الصفحات

الكل يفعل ذلك | محمود مسعود

كثيرا ما تراودنا الأحلام علي مدار سنوات عمرنا المختلفة ، منذ الطفولة هذه السن التي يزداد فيها تعلقنا بالأقربين وخاصة الأب والأم ، وتتطور شخصياتنا بمرور الوقت ويزداد لدينا الوعي أكثر فنجد أنفسنا في شبه تأرجح في عواطفنا ، ومع ذلك يظل تعلقنا بالأب والأم هو الدافع الذي يجعلنا نتعلق بالآخرين ، وتبدأ العواطف في لعب الدور المحوري والذي من خلاله تتشكل شخصياتنا ، ومع وجود القدوة نحاول تلمس سبلنا علي هدي منها ،للأسف الشديد في عصرنا هذا غابت القدوة الرشيدة ، واختلطت المفاهيم ولم تعد هناك قيم فاعلة في المجتمعات علي اتساعها ومرجع ذلك لانفتاح الثقافات والغزو الفكري الذي طال
مجتمعاتنا جميعا ، فالطفل يظل في قبضة أسرته حتي سن البلوغ وبعدها يبدأ الانحدار بالخروج عن المألوف قديما ، لم تعد هناك الروابط الأسرية كما كانت بل حل محلها التناحر والتأزم وخلق المشكلات التي هي وليدة طغيان المادة وغياب الرقابة الأسرية التي كانت سياجا يحمي أفراد الأسرة من الخروج علي عاداتها وتقاليدها التي صارت ضرب من الماضي نتأسى كثيرا بغيابه ، ونترحم علي تلك الأيام !! ومن العوامل التي شيطنت العلاقات بين الآباء والأبناء هذه الأيام هو عدم التفاهم مابين جيل تربي علي السمع والطاعة لكل من هو كبير ، وجيل تربي علي البلايستيشن وأفلام العنف والعري والإقناع بأن هذه موضة هذا الجيل وهذه هي المصيبة الكبرى التي وقعنا كلنا فيها حيث بثت مثل تلك الأفلام مفاهيم مغلوطة عن كل ما اكتسبناه من جيل الرواد الذين لم يكن فيهم متعلم بالمعني الصحيح لكلمة تعليم فأقصي ما كانوا يقدمونه لهم هو فك الخط وبدايات العمليات الحسابية كالجمع والطرح والضرب والقسمة ،وأكثرهم تعلم ذلك فيما كان يعرف بالكتاب ولم يكن يجرؤ أحد أن يتعدي حدود القيم التي يسير عليها المجتمع آنذاك ، أما الآن حدث ولا حرج ، فالابن خارج المنزل رجل ولا يمكن لأحد أن يناقشه أو يوقفه عند حد الواجب والعيب والشرف وهذا للا شيء وإنما لانغماس الكبار في السعي علي لقمة العيش من أجل ستر البيت وبالتالي فالصغار بين عشية وضحاها صاروا مسئولين عن أنفسهم رغما عنهم وبحكم الظروف القاهرة والأم للأسف ليس بيدها شيء غير الستر علي ما يتجاوز به الأبناء من تصرفات قد تهدم الأسرة إذا ما علم بها الأب وهذا للأسف واقع أسر كثيرة والنتيجة ظهور جيل مشوه فكريا وأخلاقيا ولا يعتمد عليه إطلاقا إلا من رحم ربي والحجة لدي هؤلاء الكل يفعل ذلك !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمود مسعود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.