الصفحات

عصـفـور المــــطر | عادل المعموري

يقفُ لصقَ النافذة وهو يتأمل المطر الهابط فوق رؤوس أشجار حديقته ..تركَ انثيالات المطر تبلّل مقدم جسمه ،يغمض عينيه تاركا نثيث المطر يداعب وجهه بانتشاء ،بعد قليل فتحهمها ..ألفى عصفورا صغيرا قد بللّه المطر وهو يرتجف فوق رتاج النافذه .
شحذ بصره وهو يضيّق مابين عينيه ،انحنى ليظلله بكفه المعروقة ليعطيه دفئا من حرارة أصابعه ..القطة التي كان يداعبها انزوت تحت قدميه ،دخلت بين جوربيه الفضفاضين تبحث عن عن دفء ..ترك مكانه وراح ليجلب بلوزه صوفية ليضع العصفور في داخلها ،كانت لحفيده الرضيع تركوها أسرته عنده منذ عامين قفلوا
بعدها عائدين ً إلى بلاد الغربة ..عندما عاد إلى النافذة وبيده البلوزة الناعمة ذات الفرو الغزير ،لم يرَ العصفور ..وجد القطة تقف مكانه وهي تتلمظ بلسانها الأحمر .
انتابته قشعريرة ووقف هنيهة مضطربا ..داهمته نوبة هستيرية وهو يتخيل العصفور يقبع في جوفها والدم يسيل من جانبي فمها ،..المطر النازل كان يصفع وجه النافذة وبضبّب زاوية النظر عنده وهو يجاهد في أن يغمض عينيه ويفتحهما ليميز صدق تكهنه ،صاح غاضبا :
__حقيرة ..عديمة الوفاة ،قبل قليل أنهيتي وجبتك من اللحم .. قالها وهو يصفعها بكفه اليابسة بكل مايملك من قوّة ..نطتّ القطة صارخة وهي تهبط نحو الفراغ فوق بلاط الحديقة لتستقر تحت النافذة مباشرة ،
شرع ينظر إليها وهي بالكاد تستطيع النهوض ،قطع الطابوق المثلومة وقطع السيراميك المدببة كانت هي من استقبلت جسدها النحيل ..بعد قليل وقفت على قوائمها وهي تنتفض جسدها من الماء والطين والأوراق التي التصقت بفروة جسدها الأبيض ،
فتح عينيه على اتساعهما مستغربا وهو يرى العصفور الصغير قريبا منها مالصقا بالجدار البارد ،شاهدها وهي تنحني عليه لتقبض عليه بمخلبيها ..جلس على كرسيه وهو مطرق الرأس يفكر بطريقة ما لمعاقبة القطّة عديمة الوفاء ..بينا هو يفكر باحثا عن حل ..كانت القطة تقف أمامه وهي تضع العصفور بين أحضانه ثم تتراجع إلى الوراء وتقعي على ذيلها .. شرع يتفحص بأصابعه جسد العصفور ثم يرفع رأسه وهو ينظر إلى القطة قائلا :
_آسف يا فلونة ....لقد اسأتُ الظن بك ..سامحيني .
اغمضت عينيها للحظات ثم تحركت من مكانها وهي مطرقة الرأس .. شرعت تدب بقدم واحدة وهي تنزل من الغرفة العلوية نحو المجاز في الأسفل ..كانت تسير على قدم واحدة والثانية تخثّر فوقها دم أسود سرعان ماتحول لى لون قان بفعل بلل المطر الذي مازال مستمرا ..مرقت من فتحة الباب الرئيس واندفعت نحو الخارج .

عادل المعموري .

كاتب من العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.