الصفحات

دراسة تحليلية لقصيدة ـ شنق زهران ـ للشاعر صلاح عبد الصبور | بقلم : د . باسل مولود الطائي ــ د. سفانة شعبان الصافي

http://mdoroobadab.blogspot.comصلاح عبد الصبور
المقدمة
الحمد لله رب العالمين حمداً يكافئ نعمه, قبل وبعد رضاه وتذكرة لأولي القلوب والأبصار وتبصرة لذوي الألباب والاعتبار, الذي أيقظ من عباده من اصطفاه, أحمدهُ أبلغ حمداً وأشملهُ وأنماه وأصلي وأسلم على أكرم الرسل سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين وأصحابه الغر الميامين وآل بيته الأطهار.
أما بعده...
فإن من مظاهر الشعر العربي الحديث نزوحه نحو الشعرية
والرومانسية والتصوف, فقد يكون ذلك ملاذاً يلوذ به الشاعر من أزمات اجتماعية وسياسية يعانيها, وقد يكون بحثاً عن عالم أكثر صفاءً ونقاءً, عالم روحاني فيه تجليات وحدس تتلاشى فيه المادية والغرائز السلبية, وإذا كان التصوف في مرحلة ما خرج عن السائد, وفيه من الرفض والتضحية وإنكار الذات, وفيه من مقومات الحب والوجد, فإن الشعر الحديث كان منطلقاً في بداياته نحو التعبير عن بعض ما تعبر عنه الصوفية, وكانت الدعوة إليه أولاً من خلال النظرة إلى الفكرة والإيحاءات, ينحو غالباً إلى الجوهر ويتخلى عن العرض, كما بدأ أنه يصبر إلى الحق والحقيقة والجمال والكمال, أي أن الشعر الحديث اتخذ من الصوفية غاية للتعبير حيث كانت أفكاره تحوم على أفكار صوفية.
من هنا كان التنوع في شعر صلاح عبد الصبور والتصوف والحداثة الشعرية يبحث عن غايات مشتركة منها هذهِ الدعوة إلى الصفاء والنقاء والشفافية في القول الغير المباشر, ومن أبرز شعراء الصوفية الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور, إذ كانت له ثقافة صوفية برزت من بواكير أشعاره بدءاً من ديوانه (الناس في بلادي), ثم تطورت, وكانت ذروة ذلك أن أصدر مسرحية (مأساة الحلاج), وخلع على هذهِ الشخصية الصوفية- الحلاج- التزاماً فجعل من الصوفية التي يعترف بأنها ضمن دوائر السكونية, أي التي لا تشارك في قضايا المجتمع, صوفية متحركة تتمرد على التقشف والكبت والجوع والقهر والظلم.
إن لصلاح عبد الصبور العديد من الألوان الشعرية والعديد من الدواوين من شعر ومسرحيات والتي سأتناولها بإيحاء وسوف أناقش قصيدة (شنق زهران) بالتفصيل.

حياة الشاعر وسيرته
صلاح عبد الصبور (( شاعر مصري ، يُعد أحد أهم رواد حركة الشعر الحر العربي ومن رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، كما أنه واحد من الشعراء العرب القلائل الذين أضافوا مساهمة بارزة في التأليف المسرحي والتنظير للشعر الحر )) ( ) .
ولد صلاح عبد الصبور في 3 مايو 1931 في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية , وتلقى تعليمه في المدارس الحكومية , ودرس اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) . وفيها تتلمذ على يد الشيخ أمين الخولي الذي ضم عبد الصبور إلى جماعة (الأمناء) التي كونها , ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى , وكان للجماعتين تأثيراً كبيراً على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر , وبعد تخرجه عين صلاح عبد الصبور مدرساً بوزارة التربية والتعليم , إلا انه استقال منها ليعمل بالصحافة , حيث عمل محرراً في مجلة ( روز يوسف ) ثم جريدة (الأهرام) . وفي عام 1961 عين صلاح عبد الصبور بمجلس إدارة الدار المصرية للتأليف والترجمة والنشر , وشغل عدة مناصب بالدار , ثم عمل مستشاراً ثقافياً للسفارة المصرية بالهند , ثم اختير رئيساً لهيئة الكتاب ( ) .
أخذ صلاح عبد الصبور يكتب الشعر في سن مبكرة وكان ذلك في مرحلة دراسته الثانوية , واخذ ينشر قصائده في مجلة الثقافة القاهرية والآداب البيروتية , وكان صلاح عبد الصبور مهتماً بالفلسفة والتاريخ , كما كان مولعاً بصورة خاصة بالأساطير , وفي الوقت ذاته كان يحب القراءة في علوم الإنسان المحدثة كعلم النفس والاجتماع والانثريولوجيا ( ) .
ولم يكن صلاح عبد الصبور شاعراً فحسب بل ناقداً انطباعياً ، وإن المتأمّل لتجربته النقدية يلاحظ أنها لم تتكرّس للشعر فحسب وإنما شملت المسرح والقصة ، وامتدّت إلى فنون أخرى كالرسم والموسيقى ( ) .
وتنوعت المصادر التي تأثر بها إبداع صلاح عبد الصبور من شعر الصعاليك الى شعر الحكمة العربي , مروراً بسير وأفكار بعض أعلام الصوفيين العرب مثل الحلاج وبشر الحافي , الذين استخدمهما كأقنعة لأفكاره وتصوراته في بعض القصائد والمسرحيات , كما استفاد الشاعر من منجزات الشعر الرمزي الفرنسي والألماني (عند بودلير وريلكه) والشعر الفلسفي الانجليزي (عند جون دون وييتس وكيتس و ت . س . إليوت بصفة خاصة) ولم يُضِع عبد الصبور فرصة إقامته بالهند ثقافياً لسفارة بلاده , بل أفاد – خلالها من كنوز الفلسفات الهندية ومن ثقافات الهند المتعددة .
في الخامس عشر من أغسطس 1981 رحل صلاح عبد الصبور الذي كان يؤمن بأن المفكر هو من يستطيع ان يمزج في رؤياه الماضي بالمستقبل . ومن يعرف ان الحاضر هو لحظة تاريخية حاسمة ... يستطيع الإنسان ان يجعل منها طريقاً إلى مجده ... أو إلى لحده ... وهو أيضاً الإنسان الذي تعنيه (الفكرة) كقيمة في ذاتها ... جديرة بأن يبذل حياته من اجلها ( ) .
الأعمال الأخرى والمسرحيات :
أولاً- قصائد متفرقة ( ) :
• حياتي وعود : مجلة الثقافة , القاهرة , 15/12/1952 .
• انعتاق : مجلة الثقافة , القاهرة , 15/12/1952 .
• عودة ذي الوجه الكئيب : دار الآداب , بيروت , 1954 .
• إلى الجندي غاضب : دار الآداب , بيروت , 1957 .
• عذاب الخريف : دار الآداب, بيروت , 1957 .
• أحزان المساء : مجلة الثقافة , القاهرة , 1960 .
• الطفل العائد : الكاتب / القاهرة , ابريل 1961 .
• المرآة والضمير : الأهرام , القاهرة , 3/9/1966 .
• الضحك : الأهرام , القاهرة , 14/4/1967 .
• أشعارهم عن الربيع : الكواكب , القاهرة , 20/9/1969 .
• انه قمري يا أصدقاء : مجلة الإذاعة , القاهرة , 4/10/1969 .
• عندما أوغل السندباد وعاد : مجلة العربي , الكويت , أكتوبر , 1979 .

ثانياً – المسرح الشعري ( ) :
• مأساة الحلاج : دار الآداب , بيروت , 1965 .
• مسافر ليل : نشرت في مجلة المسرح , القاهرة , يوليو / أغسطس , 1969 , طبعت في دار الشروق , بيروت , 1986 .
• الأميرة تنتظر : نشرت في مجلة المسرح , القاهرة , أكتوبر / نوفمبر , 1969 , طبعت في كتاب : دار الشروق , بيروت , 1986 .
• ليلى والمجنون : نشرت في مجلة المسرح , القاهرة , فبراير , 1970 , طبعت بالقاهرة , دار الشروق , بيروت , 1986 .
• بعد ان يموت الملك : دار الشروق , بيروت , 1983 .

ثالثاً - القصة القصيرة :
• قصة رجل مجهول : مجلة الثقافة , القاهرة , 8/12/1952 .
• الشمعة : مجلة الثقافة , القاهرة , 29/12/1952 .
• فدان الله : مجلة صباح الخير , القاهرة , 1/12/1958 .

رابعاً – الكتب والمقالات النقدية ( ) :
• أصوات العصر : مقالات نقدية , القاهرة , 1960 .
• ماذا يبقى منهم للتاريخ ؟ : القاهرة 1966 .
• حتى نقهر الموت : بيروت , 1960 .
• قراءة جديدة لشعرنا القديم : بيروت , 1968 .
• حياتي في الشعر : بيروت , 1969 .
• علي محمود طه : دراسة واختيار , بيروت , 1969 .
• تبقى الكلمة : بيروت , 1970 .
• رحلة على ورق : القاهرة , 1971 , قصة الضمير المصري الحديث , القاهرة , 1972 .
• النساء التي يتحطمن : القاهرة , 1976 , كتابة على وجه الريح , القاهرة , 1980.
• على مشارف الخمسين : القاهرة , 1983 .

خامساً – الأعمال المترجمة ( ) :
• سيد البنائين : مسرحية , تأليف الكاتب النرويجي هنريك ابسن .

الدراسة 
: دراسة تحليلية وأسلوبية يعلو القصيدة عتبة العنوان ( شنق زهران ) الذي يتحدث عن مجمل الأحداث التي دارت حول الشخصية البطلة التي حرّكت جميع أحداث القصة التي تحدّث عنها الشاعر صلاح عبد الصبور في هذه القصيدة ، وزهران هذا هو شخصية حقيقية عاشت في الصعيد المصري أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر في القرن العشرين غير أنّ الشاعر لم يصوّر لنا هذا الشهيد ( زهران ) ولم ينقل لنا ولو بموجز عن قيمه الخلقية والأهداف التي سعى لتحقيقها من خلال بذل روحه في سبيلها ( ) ؛ إن الشاعر في هذه القصيدة يستهل نصه بعبارة ( وثوى في جبهة الأرض الضياء) ، ولعل هذه العبارة تشير إلى سوداوية الموقف ، وكان هذا (( تصويراً مجازياً مدهشاً لوقع عملية شنق البطل ودفنه على الجماعة التي سكنها الحزن وتغلغل في تفاصيل حياتها ، وبلغة الانزياح المدهشة يصوّر لنا تلك القاعدة الجماهيرية العريضة المعنية بهذا الفقد وتلك المصيبة والتي كانت تعقد آمالاً كبيرة على بطلها لتغيير واقعها ))( ) ، إذ أن الضياء الذي يدل على روح الحياة واستمراريتها قد ثوى بمعنى : أنه قد انزوى في زاوية ضيقة ، وفي هذا نلمح أن الشر قد تغلّب على الخير بدلالة ما يأتي من نصوص لاحقة لهذا الاستهلال ففي النص اللاحق (ومشى الحزن إلى الأكواخ) نجد صحة ما ذهبنا إليه قبل قليل من تغلّب قوى الشر على قوى الخير ، وهو ما زاد من سوداوية الصورة ، ولعل الشاعر في هذا النص قد أضاف عنصر (الأنسنة) إلى نصه ، فقد جعل الحزن يمشي إلى الأكواخ وكأنه كائن حي ( مع أنه من العناصر المعنوية ) ، إذ يقوم الشاعر بتصوير (( الحزن مقروناً بأسطورة الموت والانبعاث ليعكس الحالة أو مشهد العالم العربي القابع في سباته ، وحزنه على هذه الحالة ، آملاً في نهضته ، وساعياً وراء حث الهمم لبعثه من جديد )) ( ) والملاحظ على هذين السطرين الشعريين أن الشاعر قد قدّمهما بفعلين هما ( ثوى ، مشى ) المسبوقين بحرف الواو العاطفة وكأنّ هنالك بداية مقطوعة من النص تتحدّث عن قصة زهران بطل قصتنا التي تتحدثّ عنه قصيدة ( شنق زهران ) محور البحث بدلالة وجود ثلاث نقاط تصدّرت القصيدة بمجملها ، إذ يقوم مستهل القصيدة ((بالواو العاطفة بإشاعة جو من الكآبة والحزن والإحساس بثقل المصيبة ، فإذا كانت الأحداث التي لم تقل يعطف عليها " ... وثوى في جبهة اﻷرض الضياء " وهي محنة تليها محنة أخرى هي "ومشى الحزن إلى الأكواخ تنين له ألف ذراع . كل دهليز ذراع" فإن المحن التي لم تذكر كانت كلها محناً تتوالى وتتجمع في وقت واحد قصير بالنسبة لهذا النوع من المصائب التي تستغرق زمناً طويلاً عندما تجري على وفق السنن المألوفة )) ( ) ولعل ذلك يشير إلى نص مقتطع ، أو هو قلب أحداث القصية من النهاية إلى البداية ، وهذا ما يسمى عند الباحثين بمصطلح : ( الحبكة المركبة ) ، وهو أن يبدأ الكاتب بتدوين الأحداث في قصته من النهاية ، ثم يتم استعراض الأحداث التي أدت إليها ، ثمّ يشبّه الشاعر هذا الحزن بتنين له ألف ذراع كناية عن سيطرته على جميع ما يحيط به ، ثم يعقب ذلك بعبارة ( كل دهليز ذراع ) لتوكيد قيمة الحزن التي سيطرت على قرية دنشواي التي ولد فيها زهران وعاش ، إذ يقول :
وثوى في جبهة الأرض الضياء
ومشى الحزن إلى الأكواخ
تنين له ألف ذراع
كل دهليز ذراع ( )
والملاحظ أن هذه التشبيهات كانت دقيقة للغاية ، إذ أن مقتل الفتى زهران قد أصاب قريته بنكبة كبيرة ، كما سنرى بعد ذلك من مجمل الأحداث التي روتها قصيدة صلاح عبد الصبور ثم ينتقل الشاعر إلى تبيان الحدث الجلل الذي أصاب تلك القرية وتوقيته وذلك في قوله :
من أذان الظهر حتى الليل
يا الله
في نصف نهار
كل هذي المحن الصماء في نصف نهار
مذ تدلى رأس زهران الوديع ( )
فقد كان المشهد مظلماً بسبب شنق زهران ، على الرغم من أن هذا الحدث قد قام به المحتلون الإنجليز في وضح النهار ، ولعل الملاحظ على النص السابق استعمال الشاعر لأسلوب النداء لغرض التعجب ا وذلك في قوله : ( يا الله ) وقوله أيضاً : ( كل هذي المحن في نصف نهار ) ثم ينتقل الشاعر إلى وصف الشخصية البطلة (زهران) الذي تدلّى رأسه مشنوقاً في ذلك اليوم ، وذلك في قوله :
كان زهران غلاما
أمه سمراء ، والأب مولّد
وبعينيه وسامه
وعلى الصدغ حمامه
وعلى الزند أبو زيد سلامه
ممسكا سيفا ، وتحت الوشم نبش كالكتابه
اسم قريه
(( دنشواي )) ( )
إن زهران في هذا المقطع الشعري المليء بعنصر الوصف يتمثّل بغلامٍ الواقع في قوله : ( كان زهران غلاماً ) إذ يتحدث عنه الشاعر من طفولته وحتى يوم شنقه ، )) إنّ حظ سيرنا الشعبية من اهتمام شعرائنا المعاصرين بالغ الضآلة إذا ما قيس بثراء هذه السير ، وامتلائها بالأبطال وبالشخصيات الغنية بالأبعاد النفسية والاجتماعية ، والتي تصلح لحمل أدق خلجات الشاعر المعاصر )) ( ) ولعل في ذلك دلالات عدة تتمثّل بالعنفوان والشباب والحيوية والنشاط ، غير أنّ مجيء الفعل الناقص ( كان ) يشير إلى انقضاء هذا الشباب وانتهائه بموت البطل الذي تتحدث عنه القصة في هذه القصيدة ، ثم يُتبع ذلك بقوله ( أمه سمراء ) في إشارة إلى الأم العربية الأصيلة لأن العرب يتّسمون بالسمرة ، ثمّ قوله : ( والأب مولِّد) في إشارة إلى كثرة الأبناء الذين أنجبتهم تلك المرأة من ذلك الأب ، وهو ما يدلُّ على كثرة الأبناء في تلك الأسرة العربية التي عاشت في الصعيد المصري ، وعلى الرغم من السمرة التي حملته بشرة زهران العربي الأصيل إلا أن عيني ذلك الفتى كانتا متّسمتان بالوسامة في إشارة إلى الشباب الذي كان يتمتّع به الشاب زهران ،كما أن مما زاد من وسامة هذا الفتى وجود وشم على شكل حمامة في صدغه ، وذلك من دلائل وسامة العربي ومن مثيرات إعجاب النساء به ، وفضلاً عن ذلك ما تمتّع به هذا الشاب من قوة وعنفوان مما أشار إليها الشاعر في قوله : ( وعلى الزند أبو زيد سلامه ) في إشارة إلى أبي زيد الهلالي صاحب الملحمة العربية الشهيرة الذي كان يتّسم بالشجاعة والقوة ، متبعاً ذلك بقوله : ( ممسكا سيفا ) ليؤكّد المعنى الذي ذهبنا إليه قبل قليل مما ذكره الشاعر في السطر الشعري السابق .
ثمّ يتحدّث الشاعر عن وشم ( وهو عبارة عن كلمة أو مجموعة كلمات كان الناس يكتبونها على أجسادهم ) وكان زهران أحد الذين فعلوا ذلك فقد وشم جسمه بكلمة واحدة هي دنشواي ( اسم قريته ) ولعل في ذلك إشارة إلى حجم الحب الذي كان زهران يكنّه لقريته ولوطنه (( إن هذه الصورة والنقوش المحفورة على الزند " نقش كالكتابه " ليست للزينة أو للغو والثرثرة ، ولا تحمل قيمه زخرفيه تجريدية . إنها ذات دلالات ورموز عميقة وواسعة المدى . فما نقش الحمامة على الصدغ إلا توق إلى الحرية والسلام ، وما سيف أبا زيد إلا رمزا للبطولة الشعبية ، والانتماء التاريخي لها . ودعوة لمواصلة الكفاح الشعبي ضد الغزاة ، كما أنّ " دنشواي " اسم يخرج من مفهومه الضيق ليصبح رمزاً للوطن كلّه )) ( )
، ثمّ يستمر الشاعر في وصف زهران الذي يظهر في النص الآتي :
شب زهران قويا
ونقيا
يطأ الأرض خفيفا
وأليفا ( )
إذ نلمح في هذا النص مزيداً من رسم ملامح هذه الشخصية ، فزهران قوي وأنيق ويمشي على الأرض خفيفاً وأليفاً ، وكل ذلك نلمح فيه دلالات الشباب والعنفوان ، (( بهذه البساطة والشفافية ، يقدم الشاعر بطله الشعبي ، إنه واحد من البسطاء الممتلئين اعتزازاً واعتداد بالنفس ، والانتماء ، وتحدياً
معجوناً بالطيبة والوداعة وحب الحياة )) ( )
ولعلنا نلمح في النص الشعري السابق قوة الموسيقى الداخلية الكامنة في الكلمات الآتية ( قوياً / نقيّاً ) و ( خفيفاً / أليفاً ) ولعلّ حضور هذه الموسيقى في النص قد منح النص مزيداً من النغمية والإيقاع مما يزيد من طرب القارئ )) وهذه القيم الصوتية تؤلف النسيج العام لموسيقي النص وهي بتعبير آخر الانسجام الصوتي الداخلي الذي ينبع من التوافق الموسيقي بين الكلمات ودلالاتها )) ( ) وبالتالي تمتين العلاقة بين المبدع ( المرسل ) والمتلقي ( المرسل إليه ) من خلال النص الشعري ( الرسالة ) ، ونلاحظ في هذا النص أيضاً استهلال السطر الشعري الأول من النص بالفعل الماضي ( شبَّ ) وترك للاسم والحرف المساحة المتبقية من النص ( زهران ، قوياً ، ونقياً ) وكذلك فعل مع السطر الشعري الثاني فقد استهلّه بالفعل المضارع ( يطأ ) وترك المساحة المتبقية لشغلها بالأسماء والحروف ( الأرض ، خفيفاً ، وأليفاً ) ولعلّ دلالات الفعل هي الدينامية التي تزيد من حركة النص ، ذلك أن الفعل هو (( حدث ومن البديهي أن ترتبط به مجموعة من المتعلقات ، كالمحدِث والمحدَث والغاية والهيئة والزمان والمكان ، إنه كالمحور وحوله تلتف هذه المجموعة من المتعلقات وإنها لترجع في معانيها إليه )) ( ) في حين نجد أن دلالات الاسم هي الثبات والرسوخ مما يزيد بالتالي من وضوح الصورة وتأكيد المعاني التي جاء بها النص .
أما في النص التالي فإنّ الشاعر يحاول فيه أن يكون أكثر دقة في وصف شخصية زهران وطباعه ، إذ يقول :
كان ضحاكا ولوعا بالغناء
وسماع الشعر في ليل الشتاء ( )
إذ تتّصف شخصية زهران على وفق ما ورد في النص بحبّها وولوعها بالغناء وسماع الشعر ، ولعل ذلك له دلالات على وقوع زهران في الحب فقد أصبح شاباً ويافعاً ، وهذا ما سنجده في النص الشعري اللاحق للنص السابق :
ونمت في قلب زهران ، زهيره
ساقها خضراء من ماء الحياه
تاجها أحمر كالنار التي تصنع قبله ( )
فقد وقع قلب زهران في الحب بدلالة السطر الشعري الأول ( ونمت في قلب زهران ، زهيره ) ، ولعلّ الفتاة التي أحبّها كانت فتاة نضرة وشابة وجميلة ومليئة بالشباب والعنفوان ( ساقها خضراء من ماء الحياه ) ، تلك الفتاة كانت فتاة عربية أصيلة تتمسّك بتقاليد مجتمعها وعاداتهم ، فقد كانت فتاة محتشمة بدلالة التاج الأحمر الذي تضعه على رأسها ، مما يزيدها جمالاً ووقاراً وهيبة ففي نظر جميع أهالي قرية ( دنشواي ) إذ أنّ (( الحمرة هنا حب وانفعال وجداني يتحول إلى شيء آخر والزهيرة صارت شجيرة ، وحمرة الحب الرومانسي الريفي الخجول أول اﻷمر ، تحولت في نهايته إلى حمرة نار الثأر والانتقام من المستعمر الذي احرق دنشواي))( ).
ولعلنا نلمح في النص الشعري السابق أسلوب التشبيه الذي يزيد من دقة تصوير المشهد الذي جاء به النص ( تاجها أحمر كالنار ) وجاء هذا التشبيه في شقّين : أما الأول : فقد استفاد الشاعر من العنصر اللوني ليكشف عن مدى الشبه الكبير بين لوني الحجاب التي كانت تلبسه تلك الفتاة وبين النار ، وأما الشق الثاني فقد جاء التشبيه ليوضّح مدى الشبه بين النار من حيث اشتعالها وتفاعلها ومدى ثورتها وبين القُبلة التي تمثّل تلك الرغبة العارمة التي يرغب زهران وحبيبته في حصولها بينهما .
أما في النص التالي فإن الشاعر يزيد من حركية الصورة من خلال استعماله لعدد من الأفعال والأساليب ، إذ يقول :
حينما مر بظهر السوق يوما
ذات يوم...
مر زهران بظهر السوق يوما
واشترى شالا منمنم
ومشى يختال عجبا ، مثل تركى معمم
ويحيل الطرف ..... ما أحلى الشباب
عندما يصنع حبا
عندما يجهد أن يصطاد قلبا ( )


إذ نلمح في هذا النص عدداً من الأفعال ( مرَّ ، اشترى ، مشى ، يختال ، يحيل ، يصنع ، يجهد ، يصطاد ) ، فكل هذه الأفعال استطاعت أن تنقل رؤية المتلقي من مكان إلى آخر ، صانعة فيما يشبه لقطات الكاميرا (( فالفعل في هذا المشهد ذي الطابع الدرامي ، هو الذي يقود الحركة ، وهي حركة متطورة متجددة ، ولكنها لا تتجه – في تطورها وتجددها – اتجاهاً أفقياً مسطّحاً ، وإنما تسير في خط رأسي تصاعدي ؛ إذ لا تعبر الأفعال عن الانتقال ، من حركة إلى حركة أخرى منقطعة عن سابقتها ، وإنما تعبّر عن علاقة طردية بين الحركات ، حيث تكون الحركة اللاحقة نتيجة للحركة السابقة)) ( ) ، ولعلّ ذلك يدعونا إلى القول أنّ الشاعر أصبح في هذا النص منتجاً سينمائياً - إن صحّ التعبير ، وفضلاً عن ذلك فإنّ الملاحظ على هذا النص أنّ الشاعر فيه استطاع أن يصوّر مرحلة الشباب التي كان يتمتّع بها زهران ( بطل القصة ) ، فهو ( يختال في مشيه ) و ( يحيل الطرف ) على النحو الذي يُسهّل له فرصة التقاط قلبٍ يحبه ،)) وهذا الترتيب لمحاور السيرة يأتي من أفق الوعي بتطور شخصية البطل، فالحب والمرأة في كثير من السير يعد كل منهما حافزاً ضرورياً ومهما لتحقيق الذات ، والارتباط بالمكان ((( ) وهذا ما حصل له وهو ما ستكشفه لنا مجريات الأحداث التي نقلتها هذه القصيدة ؛ ولعلّ الشاعر استفاد من عددٍ من الأساليب البلاغية مثل التشبيه وذلك في قوله : ( ومشى يختال عجبا ، مثل تركي معمم ) ، إذ نلحظ أسلوب التشبيه ماثلاً للعيان من خلال استخدامه للأداة ( مثل ) وذلك لتقريب صورة المشهد للمتلقي .
ثم ينتقل المشهد من رحلة البحث عن الحب ، إلى مرحلة زمنية لاحقة فيما يسميه السرديون بـ ( التقطيع الزمني ) وذلك في قوله :
كان ياما كان أن زفت لزهران جميله ( )
إذ استعمل الشاعر هذا الأسلوب لينقلنا من مرحلة زمنية إلى مرحلة أخرى مستفيداً من الأسلوب الحكائي القديم ( كان ياما كان ) ليزيد من العلاقة الأزلية بين القارئ والنص الإبداعي ، ولعلّنا نلمح في هذا النص مدى التطور الحاصل في حياة زهران ، فبعد أن كان يبحث عن الحب والاستقرار أصبح الآن منغمساً ومتمازجاً فيهما ، ثمّ ينقلنا الشاعر بعد ذلك إلى زمنٍ لاحقٍ وذلك في قوله :
كان ياما كان أن أنجب زهران غلاما ... وغلاما ( )
إذ تتسارع الأحداث في حياة زهران ( البطل ) لينتقل من مرحلة الشباب إلى مرحلة الرجولة وتحمّل المسؤولية ، فقد أصبح أباً لطفلٍ بل لمجموعة أطفال ، والملاحظ على هذا النص أن الشاعر قد استهلّه أيضاً بعبارة ( كان ياما كان ) ولعلّ هذه العبارة تعيد إلى أذهاننا الحكايات العربية القديمة كحكايات ألف ليلة ولية التي كانت تُستهلُّ بهكذا عبارات ، ثمّ ينقلنا الشاعر في النص اللاحق إلى مرحلة زمنية أخرى وذلك في قوله :
كان ياما كان أن مرت لياليه الطويله ( )
مستهلاً نصّه السابق بالعبارة نفسها ( كان ياما كان ) للدلالة على تقادم الزمن وتسارع الأحداث فيما يشبه ( التقطيع الزمني للقصة ) إذ (( يستهل الشاعر صلاح عبد الصبور سيرة زهران ( بفعل الكينونة ) ، ذلك المفتتح السائد في رواية السيرة الشعبية الذي يلج به الراوي إنهاء السيرة، وينقل المتلقي إلى زمن بعيد أو موغل في القدم )) ( ) ، ولعلّ المغزى من ذلك هو رغبة الشاعر في أن ينقلنا من الأحداث العادية للقصة إلى الأحداث الجسام التي ستنكشف لنا لاحقاً .
إنّ النصوص الشعرية السابقة تمثّل مراحل السعادة والفرح في حياة زهران (البطل ) في حين تمثّل النصوص الشعرية اللاحقة من القصيدة مراحل الحزن والبؤس في حياته ، (( إذ لابد من وجود منطقة وسطى تربط بين المعنى وضده ، وتوازي أحدهما خلف اﻵخر بانتظار إعلان ذاته )) ( ) ، إذ يقول :
ونمت في قلب زهران شجيره
ساقها سوداء من طين الحياه
فرعها أحمر كالنار التي تحرق حقلا ( )
إذ نلمح في هذا النص نوعاً من التغيّر في حياة زهران من مرحلة الفرح إلى مرحلة الحزن بدلالة الألفاظ ( سوداء ، فرعها أحمر ، تحرق الحقلا ) ، فقد شبّه الشاعر تلك المرحلة الخطيرة من حياة زهران بشجيرة نبتت في قلب زهران ( البطل ) للدلالة على عمق وتجذّر هذه الأحداث الجسام في حياته ، هذه الشجيرة ( ساقها سوداء ) كناية عن مدى القبح الذي تمثّله ، ( من طين الحياه ) كناية عن كونها بشرية الصنع ، ( فرعها أحمر كالنار التي تحرق حقلا ) كناية عن مدى الفعل الشنيع الذي وصلت إليه تلك الأحداث وهنا فإنّ زهران قد أصبح (( معدّاً لطور من الولاء والوعي بدوره ، يليق بمرحلته العمرية ، يجعله بعد ذلك قادراً على إدراك الخطر الحقيقي المهدد لعناصر الحياة في الواقع ، وقادراً على المواجهة والتحدي))( ) ، ولعلّنا نلحظ في هذا النص استعمال الشاعر لأسلوب التشبيه من خلال توظيفه لحرف التشبيه ( الكاف ) الذي جاء به الشاعر ليقرّب من خلاله صورة المشهد للمتلقي .
في النص اللاحق نجد الفرح الذي اعتاد عليه زهران وقد انقلب غماً وحزناً ومأساة ، إذ يقول :
عندما مر بظهر السوق يوما
ذات يوم
مر زهران بظهر السوق يوما
ورأى النار التي تحرق حقلا
ورأى النار التي تصرع طفلا ( )
إذ نلمح في النص مفارقة واضحة مع نصٍّ شعريِ سابقِ وهو قوله : ( حينما مر بظهر السوق يوما ... عندما يجهد أن يصطاد قلبا ) ، إذ تنعكس المعادلة بين حياة زهران في السابق وبين ما يعيشه اليوم ، ففعل الحدث هو واحد ( مروره بظهر السوق ) أما عن صورة المشهد المرئي فهو مختلف تمام الاختلاف ، فبعد أن كان هم البحث عن الحب هو مشغله وشاغله أصبح الأمر الآن مختلفاً ، فالحياة التي أحبّها وأحبّته أصبحت على جرفٍ هارٍ ، فقد التهمت النيران كل ما هو جميل في حياة زهران ( كناية عن المآسي والموت والقتل الذي تعرّض له أبناء قريته على يد الإنجليز ) ، فـ ( الحقل / الطفل ) هما مصدر الحياة وواجهتها ولا يمكن للحياة أن تستمر بدونهما ، وقد أصبحا الآن تحت رحمة النيران التي تلتهمهما ، فماذا سيكون موقف زهران ( صديق الحياة ) وقد رأى هذا المشهد ؟ بالطبع سيكون صدمة كبرى له ، وهذا ما سنجده في النصوص الشعرية اللاحقة التي تضمّنتها القصيدة ، والشاعر هنا نجح في توظيف أسلوب التكرار الماثل في قوله : ( ورأى النار التي تحرق حقلا / ورأى النار التي تصرع طفلا ) ليمنح الصورة مزيداً من الوضوح والاستقرار في الذهن المستقبلة .
ولعلّ ردّة الفعل الأولى التي قام بها زهران كانت الدعاء ، إذ يقول :
كان زهران صديقاً للحياهْ
ورأى النيران تجتاح الحياهْ
مد زهران إلى الأنجم كفا
ودعا يسأل لطفا
ربما ... سورة حقد في الدماء
ربما استعدى على النار السماء ( )
فقد توجّه زهران بقلبه إلى الله ( سبحانه وتعالى ) رافعاً يديه إلى السماء ، فكان مثالاً للمسلم الصابر الذي يعلم أنّ الله سبحانه وتعالى هو الموجّه لهذا الكون وهو القادر على تغيير مجريات الأمور على وفق قدرِ الله تعالى الذي قدّره (( وفي لحظة ثورة نفسه العارمة، وحين يصبح الخيار المطروح " أكون أو لا أكون " ، يتجه إلى السماء ، مادا أكف الضراعة )) ( ) ولعلّ حضور حرف الفاء قافية لهذا المقطع قد منح المعنى الذي احتواه النص نوعاً من الرقة واللطف ، ولعل الفاء فضلاً عن كونها تمثل قافيه السطر الشعري فإنها أيضاً تمثل الموسيقى الداخلية للنص ، ((كونها تعتمد باختيار نوعية الحروف في الكلمة الصائتة والحروف الصامتة مثلا ودور كل منها وما تنتجه من أثر عبر عملية التآلف التي تنسج تاليا من عملية التنظير هذه )) ( ) لأن الموقف هنا هو موقف تذلّل أمام الرب ( جلّ وعلا ) ، وفي السطرين الشعريين الثالث والرابع يحاول الشاعر أن يبيّن الأسباب التي دعت إلى حدوث كل تلك المآسي ( ربما ... سورة حقد فى الدماء / ربما استعدى على النار السماء ) ؛ ثمّ ينتقل الحدث في النص اللاحق ليصوّر مشهد النهاية التي وصل إليها زهران ، وذلك في قوله :
وضع النطع على السكة والغيلان جاءوا
وأتى السياف مسرور وأعداء الحياه
صنعوا الموت لأحباب الحياه
وتدلّى رأس زهران الوديع ( )
إذ تبدأ الأحداث بالتسارع ويوضع حبل المشنقة حول رقبة زهران ، ولعلّ الشاعر قد استعمل لفظة ( الغيلان ) للدلالة على قبح إنسانيتهم بعد أن أشاعوا الفساد في كل الأصقاع ، ونلمح في هذا النص توظيف الشاعر لشخصية ( مسرور) التاريخية للدلالة على نهاية الأحداث التي سيؤول إليها زهران ، فالشاعر صلاح عبد الصبور هنا يوظّف شخصية السياف "مسرور" المرتبطة بظلم "شهريار" ، ويصنع بذلك حالة من التراسل بين صورتين وزمنين ، فمسرور- في ألف ليلة وليلة - يمثل يد السلطة الغبية الغاشمة الموكلة بأرواح العذارى البريئات ، المهددة لمصدر الحياة ، والخصب ، والامتداد ومسرور (هنا) يمثّل سيف السلطة المستبدّة التي تتوهم أن قتل بطل الجماعة ، المنذور لتخليصها من رداءة واقعها ، هو السبيل لاغتيال الثورة وروح المقاومة ، وهو الضمانة لاستمرار الواقع بكل تشوّهاته ( ) ، إذ يبيّن الشاعر أن مسرور ( كناية عن الشخص الذي آل إليه مهمة شنق زهران ) وكذلك أعداء الحياة ( كناية عن جنود الجيش الإنجليزي المحتل لمصر آنذاك ) قد جاءوا ، لعل حضورهم هذا كان لقتل الحياة وأحبابها ، )) ويجعل ختام قصيدته دعوة إلى المواجهة والتحدي ، وأن يكون كل فرد في المجتمع هو " زهران " ؛ ﻷن زهران كان قيمه كبرى في حياتهم )) ( ) فالحياة إنما يمثّله أبناء البلد الخيرين الذين أسهموا في إعمارها لا أولئك الأوباش الذين جاءوا للقتل والسلب والنهب ، وهذا ما فعلوه في البلدان التي احتلوها ، وهكذا آل المشهد في النهاية وانتهى بمصرع زهران وتدلّي رأسه ، ذلك الفتى الوديع المحب للخير ؛ ولعل الملاحظ على النص السابق احتوائه على مجموعة من الأفعال الماضية ( وضع ، جاءوا ، أتى ، صنعوا ، تدلى ) للدلالة على وقوع الحدث وانتهاء المشهد بهذه النهاية المأساوية الفظيعة .
ولعلّ موت زهران هذا ستكون له ردة فعل لدى أهله وأبناء قريته التي عاش فيها ، وهو ما نراه ماثلاً في النص الشعري اللاحق الذي اختتم به الشاعر قصيدته ، إذ يقول :
قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع
قريتي من يومها تأوي إلى الركن الصديع
قريتي من يومها تخشى الحياه
كان زهران صديقا للحياه
مات زهران وعيناه حياه
فلماذا قريتي تخشى الحياه . ( )
إن ردة الفعل التي قام بها أهله وأبناء قريته والتي نجدها في النص هي (البكاء ، والخوف ، والاستسلام ) ولعلّ هذا الأمر لم يكن بالمستوى المطلوب ، فموت زهران ( المحب للحياة ) كان حدثاً جليلاً ، ولعلّ الشاعر هنا يمهّد (( ببراعة فائقة لمصير "زهران" عبر ارتباطه بقريته الوطن ومن ثم استشهاده من أجلها . موفراً المناخ التراجيدي التصاعدي ، الذي ينمو داخل القصيدة(( ( ) ولعلّ الحزن والبكاء مطلوبان من أهل قريته التي لم تأتدم سواهما غير أنّ تفاصيل هذا الحدث كان لابدّ أن يُترجم بانتفاضة عارمة يحاول الشعب من خلالها الاقتصاص من المجرمين الذين اختطفوا البسمة من شفاه الحياة بكل وجوهها وأشكالها الممثّلة بزهران فهو كان ( صديقاً للحياة ، وقد مات وعيناه تمتلئان بالحياة ) ، إنّ هذا الموقف الاستسلامي الذي قبله به أهل قريته إنما يقف بالضد من الحياة ، لأنّ الاقتصاص من المحتلين إنّما يمثّل استعادة الحياة الحقّة التي لابدّ أن يحياها كل إنسان غير أنّ الاستسلام إنما يمثّل التفريط بالحياة أو ببعض مظاهرها ؛ ولعلّنا نلحظ في هذا النص كثرة الأفعال المضارعة ( تأتدم ، تأوي ، تخشى ) وقد جاءت هنا للدلالة على استمرارية الحدث المؤلم الذي انتهى بأسلوب الاستفهام ( فلماذا قريتي تخشى الحياه ؟ ) الذي يراد من ورائه أن يغيّر الناس في هذه القرية موقفهم ويقوموا بالفعل المناسب للاقتصاص من المجرمين ، (( ويجعل ختام قصيدته دعوة الى المواجهة والتحدي، وان يكون كل فرد في المجتمع هو "زهران" ؛ ﻷن زهران كان قيمه كبرى في حياتهم))( ) ولعلّ هذه الجملة الاستفهامية ستبقى شاهداً أمام أنظار الشعوب العربية التي تخاذلت عن تحرير أراضيها المحتلّة وبقيت ترزح تحت قهر المحتلين الغاصبين بل وستبقى واخزاً لضمائر المخلصين من أبنائها .

التكرار في قصيدة شنق زهران
الذي أطلق عليه القدماء (التوكيد), وفائدتها في جمع ما تفرق من الأبيات والمقاطع الشعرية, ويظهر التكرار في القصيدة الحديثة كمؤثر يبين وجهة الشاعر في أفكاره ومشاعره, بل قد يكون هو المفتاح للدخول إلى عالم النص( ).
والتكرار أحد الأدوات الجمالية التي تساعد الشاعر على تشكيل موقفه وتصويره؛ لأن الصورة الشعرية على أهميتها ليست العامل الوحيد في هذا التشكل.
هذا التكرار لا يقف عند حدود تكرار الألفاظ بل يشتمل تكرار الحروف, وتكرار الأدوات, وتكرار الكلمات المفردة, وتكرار الجمل وأشباه الجمل وتكرار المقطع. وقد يتعدى إلى تكرار الصورة الشعرية( ).
وفي ديوان (الناس في بلادي) للشاعر صلاح عبد الصبور يُلمَح تكرار الاستهلال الذي يأتي من مطلع النص الشعري أو في بداية كل مقطع, والتكرار العباري (الذي يأتي في صلب النص, والتكرار المتدرج (الهرمي), والتكرار التراكمي, والتكرار الدائري وتكرار بنية أو تكرار حرف). مما يعني أن الشاعر وظف الإمكانات اللغوية التقليدية ومنها ظاهرة التكرار, وبعكس إلحاح الشاعر على الاستخدام المكثف لأشكال التكرار الأهداف النصية والإيقاعية التي يحققها هذا التكرار( ), حيث يخدم ذلك غنائية النص وبنيته الإيقاعية.
إن من يقرأ قصيدة صلاح عبد الصبور (رحلة في الليل) يحصي أكثر من اثنتي عشرة مفردة تدور حول معنى الليل والإمساء والإظلام وقد جاءت جميع المقاطع ذات علاقة وثيقة بالليل, فمن خلال المقطع التي تحتويها القصيدة يتعين أن يكون الليل رمزاً( ), ويكرر الشاعر (الإمساء, الليل) مقيماً بالكلمة نفسها صورة شعرية جديدة فيقول:
ذات مساء, حطْ من عالي السماءِ أجدل منهوم
ليشرب الماء
ويعلك الأشلاء والذماء (الديوان: 9)
والتكرار هنا يبرز قيماً شعورية تعبر عن رؤية جديدة لا تقف عند حدود الهم الذاتي بل تتعداه إلى الذات الإنسانية في صراعها مع التقهقر والجبن( ). فالشاعر يرى الحزن في كل شيء حتى في عالم الطيور, لذا تجده يخشى على نفسه من المصير المتربص به( ), والمصير هو سحيقة تثير ظنونه الخانقة, فيكرر كلمة (المصير) ثم يتلوهما بجملة (والمصير هوة تروع الظنون).
دور الكلمة في هذهِ القصيدة يتضح من خلال تكرار الصورة الشعرية التي تتخذ الكآبة عاملاً مشتركاً ثم تقيم في كل مرة صورة جديدة فنجد الصور كالتالي: (الليل ينقضي لا ضمير, يطلق الظنون, يثقل الفؤاد, رحلة الضياع, بحر العدم, الظلام محنة الغريب, الظنون لم تدع جفني ينام, دوامة السكون, الخمر تهتك الأسرار وتفضح الإزار, يعلك الأشلاء, يشرب الذماء, عيناه خنجران, الوجه وجه بوم, صوته يشدخ المساء, المصير هوة تروع الظنون, نفحة الجبل, من أكتافه الغلاظ جذع نخلة عقيم...).
مثل هذا التكرار الموظف في تشكيل الصورة الشعرية تجده في قول الشاعر:
وأتى السياف مسرور وأعداء الحياة
صنعوا الموت لأحباب الحياة
وتدلى رأس زهران الوديع
قريتي من يومها لم تأتدم إلا الدموع
قريتي من يومها تأوى إلى الركن الصديع
قريتي من يومها تخشى الحياة
كان زهران صديقاً للحياة
مات زهران وعيناه حياة
فلماذا قريتي تخشى الحياة (الديوان: 21-22)
فكلمة (حياة) تلعب دوراً كبيراً في قصيدة (شنق زهران)؛ لتكون كالنغمة الأساسية التي تصور المشهد بكامله, وتعبر عن جو القصيدة العام, وعلى المستوى التركيبي تلحظ تكرار اللفظ في نهاية عدة جمل أو أجزاء من الجمل يتلو بعضها بعضاً توالياً غير مباشر.
إن كلمة (حياة) تكررت في الأسطر التسعة السابقة ست مرات, وهي لا تلعب دورها -هنا أساساً - من مجرد التكرار العددي, وإنما تقوم بدور (المقابل) للحالة الشعورية المسيطرة. فالخوف هنا ليس خوفاً من الموت, كما تقتضي الطبيعة الشعورية, إنما هو خوف من الحياة. ولذلك يرتكز الشاعر على كلمته المكررة للحض على البقاء والترغيب في الحياة, ونفي الخوف عنها.
وقد عبر الشاعر عن ذلك بالصورة التي يخلق منها في كل مرة صورة شعرية جديدة حين ينشئ علاقة جديدة مع كلمة أخرى, فهو أولاً يجعل الزهيرة التي نمت في قلب (زهران) ساقها خضراء من ماء الحياة, ثم يجعل الشجيرة التي نمت في قلب (زهران) ساقها سوداء من طين الحياة, ثم يعقد صداقة بين (زهران) و(الحياة) ثم يشخص تلك النيران التي اجتاحت الحياة, فكلمة (الحياة) ثابتة, ثم يُضيف لها الفعل, أو الصفة الإنسانية فتتشكل الصورة الجديدة. والحياة لن تحمل دلالة الحيوية بل ستحمل دلالة الخوف والرهبة( ).
وبذلك تستطيع تفسير تكرار مفردة (زهران) خمس عشرة مرة في القصيدة مرتبطة بمعاني الوداعة والتفتح وحب الحياة( ). وفي قصيدة (الحزن) نرصد تكرار مفردة (الحزن) في ثلاثة عشر موضعاً, وقد وردت (نكرة مرفوعة) في السطر الأول من القصيدة, ثم راوحت بين التعريف والتنكير وبين الرفع والجر في أسطر القصيدة, وفي معظمها أُتبعت (الحزن) بأوصاف, مثل: (ضرير, طويل, صموت, تمدد, من قهر القلاع, قد سمل العيون, قد عقد الجباه, يفترش الطريق) فتكرار مفردة (الحزن) بصيغها المختلفة قد سيطر على القصيدة مشكلاً صوراً متنوعة.
فمنذ أن بدأ الشاعر العربي في العصر الحديث اتصاله بالمُنجز الشعري الغربي, أخذ يلج هذهِ الميادين الغائبة في شعرنا القديم, فنظم محمد عثمان جلال, وإبراهيم العرب, وأحمد شوقي, قصصاً شعريةً على لسان الحيوان والطير. وحين أمعن الشاعر صلاح عبد الصبور في الاتصال بالأدب الغربي على يد مطران, ورائدي الاتجاه الرومانسي: عبد الرحمن شكري, وأحمد زكي أبو شادي, أخذ في اقتحام مجالي الشعر الملحمي والقصصي.
وقد وجهت ثورة 23 يوليو أدباء مصر خاصة نحو الواقعية الاشتراكية, التي تنفر من الذاتية الرومانسية, وتجنح إلى الجماعية, ومُعايشة التجارب التي يعيشها المجتمع, فكان هذا الواقع الجديد دافعاً إلى تحول الأدب, وتغير مجرى القصيدة العربية, واتخاذ القصة إطاراً لمعالجة تجارب الشاعر, والتعبير عن انفعالاته حتى يقترب من الواقعية, وظهر في تجارب الشعر الجديد عشرات القصائد, التي تنحو هذا المنحى( ).
فديوان (الناس في بلادي)( ) لصلاح عبد الصبور يُعدّ من أصول الحركة الشعرية الجديدة في الوطن العربي, وعلى الرغم من أنّ أعماله الشعريّة, وشمولها, واتساع مداها, أو من ناحية الأدوات, والتكنيكات الفنية التي تجسدها هذهِ الرؤية, فإن هذا الديوان يحتل مكانةً خاصة في تاريخ الحركة الشعرية الجديدة, ويمثل علامة بارزة على طريق هذهِ الحركة, باعتباره واحداً من الأعمال الرائدة التي أسهمت في إرساء دعائمها, وتحديد قسماتها الفنية والفكرية, وتركت بصماتها على مسار تطورها( ), وتبدو النزعة الدراسية واضحةً جلية في الكثير من قصائد هذا الديوان, التي يبنيها بناءً درامياً معتمداً على استعارة بعض أدوات الأجناس الدراسية وتكنيكاتها( ).
فهو يستعير عدة تقنياتٍ من فنّ المسرحية, وفي مقدمتها تعدد الأصوات, والصراع, والحوار. كما في تجاربه (رحلة في الليل), و(رسالة إلى صديقة), و(أناشيد الغرام).
وقد يستلهم أعمالاً مسرحية بعينها, كما في تجربة (لحن) حيث يبدو التناص واضحاً بينها ومسرحية (روميو وجوليت) لشكسبير. وكما تداخلت بعض تجاربته مع فنّ المسرحية, فقد استعار بعضها تقنيات القصة, مثل: أسلوب القص, والارتداد (الفلاش باك), والمونولوج( ).
اللون في قصيدة شنق زهران
يعد اللون أحد الصفات الملموسة الأكثر بروزاً في أشياء هذا العالم( ), لذلك يحرص الشاعر في ديوان (الناس في بلادي) على تقديم الذوات والأشياء بألوانها (محبة صفراء, ورقة بيضاء, ديباجة سوداء, سحابة حمراء, الراية السوداء, تاجها أحمر, ساقها سوداء, فرعها أحمر, إلهي أسمر الجبهة, عمامة بيضاء), واختلاف الألوان يؤسس عالماً مرئياً يقرب القصيدة إلى اللوحة الفنية, وذلك يظهر خاصة في القصائد التي تكثر فيها الألوان كقصيدة (شنق زهران):
ونمت في قلب زهران، زهيرة
ساقها خضراء من ماء الحياة
تاجها احمر كالنار التي تصنع قبلة
كان ياما كان أن مرت لياليه الطويلة
ونمت في قلب زهران شجيرة
ساقها سوداء من طين الحياة
فرعها أحمر كالنار التي تحرق حقلاً (الديوان: 19-20)
فالحمرة هنا حب وانفعال وجداني يتحول إلى شيء آخر, والزهيرة صارت شجيرة, وحمرة الحب الرومانسي الريفي الخجول أول الأمر, تحولت في نهايته إلى حمرة نار الثأر والانتقام من المستعمر الذي أحرق دنشواي.
كذلك يشعرنا اللونان (الأسود والأخضر) بتناقضات الموت والحياة, فيوصف سائق الزهيرة بأنها خضراء لينة ضعيفة تُسقى من (ماء الحياة).



أهم مميزات القصيدة :
1. يشير العنوان الذي حملته هذه القصيدة إلى مجمل الأحداث التي دارت حولها القصيدة ، وهنا علينا القول : إن العنوان كانت وظيفته دلالية وصفية.
2. يعتمد الشاعر على أسلوب التشبيه كثيراً ، وكانت أغلب تشبيهاته دقيقة ليقرب الصورة من خلال ذلك للقارئ ، مستفيداً من ذلك في توطيد علاقته بالقارئ .
3. يستفيد الشاعر من العنصر اللوني كثيراً فيما يتعلق بالوصف ، وذلك ليكون أكثر دقة في نقل المشهد الذي يشاهده أو يتمثّله ، وبذلك يقترب الشاعر بصورة أكبر من الصدق الواقعي فضلاً عن اقترابه من الصدق الفني .
4. إنّ من أهم ما نلمحه في هذه القصيدة كثرة استعمال الشاعر للأفعال بكل أزمنتها ، مما يزيد من فاعلية النص وديناميته ، وبالتالي سيكون لذلك عظيم الأثر في نفس القارئ .
5. يميل الشاعر في هذه القصيدة إلى استعمال أسلوب التقطيع الزمني ليستفيد من مساحات القصيدة مدوّناً فيها أهم نقاط التحول في سيرة بطل الحكاية التي تضمنتها هذه القصيدة وتاركاً بعض الأمور غير المهمة في حياته ، ولعلّ ذلك يشير إلى براعة الشاعر واستفادته من تقانات الفنون الأخرى .
6. يتكئ الشاعر في بعض الحالات على الأساليب القديمة في الحكاية القديمة ، كاستعماله لعبارة ( كان ياما كان ) في سبيل إضفاء مسحة جمالية على النص الشعري الحديث ، في محاولة منه في عدم قطع الحاضر بالماضي .
7. اعتماد الشاعر على الكثير من الأساليب اللغوية مثل ( أسلوب الشرط ، الاستفهام ، التعجب ، النفي ، ... إلخ ) ، ولعل هذا التنويع له دلالات عدة من بين أهمها معرفة الشاعر بأهمية هذه الأساليب .
8. احتواء القصيدة على أجواء الفرح والحزن مناصفة - إن صحّ التقدير - ليقدّم هذه الفلسفة العميقة ( كون الحياة ليست كلها فرح ولا كلها حزن وإنما هي الاثنين معاً ) .
المصادر والمراجع
أ‌. الكتب :
• اتجاهات الشعر العربي المعاصر , إحسان عباس , سلسلة المعرفة , الكويت , 1978 .
• استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر د.علي عشرى زايد ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1997 .
• أصول النحو العربي ، د. محمد خير الحلواني ، جامعة تشرين ، اللاذقية ، 1979 .
• ديوان صلاح عبد الصبور ، دار العودة ، ط 1 ، بيروت ، 1972 .
• شعر صلاح عبد الصبور الغنائي ، أحمد عبد الحي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1988 .
• صلاح عبد الصبور – الشاعر الرومانسي , جوزيف الخوري , إلياس أبو شبكة , دار نوبلس , بيروت ، ( د . ت ) .
• صلاح عبد الصبور والشاعر , نشأت المصري , الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , مصر 2002 .
• ظواهر نحوية في الشعر الحر : دراسة نصية في شعر صلاح عبد الصبور ، د.محمد حماسه عبد اللطيف، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة ، 2001.
• لغة الحياة اليومية في شعر صلاح عبد الصبور ، صباح حسين أحمد , الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , مصر و 1992 .
• مملكة الجحيم : دراسة في الشعر العربي المعاصر ( الحكاية نموذجاً ) ، محمد رضوان ، مطبعة اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، 2001 .
• الموسيقى الداخلية في النص اﻷدبي وأزمة قصيدة النثر العربية ، د.أيمن اللبدي ، دار ناشري للنشر الإلكتروني ، 2004 .
• وهج القصيد ؛ دراسات في الشعر العربي المقاوم ، أ.د. أحمد موسى الخطيب ، طبع بدعم من عمادة البحث العلمي بجامعة البترا ، ط 1 ، الأردن ، 2009

ب. البحوث والدوريات :
• الإيقاع الداخلي وإشكالية المفهوم والرؤيا ، د.هشام فاضل محمود ، مجلة دراسات في اللغة العربية وآدابها ، العددان العاشر والحادي عشر ، جامعة سمنان الإيرانية بالتعاون مع جامعة تشرين السورية ، صيف وخريف 1391 ه.ش 2012 م .
• تعانق التجربتين الشعرية والصوفية , علي مصطفى عشا , مجلة جامعة دمشق , المجلد 25 , ع 1 و 2 , 2009 .
• الثنائيات الضدية وأبعادها في المعلقات ، د.غيثاء قادرة ، دراسات في اللغة وآدابها ، العدد العاشر ، جامعة سمنان الإيرانية بالتعاون مع جامعة تشرين السورية ، صيف وخريف 1391 ه.ش 2012 م .
• سمات أسلوبية في شعر صلاح عبد الصبور ، محمد العبد ، مجلة فصول ، المجلد السابع ، العددان الأول والثاني ، أكتوبر 1986 – مارس 1987 ، القاهرة .
• الشعراء النقاد : تأملات في التجربة النقدية عند ( صلاح عبد الصبور ، أدونيس ، كمال أبو ديب ) ؛ عبد العزيز مقالح ، مجلة فصول ، القاهرة ، المجلد التاسع ، العددان الثالث والرابع ، فبراير 1991 .
• الشهادة والشهيد في الشعر العربي المعاصر ، أمير مقدم متقى ، مجلة آفاق الحضارة الإسلامية ، أكاديمية العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية ، إيران ، السنة الرابعة عشر ، العدد الأول ربيع وصيف 1432 ه . ق .

ج. الرسائل والأطاريح الجامعية :
• أساليب الوصف و التصوير في ديوان الناس في بلادي للشاعر صلاح عبد الصبور ، صباد بنت علي بن عبد رب الحسن آل قاسم ( رسالة ماجستير ) ، إشراف أ.د. أحمد حيزم ، جامعة الملك سعود – عمادة الدراسات العليا ، 1430هـ .
• اﻷسطورة في شعر صلاح عبد الصبور، ، معاشو بو وشمة ( رسالة ماجستير ) ، إشراف أ.د. بن حلّي عبدالله ، جامعه وهران-السانيا ، كلية الآداب واللغات والفنون ، 2012 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.