعرض كونشرتو للكمان والبيانو في برلين. والكثير الكثير من المناسبات التي تليق بسمو أمير.
نادتني زوجتي برفق، لألبس بدلتي. ارتديتها بسرعة. شكلي بدأ مقبولا. طلبت منها أن تأخذ "سلفي" لي. جلست بكل هدوء وشموخ . وسألت زوجتي لتلتقط لي هذه اللحظة التذكارية. وضعت قدما على قدم نظرت للأعلى بشموخ وعزة أمسكت قلما خشبيا كبيرا يشبه السيجار الكوبي الفاخر. وقلت لها هيا. أخذت وضعية التصوير وهي تتحرك يمنة وويسرة. وهي تقول : عليك أطلاق نظرات أكثر عزة. محاولات عديدة قمت بها، حتى وصلت للشكل المطلوب، وأنا أقول لها أسرعي قبل أن تذهب تلك المعالم من وجهي، لقد تأخرت كثيرا وفشلت اللقطة. صحت أنت دائما هكذا، سبب من أسباب تعاستي، أفسدت علي هذه اللحظة. عللت تأخرها بكاميرا الفون خاصتي القديمة. محاولات عديدة قمنا بها أنا وهي حتى وصلنا لتلك اللقطة الخاصة ب سمو أمير. ذهب خيالي بعيدا قبل أن تدخل الصغيرة وتطلب أصلاح حذائها. الأمر الذي أغضبني جدا، غادرت منزلي، فكرت لما لا اذهب لأحد المقاهي البسيطة في نواحي مدينتي الفقيرة هناك يمكنني الاستعراض على هؤلاء االفقراء ببدلتي السوداء ومظهري المتأنق و"أعيش الجو".
دخلت المقهى بكبرياء اخترت طاولة في صحن المقهى، طلبت كأسا من الشاي. وبدأت أتأمل رواد المقهى. جميعهم من العجائز. صوت أم كلثوم، واصوات الورق وهي ترمى بقوة على الخشب, وذلك البخار المتصاعد من أفواه العجائز و لباسهم الرث البسيط، جعلني أشعر بالنشوة والعزة. أخذت النظرات تتحلق حولي، إن الجميع بدأ يرقبني، سمعت أحدهم يقول : ألا يشبه النصاب الذي قدم من المدينة المجاورة وسرق أموالنا.
صاح أحد العجائز: نعم إنه هو. نادى أحدهم : يا صبري يا خالد :أحضروا أخوتكم وتعالوا بسرعة. وانت أيها النادل أغلق باب القهوة حتى لا يهرب.
أستملكني الرعب. وأنا اصيح طالبا النجدة، بعد أن تحلقوا حولي أظهرت لهم بطاقتي، حتى صدقوا أني أبن مدينتهم، وتركوني أذهب في حال سبيلي، إنه لمشهد مذل بالنسبة لي.ولشخصية أمير. وفي عودتي للبيت. توقفت سيارة جاري ليقلني معه، وهو يضحك بشدة، سألته: لماذا تضحك هكذا، وكيف عرفتني؟
ضحك بهستيريا، إنك الوحيد في الحي الذي يمشي كما لو كان بعيرا حيث ينزل رأسك للأسفل و للأعلى بهدوء وببطء شديد. استطيع تمييزك عن باقي البشر، في الليل والنهار، وعلى بعد ميل.
لكن ألم تنتبه لبدلتي وهندامي الجديد. أطلق تلك الضحكة المؤلمة. أي بدلة! لقد اعتقدت أن زوجتك تريد الخلاص منك بخنقك بقطعة القماش تلك.
وصلت منزلي وقد أعييت تماما، دخلت، رائحة البخور تملأ المكان. في الاستقبال هناك زوجتي بكامل أناقتها ، أيضا الابناء منتهى "الشياكة.". وبدأوا ينادوني بسمو الامير. وأنا صامت بوقار. زوجتي الطيبة كانت تريد إسعادي من من خلال هذا الاستقبال الحافل. جهزت العشاء. وجلسنا حول االمائدة و أنا أتذكر يومي السيء في تلك المقهى اللعينة. صاحت زوجتي هيا يا أولاد رحبوا بسمو الامير. أسعدني هذا جدا. عدلت جلستي. وتناولت ملعقة من البرغل. واخذت أمضغها بهدوء، صاحت ابنتي الصغيرة: لكن الأمير لا يأكل البرغل. نهرتها أمها والاولاد. كيف تخاطبين سموه هكذا. وهم يبتسمون بصمت. قلت في نفسي " تبا لك أيتها الصغيرة" . طلبت مني العائلة أن أكمل عشائي. وعيونهم تكاد تفر من مكانها وهم يحبسون تلك الضحكات.
أخذت أمضغ طعامي من اليسار لليمين بعكس عقارب الساعة وفمي مغلق... وانا أقول في نفسي نعم بعكس عقارب الساعة. هكذا يفعلون.
عواد المخرازي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.