الصفحات

هذا التراب | مُحمد رشاد محمود

(1) هذا التُّراب منبَتًا للبذر ، ومُمسِكًا للجِذع..
هذا التراب مُرضِعًا للجِذر ، ولَحدًا لِلشِّذَب ..
هذا التُّرابُ إنسانًا في قَبضَةِ الخالِق ، وفَخَّارًا بقبضَةِ المَخلوق ..
هَذا التُّراب حَياةً بِقُدرَةِ القَديرِ ، وحِليَةً بِحيلَةِ العاجِز ..
هذا التُّرابُ مَرتَعًا لِلدُّودِ ، ومَسرَحًا للنِّمالِ ، وسِترًا فَوقَ التِّبرِ والماسِ والفَحْم والوَقود ..
هَذا التُّرابُ هَباءً في الشَّمسِ ، ودَقاقًا بالصَّخرِ ، وصُخورًا في الطَّوْدِ وطَودًا في الصَّحراءِ
..
هذا التُّراب .. متَى يَستَريح ، وأنَّى يُريح ؟!
(2) هذا التُّراب رَهاجًا في الحَرب ، وخِصبًا تحتَ المَطَر ، ونَفحَةً في مَهَبِّ الرِّياح ، وقَعرًا في مَدَبِّ السَّيل ..
هذا التراب قُبَلًا على شَفَةِ الشَّاطئ ، ورُجومًا في الزَّوابِع ..
هذا التُّراب أرضًا وسَقفًا وجِدارًا ، ولَوحًا وتِمثالًا ..
هذا التُّراب ذَرًّا بالعِظام ، ورَفاتًا بالقَبر
ومآلًا لمُقلَة الغادة ودودَةً في المُقَل
هذا التراب ساحَةً لِلبَدء ، وسِتارًا لِلخِتام
متَى يَستَريح ، وأنَّى يُريح ؟!
(3) هذا التُّراب كَهارِبَ تَتَشَظَّى ، وسُدُمًا تَمور ..
وشُهُبًا تَسَّاقَطُ ، وشموسًا تَدور ..
هذا التُّراب مَرتَعًا للبَحْر ، ومسقَطًا لِلغَمام
وَممْرَحًا لِلنُّورِ ومَهبِطًا لِلظِّلال
وساحَةً لِلكَرب ، وَواحَةً لِلوَجْد
ومَعرِضًا للبِشر ، وحِطَّةً لِلكآبة ..
هذا التُّرابُ هادِمًا وبانيًا ، ومانِحًا وباخِلًا
وقاتِلًا ووادِعًا ، وماجِنًا وَوَقورًا
وصَحيحًا وعليلًا ، وسَمينًا وهزيلًا
ومُجِدًّا وخامِلًا ، ومُقيمًا ومُقعِدًا
ومُلِثًّا وراحِلًا وصاعِدًا وهابِطًا
هذا التُّراب .. متَى يَستَريح ، وأنَّى يُريح ؟!


(مُحمد رشاد محمود)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.