الصفحات

مميزات الكتابة النسوية المعاصرة ـــ الشاعرة منال عفيفي حماد أنموذجًا | بقلم: عقيلة شنيقل ــ باحثة دكتوراه ــ عنابة ــ الجزائر

تمهيد:
الأدب النسوي من المواضيع الشائكة التي لقيت اهتمامًا كبيرًا وحظيت بمتابعة من قبل النقاد وأهل الاختصاص، فعرف الموضوع جدلاً واسعًا وصنع نقاشًا ثرياً، لما يحمله المفهوم من أبعاد إيديولوجية وثقافية، فراح العديد من النقاد يطرقون الموضوع بالتحليل والتفسير والمناقشة، ولعلّ أبرزهم الناقد السعودي عبد اللّه الغذامي الذي منح موضوعة المرأة مساحة شاسعة ضمن مشروعه، فخصص كتابا بأكمله للحديث فيه عن حضور المرأة وسمه بــــــ " المرأة واللّغة " بعدما اقترن
الخطاب الأدبي بالرجل، وذلك بعد المحاولات المحتشمة التي عرفتها الساحة الأدبية مثل الخنساء قديما، وعلى إثر هذه السيطرة الذكورية على حقل الكتابة باعتبار الكتابة حكرا على الرجل انطلق عبد اللّه الغذامي في بناء دراسته ، إذ يقول في مقدمة الكتاب:" تأتي المرأة إلى اللّغة بعدما سيطر الرجل على كل الإمكانات اللّغوية وقرر ما هو حقيقي وما هو مجازي في الخطاب التعبيري، ولم تكن المرأة سوى مجاز رمزي أو مخيال ذهني يكتبه الرجل وينسجه حسب دواعيه البيانية والحياتية" (1) لتنتقل المرأة من موضوع يكتب عنه لذات كاتبة تعبر بقلمها عما يختلج باطنها من أحاسيس وعواطف، فصارت المرأة تمارس الكتابة وتشق الطريق نحو ابتكار أدب باسمها، إنّه الأدب النسوي " جاءت المرأة أخيرا إلى الوجود اللّغوي من حيث ممارستها للكتابة فإنّها تقف أمام أسئلة حادة عن الدور الذي يمكنها أن تصطنعه لنفسها في لغة ليست من صنعها، وليست من إنتاجها، وليست المرأة فيها سوى مادة لغوية قرر الرجل أبعادها ومراميها وموحياتها" (2) ومع التغيّر في نمط المعيشة وكثرة الحروب وحياة القلق التي تعتري المواطن رجلا أو امرأة، فإنّ المرأة قررت أن تدخل تجربة الكتابة، لعلها توصل رسالة معينة، فلماذا إذن يحاول البعض طمس صوتها الكتابي ؟ أوليس للمرأة حق الدفاع ومشاركة الرجل في كل حيثيات الواقع وتفاصيل الحياة؟؟
إنّ دخول المرأة لحيّز الكتابة من شأنه أن يحقق إضافة معيّنة، ف "حينما نترك المجال لصوت المرأة كي يتكلم ويعبر، فإنّنا بهذا نضيف صوتا جديدًا إلى اللّغة، صوتًا مختلفًا، ونفتح بابا للنظر ظلّ مغلقًا على مدى طويل وفي كل الثقافات، فلنستنطق هذا الصوت عن إفصاحه وما يدلّ عليه وما يعلن عنه "(3)
لتوضيح حضور المرأة ضمن ملف الكتابة، انتقينا تجربة شاعرة أخذت من قلمها وسيطًا للتعبير عن حالاتها النفسية و انشغالات مواطني بيئتها، إنّها الشاعرة الموسيقية العربية، قائدة فرقة أوتار الكلمات وأستاذة آلة القانون الدكتورة منال عفيفي حماد .
فيا ترى ما مدى استفادة الشاعرة في الكتابة من تجربتها المعيشية ؟؟
و ما المحاور الأساسية التي عالجتها ؟ وما مميزات الكتابة عندها؟
قبل الحديث عن تجربتها الشعرية لابدّ من التطرق إلى حياة الشاعرة الموسيقية، كونها متخصصة في فن الموسيقى، الأمر الذي يسّر السبيل أمام تجربتها الشعرية وجعلها تخوض فعل الكتابة.
منال عفيفي حماد الموسيقية الشاعرة / الشاعرة الموسيقية :
شاعرة وموسيقية غرفت من بحر الموسيقى واستفادت منه في بعث ومضات صافية، بصوت شاعري رقيق رسمت لنا أجمل السيمفونيات، فأطربت القارئ و السامع، جمعت بين فنّي الكتابة والموسيقى، لتبدع في ترجمة قصائدها إلى أغان دغدغت السامع وحركت ساكنه مع فرقتها الموسيقية أوتار الكلمات..
شاعرة زفت لحقل الشعر جملة من الإبداعات، جسّدت صورة المرأة المعاصرة حين مدت يدها على فن عصري دخيل على ثقافتنا لتكسبه ثوب الأصالة وتزخرفه بمعاني المحافظة والرصانة بتلحينها لأغانٍ هادفة..شاعرة جمعت مابين البعدين الوطني والديني ..تفاعلت مع قضايا العصر بقلمها و بنوطاتها، فنظمت قصائد ولحنت أشعارا وعزفت وجدانيات تستكين لها الأفئدة وتخدش صمت التائه، حتى تسترخي لها الآذان منبسطة مستمتعة بأجمل الألحان، لما تلعبه الموسيقى من دور مشرف في إحداث عملية توازن السامع، ف " لا أحد يشك في قدرة الموسيقى القوية على عقول البشر وعلى أنفسهم، فهي قادرة على جعله غاية في السرور والبهجة، وكذا البكاء والاكتئاب، والكل يدرك أثر الهدهدات الموسيقية على الصبي أثناء الانزعاج أو الاكتئاب" (4) هو الدور المتعاظم الذي يؤديه هذا الفن، فالشعر في حدّ ذاته ببعد إيقاعي فما بالك إذا كانت هذه الكلمات مرفقة بنوتات موسيقية ربيعية مزهرة..إنّه الصوت الموسوم بعبق أيقونات السمو و العلو والرقي..
موسيقية حاولت أن تمرر ما يعتلج بذاكرتها ، بصوت شعري مخملي، يغرف من جب الموسيقى ، أ وليس الشعر موسيقى ؟ فلا غرابة .. فالشاعرة تغرف من عبقرية البيئة المصرية والثقافة الإسلامية، فنظمت زقزقات شاعرية أنثوية تطرب لها النفوس و يهتزّ لها الشعور، إنّها الترانيم التي تبقي صدى الغنائية و بصمة جمالية لدى القارئ، فعرفت المرأة حضورًا كبيرًا منذ القدّيم، فكانت منهلا للمبدع لنظم أشعاره لما تتمتع به من مزايا تضفي جوًا بهيجًا على الإبداعات، للتحول إلى صوت ناطق مستعملًا اللّغة سلاحا لتسجيل ما يدور في المحيط الذي حوله.
قامت بتلحين جملة من القصائد منها على سبيل المثال: يا بلادي ، وكانت الفنانة بسمة عبد القادر في الأداء صحوة شعب، أداء مصطفى السيد، وهذا الثراء انعكس على الجانب الإيقاعي لقصائدها، فعملت بإتقان على بناء قصائدها في إيقاع تميز بتدفق وسيولة في صورته الموسيقية، وذلك من خلال استعمال ألفاظ وتراكيب ملائمة لحالتها النفسية الحيوية.
المحسنات البديعية: من يقرأ قصائد الشاعرة يلمح أنها نظمت بصدق وعفوية من دون صنعة أو تكلف، وقد المحسنات البديعية استخدمت الطباق في قصيدة " بحبك يا بلدي" عندما قالت:
بحبك يابلدي
========
بحبكي ابلدى ..عفيَّه وقويَّه
وزهرهنديَّه.. بتنشرحنان
بحبك فىنيلك
فىضيِّك ..فىليلك
فىأرضك .. فىزرعك
فىطرحالغيطان
بحبكفىضلِّك
فىشمسك .. فىحرِّك
فىلمِّةحبايبك
بعدالأدان
بحبكفىفَرحك
فىحزنك .. فىغضبك
فىحضنكلإبنك
يحسبأمان
بحبكفىهمسك
فىحرفك ..فىرسمك
فىورقةفْتاريخك
كتبهاالزمان
بحبكفيطفلك
فيوقفةلشابك
كتبلكبحبك
فوقالحيطان

بحبكفىعيدك
فىصرخةوليدك
فىدملشهيدك
سالفىالميدان
بحبك يا بلدى
ياظهرى ياسندى
ياأرض الكرامة
يا نبع الحنان
و مما هو متعارف عليه أنّ الطباق من الأساليب البلاغية التي تزيد المعنى قوة ووضوحا، فالمعاني تعرف بأضدادها، كما يترك أسلوب الطباق إيقاع عذب ونغمة موسيقية تأنس لها روح القارئ.
مميّزات الكتابة عند الشاعرة:
من خلال متابعتنا لتجربة الشاعرة، ولإنجازاتها، تشكّلت لدينا جملة من الخصائص التي تتسّم بها، فبما أنّ لكلّ مبدع أسلوبه الخاص وقاموسه الفردي المستمد من تجربته الشخصية أولا والبيئة المحيطة ثانيا، فإنّنا استخلصنا جملة من الخصائص والسمات التي طُبعت بها الشاعرة، وفيما يلي توضيح لهذه المميزات مع التمثيل من خلال نماذج شعرية :
ــــــ ممّا هو متعارف عليه أنّ الأديب والشاعر ما هو إلا عينة من المجتمع الذي يعيش فيه، فحتما سيأخذ من تفاصّيله حدثًا لكتاباته، يحزن لحزنه ويفرح لمسراته، والشاعرة منال عفيفي لا تعيش في برج عاجي وإنّما هو نموذج حي من واقعه، فتراه يأخذ من تفاصل الواقع الذي ينتمي إليها تيمة لإبداعاته، يسعى إلى التعريف بها أو تفسيرها أو أرشفتها لما للأدب من دور في النهوض والارتقاء بالواقع، " الأديب هو رأس الرمح، والقوة الفاعلة المؤثرة، فكرس إبداع لخدمة المجتمع، والتعبير عن همومه وتطلعاته، وحثه على مقارعة الزمن، وموجهة الخطوب، ومحاربة الجهل والجمود والقناعة الزائفة، وتقية الجبناء"(5) والشاعرة منال عفيفي دعت في جملة من قصائدها إلى ضرورة رفض الظلم ونشر السلم و الأمن والأمان، في قصيدة موسومة ب " يا بلادي" نظمتها بعد الانتفاضات الأخيرة التي وقعت في مصر ردًا على حياة التهميش والفقر والضياع والظلم والفساد التي عاشها المواطن المصري بصفة خاصة والعربي عامة ، فقالت:
وافْــتـَـرَقـْـنَـا يـــَـابـــلادِي
أطـْـلَـقـوا سُـــمَّ الـعـنـادِ
صَــارَ يـَشْـكو كُــلُّ حِـزبٍ
مِـــن عَـــذابٍ واضـطـهادِ
لاتـَـــعـُــودُوا لـِـلْــفـَسَـادِ
ذاكَ شَــــــــرٌّ لـِــلْــبــلادِ
فلتقـُـومُـوا لـلـتَّـحَدي
واهْـزِمـُوا كـيْـدَ الأعـَـادِي
تــحْــتَ رايــَــاتِ اتـْـحـَـادٍ
لـمْـلِـمُوا شَــمْـلَ الـعِـبَادِ
واسْـمَـعُوا لـِلْـحَقِّ صَـوتـاً
بَـيْـنَ أهـلِـى لَـنْ أعَـادي
مَنْ سَيَدْعو ..مَنْ يُنادِي؟
وَحْــــدُوا كُــــلَّ الأيــَـادي
لَـــنْ تـنـالـوا الـبـر
حـتَّـى تـَـتـقُـوا يَــــوْمَ الـتَّـنَـادي
فالشاعرة هنا تدعو لمكافحة الفساد و والتوحد
فالشاعرة هنا تصدح بصوت عالِ في مقطوعة إرشادية توعوية تدعو لمكافحة الفساد ولمّ الشمل و الاتحاد خوفًا من الفرقة والبين.
الحب : شغل موضوع الحب حيزًا في كتابات الشاعرة، الشاعرة التي تنادي بقيم الجمال الحب ونشر التسامح، فأخذ هذا المبحث حيزًا كبيرا لما له من دور كبير في بناء الذات أولا وعلاقتها بمن حولها ثانيًا ، " فأصل الحب عند ابن حزم هو اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخلفية في أصل عنصرها الرفيع على سبيل مناسبة قواها على مقر عالمها العلوي ومجاورتها في هيئة تركيبها أي انّ الحب في رأيه، إنّما يكون بين النفوس التي كانت من أصل واحد في عالمها العلوي وعلى هيئة متقاربة في تركيبها" (6)، ونتيجة للأهمية الكبرى لهذا المكّون المعنوي في حياة البشر فإنّ للأديب علاقة وطيدة بهذا الخيط العاطفي، والشاعرة منال عفيفي جسّدت لنا صورة للألم الذي يصحب هذا المفهوم، في رائعة من روائعها موسومة ب " أنين الدمع"
كَفكفت أنين الدّمع
أوصدت لعشقك باب
ومَحوتُ حروفًا
تبدو من بين زوايا كتاب
وَوَأدتٌ بصيـــــــــصًا لاح
يبزغ من بين ضباب
ما عدتَ لقلبي نبضًــــــــــــا
ما عاد الشوق عذاب
ما عاد الهمس يٌلامس
ما عاد البوح عتــــــاب
ما عدتَ لعينيّ نجمًا
أو طيرًا فوق السحاب
ما عدتَ الآن سفيـــــــرًا
للحبِّ ولا الأحباب
ما عدت أخاف الهجر
أو صدًّا بعد غياب
ما عاد حديثك يشجي
يجتاز الألف حجاب
فبريق الحب تلاشى
و توارى خلفَ سراب
وجدانية مفعمة بحضور أنثوي ممتزج بكبرياء،فها هي الشاعرة تأخذ موقفًا وتحاول تأكّيد حضورها وعدم خوفها من الهجر، وكأنّها هنا تفرض وجودها وتعزّز من نفسها ، وهذا ما يتسم به العديد من الشواعر في كتاباتهن، فمعظمهن يحاولن إثباث أنفسهن بعدم اكتراثهن لألم الفراق، فللحب وجهين، وجه سعيد وآخر تعيس كما يقر حسين مناصرة ، فالحب" يعدّ بعدًا من أبعاد السعادة واستقرار الوجود، فإنّه من ناحية وفي الوقت نفسه يعدّ من مصادر الشقاء والعذاب والموت، لذلك كان الحب بالنسبة للإغريق والرومان مرضًا يوجب الصفح عن العشاق لأنّهم مرضى ، وذكر فولبير أنّ الحب عند القدامى عدّ جنونا ولعنة ومرضًا تعاقب به الآلهة الناس" (7) ففي القصيدة التي بين أيدينا سارت الشاعرة بالحب إلى منحى سلبي فتلاشى وتوارى خلف سراب.
المرأة: للمرأة حضور كبير في كتابات الشاعرة، كونها عضوًا أساسيا في المجتمع ، لها دور كبير في تربية الأجيال وتنشئتهم وبناء مجتمع سليم ، فعزز الإسلام مكانة المرأة ورفع شأنها بعد التهميش الذي عانت منه، فارتقت مكانتها وانتعش حضورها لأنّ " الحديث عن المرأة هو الحديث عن نصف المجتمع " (8)، وقد حضر موضوعة المرأة في كتابات الشاعرة منال حماد عفيفيفي صورة مشرقة تحاول ترسيخ وتأكيد على أدوارها المتعددة في المجتمع، ومن هذه القصائد، قصيدة نظمت بمناسبة يومها العالمي تقول فيها:
نـــــــــــــــون الـــــنـــــســــوة
نــون الـنسوة يـاحرف ف كـلمة
يــا( تاء ) مـربـوطة بـكـل حـنـان
يـا بـلسم يـشفى بـرقة ورحـمة
يــا نـص الـدنـيـا ف كـــل مـكــان
يـا بـسمة ونـسـمة وأكـبر نـعمة
يـــا أم و أخـــت وابنة كــمـان
يـــا وردة و فــلـة وزهــرة ونـجـمة
يـا أجـمـل غــنـوة بـنـاى وكـمـان
وقــت الـمـحنة واقفة بـهـمة
وآدم بــيـكـى عـظـيـم الــشـان
بــفـكـرك تـعـلـى وتـكـبـر أمَّـــة
(حــوا) هـديـة مــن الـرحـمن
تـاريـخـنـا بـيـثـبـت إنـــك قــمـة
ونــهـر يـفـيـض بـالـخـير مـلـيـان
أصـيـلة و طـبـعك فـيـه الـحـكمة
وعندك صــبــر ونـــور وإيــمـان (مــريــم)
خــيـر نــسـاء الـدنـيـا
و(حـفـصـة ) الـحـارسة الـقرآن
و(فاطمة) ست نساء الجنة
وفــخــر الـنـسـوة ف كـــل زمان .
ومضة شاعرية تغنت فيها الشاعرة بخصال المرأة، فعدّدتها ومثلت لها بخير نساء الدنيا، ندائية رسمت للقارئ الصورة المثلى لهذا الكيان الأنثوي العذب المضمخ بأحاسيس جمة " قوة البناء هي المطلب الفنّي الأول في قصيدة يكتبها الرجل، أما القصيدة التي تكتبها المراة فتستمدّ جماليتها بالدرجة الأولى من غنى العواطف وزخم الأحاسيس" (9) استودعت فيها كل معاني: الرقة والحنان والرحمة والبسمة والنسمة والخير والأصل والحكمة والنعمة، هي جملة المدلولات التي اتسمت بها المرأة عند الشاعرة، لتأتي في الأخير إلى عرض أسماء مقتبسة من التراث الديني الإسلامي: مريم خير نساء الدنيا بعفتها وطهرها وحفصة حارسة القرآن وفاطمة سيدة نساء الجنة وفخر النساء، لتأخذ المرأة صيغة مشرقة وسبيل لبعث الجمال والحنان في الكون.
ــــ المزج بين الفصيح والعامي: من الخصائص التي تميّزت بها الكتابة عند الشاعرة نذكر المراوحة في استعمال اللّغة العربية الفصحى واللّهجة المصرية، فيلجأ العديد من المبدعين إلى استعمال اللهجة العامية، ف "سادتالدعوة إلى العاميّة، وانحسرت بعد جدالٍ طويلٍ، ويعود أصل دعوتهم إلى مقولات، حول تفضيل لغة التداول والمشافهة" (10) فيرى الأديب أنّها الأقرب إلى القارئ والأقرب إلى مشكلاته وواقعه المعاش، والشاعرة منال عفيفي
استخدمت اللّهجة العامية كثيرا ، فنظمت قصائد باللهجة المصرية رغبة منها في نقل حياة المواطن المصري بحذافيره، وتعريف القارئ بمخزون مصر الثقافي متمثلا في اللّغة، وما اللّغة إلا وجه للثقافة، ووعاء لها، ومن بين القصائد التي اعتمدت اللّهجة العامية في النظم ، قصيدة" صرخة قلم" التي تقول فيها :
أصـــــرخ وقـــــول يــاقــلـم
خــلـلـى الــمـداد طـلـقـات
تـــخـــرج تــــــرد الــقــلــم
لـــلـــغـــل والـــــعــــداوات
والـــحــرف يـــنــزف ألـــــم
يـمـلـى الـسـطـور بــآهـات
عـلـى كــل شـعـب اتـظلم
مــن حـكـم طــال سـنوات
وقـــــف وعـــلَّــى الــعـلـم
والــنــصـر لــــه عــلامــات
مـــن بــيـن ضـلـوع الـعـدم
خـــرجــت كــتـيـر ثــــورات
مــنــهـا الـــعــدو اتـــوهــم
هــدمـت خــداع حـكـومات
حــلــم الـشـهـيد اتــرسـم
بــالــدم فــــى الـسـاحـات
وف مــــصـــر أم الـــهـــرم
الــظــلــم لـــــه نــهــايـات
ســــوده ع الــلــى ظــلـم
ونـهـايـتـه فـــى الـظـلـمات.

خاتمة:
بعد تجوالنا في عوالم الكتابة الشعرية والموسيقية للشاعرة منال حماد عفيفي استخلصنا النتائج التالية:
ــــ الشاعرة منال عفيفي شاعرة و موسيقة هادئة، استفادت من الفن الموسيقي في بعث كتاباتها، فجلبت انتباه السامع وشدت ذهن القارئ، فدغدغت حواس السامع عندما أسرت الأذن والعين.
ــ شاعرة جمعت بين فنين، الموسيقى والشعر، فاستلهمت من قواعد الفن الموسيقي في بعث قصائدها، بتركيزها على الإيقاع الداخلي وانتقاء الأصوات بحسب السياق العام للموضوع.
ــ تميزت الكتابة عندها بجملة من السمات، فطرقت مواضيع عصرية مستلهمة من البيئة المصرية والعربية، فتفاعلت مع الواقع الحاضر، مستلهمة من التاريخ بعض من نقاطه الخالدة الذي لا تستنفد مثلما حدث في قصيدة نون النسوة عندما استحضرت نساء من التراث الإسلامي، لتزرع معاني الأصالة والنبل والحكمة والطهر والوفاء في المرأة العربية المعاصرة.
ــــــ تميزت الكتابة عندها أيضا بالتنويع مابين اللّغة العربية الفصحى تارة، واستخدام العامية بكثرة، رغبة منها في تصوير الواقع المصري وتقديمه للقارئ في صورة موضوعية، وهذا التنويع هو خاصيّة الشاعر/ الأديب المعاصر، وكأنّ الشاعر يرغب في التحرر بمراوغة القارئ وجعله يعيش حالة الشاعر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عقيلة شنيقل ــ باحثة دكتوراه ــ
جامعة باجي مختار ــ عنابة ــ الجزائر
                             
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش البحث:

1 ــــ عبد الله الغذامي: المرأة واللّغة، ط3، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء/ بيروت، 2006، ص7.
2 ــــ المرجع نفسه، ص 8.
3 ــــ المرجع نفسه، ص ص 8، 9.
4 ــــــ عمر بلخير، معتوق وهيبة، الموسيقى والدماغ من منظور العلوم العصبية المعرفية ، التمثلات ، عن مخبر التمثلات الفكرية والثقافية ، إبداع، تواصل، نقد،كلية الآداب واللّغات، جامعة مولود معمري،تيزي وزو، الجزائر، العدد: الأول، جانفي 2015، ص 209.
5 ـــــ انظر عمار بن زايد، النقد الأدبي الجزائري الحديث، (د/ط)، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1990، ص 102.
6 ـــــ أحمد عبد الستار الجواري: الحب العذري، نشاته وتطوه، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، 2006، ص 206.
7 ـــــ حسين المناصرة: النسوية في الثقافة والإبداع،ط1، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد، الأردن، 2007، ص 35.
8 ـــــ مفقودة صالح: المراة في الرواية الجزائرية،(د/)ط)، وزارة الثقافة الجزائرية، 2008، ص 41.
9 ـــــ جورج طرابيشي: الأدب من الداخل، دار الطليعة، بيروت، 1981، ص 11، نقلا عن نجوى الرياحي القسنطيني: النسائية في محافل الغربة، مركز النشر الجامعي، تونس، 2009، ص 76.
10 ــــ فهمي جذعان وآخرون: حصاد القرن، ط1، دار الفارس للنشر والتوزيع، الأردن، 2008، ص50.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.