الصفحات

من سابع المستحيلات | مقال بقلم : حسن ٱحمد مكرم

عندما نؤكد عدم حدوث الشىء واستحالة وقوعه نقول ان هذا الأمر من رابع المستحيلات هذا ما يؤكد وجود ثلاثة مستحيلات أخرى في ثقافتنا العربية وموروثاتنا الشعبية وهو ما عبر عنهم احد الشعراء القدماء
لما رأيت بني الزمان وما بهم.. خل وفى للشدائد اصـــــطفى.
أيقنت أن المستحيل ثلاثـــــــة.. الغول والعنقاء والخل الوفي.
فما هي المستحيلات الثلاثة عند العرب.

المستحيل الأول: الغول:
----------------------
انتشرت في أيامنا هذه أفلام الرعب ومصاصي الدماء وآكلي لحوم البشر وتعلق بها الشباب ووصلوا لدرجة الاستمتاع بقصصها وكأنها حقيقة وبدأت تظهر سينما جديدة قد لا تزيد مدة الفيلم فيها عن عشرة دقائق وهى سينما { 3D } ،..
و{ 4D } ... و حتي { 7D }.
أما أجيال ما قبل السينما والشبكة العنكبوتية فقد كانت تعيش على قصص { أمنا الغولة } المرعبة التى كان يرويها الجد والجدة كل ليلة على مسامعنا.
وكان العرب الأقدمون يعتقدون أن الغول قد يكون أنثى تأكل لحوم البشر، ولا أدرى سر تسميتها أمنا فى التراث العربي .. غريب هو الخيال العربى ..!!
والغول جاء فى الروايات أنه حيوان خرافى من الجن، عينه مشقوقة بالطول، و يتطاير منها الشرر عندما يحدق في الإنسان، و أنه يحب الطعام كثيراً،
كما يذهب البعض إلي أنه ضرب من مردة الجن الذين يتميزون بالوحشية و العدوانية، يعترضون طريق الناس، و يتخذون أشكالاً مختلفة، و قد ينقضون عليهم في غفلة منهم، و يلتهمون أجسادهم.
و اكتسب الغول قوته من تغير شكله فهو يتشكل فيأخذ شكل أقوي مخاوفك.
و قد تردد ذكره في عدد من حكايات { ألف ليلة و ليلة }، و من الغريب أنه جاء ذكره في الأديان السماوية الثلاثة، ففي الإسلام نفي الرسول { صلي الله عليه و سلم } قدراته الرهيبة حيث كان يعتقد العرب أن الغيلان تتغول فتضل الناس في الصحراء، و منهم من كان يعتقد أنها تأكل المسافرين، ففي الصحيحين عنه { صلي الله عليه و سلم }: {لا هامة و لا صفر } زاد مسلم و غيره { و لا نوء و لا غول }و في مسلم {لا غول و لكن السعالي } و السعالي هم سحرة الجن.
و الغول في اللغة بالضم: السعلاة ، و الجمع أغوال و غيلان.
و من المعتقدات الراسخة أنه يمكن صرف الغول بتلاوة الأذان، أو رش بذور الكتان على الأرض.
أما أشهر ما روى عن صراع الإنسان والغول فأن الإنسان يمكنه قتل الغول إذا ضربه ضربة واحدة, ولكن الغول يمكنه خداع الإنسان حيث يطلب منه وهو يحتضر أن يضربه مرة أخرى, فإذا استجاب لطلبه فإنه يحيا من جديد وينتقم منه.
المستحيل الثاني: العنقاء:
------------------------
طائر أسطورى ضخم يقال أنه اتخذ اسمه من عنقه الطويل وفى رواية أخرى من طوق أبيض حول عنقه .
وتربط الأسطورة بين العنقاء وأصحاب الرس المذكورين فى القرآن الكريم،
وتقول الأسطورة أن هذا الطائر يظهر للناس كل خمسمائة عام وفى روايات أخرى أن هذا الطائر مخلوق نبيل ورائع عاش بين 500 الى 1000 سنة وعندما أحس بالموت بنى محرقة وغنى فيها أغنية رائعة رددها العالم , وعندما أحذت أغنيته فى الإضمحلال تبدد جسده فى محرقته وأصبح رمادا ثم عاد حيا بعد ذلك من تحت الرماد .
والعنقاء لها أصول فى كل حضارات العالم تقريبا .
ولكن هل العنقاء أسطورة فعلا ...... أم هو حقيقة ؟؟
المستحيل الثالث : الخل الوفى:
----------------------------
أسطورة الخل الوفى تعنى أن وجود صديق وفى مخلص لك أكثر من نفسه لا يمكن أن يوجد , أى أنه أسطورة .
يقول الإمام علي – رضي الله عنه – واصفاً الصديق الحق:
إن أخاك الحـــق من كان معك .. و من يضر نفسه لينفعك.
و من إذا غدر الزمـان صدعك .. شتت فيك شمله ليجمعك.
و كلنا بحثنا عن هذا الصديق الذي يتشابه معنا في صفاتنا و طباعنا في الحياة، و يصل بنا إلي أعلي درجات المحبة و الإخلاص و الإيثار، و لكن هل وجد واحد منا ذلك الصديق؟
نقولها و بكل صراحة: لا .. لا .. فلماذا؟
ذلك لأنه عملة نادرة فعلاً، لأنه من المستحيلات الثلاثة، و لكن لا تملوا البحث فقد يتحقق المستحيل يوماً .. !!
*** *** ***
تلك هي المستحيلات الثلاثة التي تداولها التراث العربي القديم، و لكنها ما زالت حتي عصرنا الحالي تستخدم كناية عن استبعاد و استحالة حدوث شيء ما، ولكن يبدو أن هذه المستحيلات لم تقف عند هذا الرقم البسيط، و ذلك في رأي البعض، و منهم الكاتب/فاضل العماني – في جريدة الرياض السعودية – بل هي الآن كثيرة جداً، بعدما أصبحت حياتنا الآن، تعج بالأزمات والصعوبات، بل والمستحيلات. لقد زادت قائمة مستحيلاتنا، لدرجة أننا أصبحنا نعيش في دائرة ضيقة من المستحيلات، رغم أنها كانت يوماً ما من أحلامنا البسيطة. لقد أصبحت المستحيلات في فكرنا وثقافتنا ومجتمعنا ومستقبلنا وخياراتنا، بل أنها تسللت إلى أحلامنا وطموحاتنا وتطلعاتنا. باختصار شديد، نحن نعيش حياة، الثابت فيها المستحيل، بينما المتغير عبارة عن تفاصيل لا قيمة لها.
ثم أضاف الكاتب إلي المستحيلات الثلاثة:
.
المستحيل الرابع: السعادة الحقيقية او الكاملة:
------------------------------------------
التي يبحث عنها الانسان منذ الازل. وتُعرف بأنها اللذة الحقيقية، وتلك حالة لا يُمكن الوصول إليها، إذ من المحال أن تجد انساناً سعيداً سعادة حقيقية، خاصة في عصرنا الحالي الذي تجتاحه الفتن والمحن والكوارث، إضافة إلى الظروف الصعبة التي نعيشها جميعاً.
و ما أدل علي ذلك من الملياردير اليوناني { أوناسيس } الذي مات منتحراً تاركاً رسالة يقول فيها، بحثت عن السعادة في كل شيء، فلم أجدها، بحثت عنها في المال فصرت أغني أغنياء العالم، بحثت عنها في النساء فصاحبت نجمات هوليوود، فلم أجدها، بحثت عنها في السفر فجبت العالم شرقه و غربه فلم أجد السعادة، و من أجل ذلك قررت الرحيل.
أما أنا فأري أن السعادة الحقيقية تكمن في الإيمان و القرب من الله-سبحانه و تعالي- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
"مَن أصبح آمنًا في سِرْبِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذَافِيرها" رواه البخاري في "الأدب المفرد"
ولو بحثنا في احتياجات الغني والفقير والمسافر والمقيم والصغير والكبير
لوجدناها أنها لا تتجاوز عن هذه المؤشرات التي تحدث عنها النبي الكريم
الأمن في المعيشة، الأمن الصحي، الأمن الغذائي، الأمن السياسي، الأمن الإقتصادي، والأمن الإجتماعي.
.
المستحيل الخامس: القناعة:
--------------------------
وهي الكنز الذي لا يفنى، التي نتظاهر دائماً بأننا من مريديها، يقول الإمام/ علي بن أبي طالب – رضي الله عنه و أرضاه:
خذ القناعة في الدنيا و ارضي بها .. و اجعل نصيبك منها راحة البدن.
و انظـــر لمن ملك الدنيا بأجمعها .. هل راح منها بغير القطن و الكفن.
و يقول الإمام الشافعي رضوان الله عليه:
عزيز النفس من لزم القناعة .. و لم يكشف لمخلوق قناعه.
فهي لا وجود لها على الإطلاق، لأنها من خامس المستحيلات.
.
المستحيل السادس: الرغبة المحمومة للعودة لمرحلة الشباب:
----------------------------------------------------------
بكل ما فيها من قوة وعنفوان وانطلاق وجمال.
الشباب، هو الهاجس الكبير الذي يُعاني منه الجميع، خاصة السيدات الخائفات من تقدم العمر.
هوس العودة للشباب، جعل من نسائنا أشبه بالدمى، لخضوعهن المتكرر لعمليات التجميل التي أصبحت الظاهرة الأكثر انتشاراً بين النساء، بل وحتى الرجال. رغم كل ذلك، إلا أن العودة للشباب، فضلاً عن الاحتفاظ به من سادس المستحيلات.
فهل من مستحيلات أخري؟
*** *** ***
أما أنا فأري أن المستحيلات ستزداد كلما تقدمنا في العلم المادي، و سلمنا عقولنا لوسائل الإعلام الإخطبوطية المغرضة التي توجهنا كيفما تريد، و بعدنا عن دين الله الحق علي حساب الدنيا، و زاد اعتمادنا علي و الآلات علي حساب الإنسان.
علي فكرة من سابع المستحيلات أن أجد مائة إعجاب لهذا المقال، و لكني أرضي بأقل من هذا.. تحياتي.
بقلم الكاتب المصري/
حســــن أحمــــد مكــــرم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.