الصفحات

عالم الغيلان الذي نعيش فيه | عبد الحميد دلعو

عالم الغيلان الذي نعيش فيه:
في زاوية ما من هذا العالم ...
هناك طفل يتابع مسلسلاً كرتونيا مضحكاً ... لتتجمع حشود الملائكة على حواف غمازتيه و هما تبتسمان ، و تستيقظ أركان البراءة في عينيه و هما تستمتعان بتوم و جيري.
بينما هناك رجل في نفس الأثناء منهمك في عملية إطلاق صاروخ حراري لقتل الطفل السابق و توم و جيري و الملائكة أجمعين !

و في حين يبقشِشُ مليارديرٌ ما نادلَ المطعم بعد وجبة دسمة في أحد المطاعم الفاخرة ب 1000 دولار كاملة ، هناك طفل يموت من الجوع ، ليطعن روح أمه و أبيه بسكاكين حشرجة روحه و هي تهاجر إلى أبدها.
و أثناء قراءتك لهذه الكلمات ، هناك طفل سيفقد بصره إلى الأبد نتيجة استهتار طبيب كان يركز في جاذبية المكياج الجديد لإحدى الممرضات عندما حقنه بالإبرة الخطأ ، ليعود الطبيب العاشق المستهتر إلى بيته و يمارس حياته بشكل روتيني اعتيادي ، و يعود الطفل إلى بيته مودعاً عالم النور إلى الأبد ، متمرغاً بقية عمره في وجع الظلام !
أما في كوكب الشعراء و في هذه الأثناء بالتحديد ، فهناك (متشاعر) مترف ، يجمع من الكتب الصفراء قطع قصيدة مترهلة على البحر الكامل ، ستدخله التاريخ _ حتماً_ بكمية الأقلام و الصحف المأجورة التي ستشبعها دراسة و نقداً و تحليلاً.
بينما هناك _في نفس اللحظة الزمنية_ شاعر آخر يتقد إبداعاً و قريحة و هو يموت من أجل قصيدته التي ستحرق معه في مزبلة السجن ، ليندثران معاً في زنزانة واحدة عند ذاكرة النسيان ، حيث لن يعلم به و بقصيدته أحد.
أما الوردة الجورية ( سيلين ) و التي نبتت الأسبوع الماضي في حقل الأوركيد الواقع على الحدود بين الهند الهندوسية و الباكستان المسلمة ، فتدوسها في هذه اللحظات جنازير دبابة هندية هندوسية من نوع T48 و هي في طريقها لقصف قرية باكستانية مسلمة ! .... تدوسها لتمزق جسدها الجميل بمخالب الطائفية ، فيضوع عطرها ممتزجاً بأحزان الأطفال و معاناة الشعراء المكلومين و دماء المتألمين في زوايا الكوكب و دخاليجه المظلمة ، يتمزق جسدها و يتناثر عطرها قبل أن تعطى الفرصة لتصرخ فتقول: ( أريد أن أعيش للعطر و الجمال فلا شأن لي بأديانكم و طائفيتكم) !
كل هذا يحدث الآن في عالم الغيلان الذي نعيش فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.