الصفحات

اَلْفَرْخَةُ..السَّمْـرَاءُ. _ قِصَّةٌ..قَصِيرَةْ | محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

كَانَ يَا مَا كَانَ فِي سَالِفِ الْعَصْرِ وَالْأَوَانِ، وَلاَ يَحْـلُو الْكَلاَمُ إِلاَّ بِذِكْرِ النَّبِيِّ الْعَدْنَانِي، صَلُّوا عَلَيْهِ,فَهُوَ شَفِيعُنَا حَـتَّى نَدْخُلَ الْجِنَانَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَي مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ – صَـلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الَّذِي بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَي كَافَّةِ بَنِي الْإِنْسَانِ وَآمَنَ بِهِ نَفَرٌ مِنَ الْجَانِّ، كَانُوا يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ،
فَقَالَ تَعَالَي :- يَا أَحْـبَابَنَا الْوِلْدَانُ -( قُلْ أُوحِي إِلَيَّ أَنَّهُ اسْـتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْـنَا قُرْآناً عَجَباً , يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَـنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّـنَا أَحَدَا) (2) سُورَةُ الْجِنِّ , كُـنَّا نُرَبِّي الطُّـيُورَ فِي بَيْتِ جَدِّي شِحَاتَهْ شِحَاتَهْ عَلاَّمْ أَبُو وَالِدَتِي صَبَاحْ وَكُنَّا نُولِي عِنَايَةً وَاهْتِمَامَا كَبِيراً بِتَرْبِيَةِ الْفِرَاخِ فَكَانَتْ عِنْدَنَا الْفِرَاخُ مِنْ مُخْـتَـلَفِ الْأَشْكَالِ وَالْأَلْوَانِ اَلْفِرَاخُ الْحَمْرَاءُ وَالْفِرَاخُ الْـبَيْضَاءْ وَالْفِرَاخُ الْخَضْرَاءُ وَالْفِرَاخُ الْـبُـنّـِيَّـةُ وَالْفِرَاخُ الذَّهَبِيَّةُ الْأَلْوَانِ , قَالَ سَامِحٌ : وَهَلْ كُنْتَ تُحِبُّ هَذِهِ الدَّجَاجَاتِ يَا عَمُّو حَسَّانُ ؟! قَالَ عَمُّو حَسَّانُ :أَجَلْ يَا سَامِحُ فَهَذِهِ مَخْـلُوقَاتٌ جَمِيلَةٌ مِنْ مَخْـلُوقَاتِ اللَّهِ كُنْتُ مُعْجَباً بِهَا مَشْدُودَ الْقَلْبِ وَالْجَنَانِ, أَنْظُرُ لَهَا بِحَنَانٍ ,أَتَـأَمَّـلُهَا وَأَنَا حَيْرَانٌ,هَلْ أُمْسِكُهَا ؟! هَلْ أَتْرُكُهَا ,وَأَتَـأَمَّلُ فِيهَا جَمِيلَ الْأَلْوَانِ؟! وَأَلْمَحُ الدُّيُوكَ وَهِيَ فَرْحَانَةٌ بِالْآذَانِ كُوكُو كُكُو كُوكُو كُكُو ,وَحِّدُوا رَبَّكُمْ يَا بَنِي الْإِنْسِ وَالْجَانِّ , فَوَ اللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ,مَا أَحْـلَى الْإِسْلاَمَ وَمَا أَجْمَلَ الْإِيَمانَ!قَالَ نُورٌ:وَهَلْ كُنْتَ تُطْعِمُهَا وَتَسْقِيهَا يَا عَمُّو حَسَّانُ؟! ,قَالَ عَمُّو حَسَّانُ: أَجَلْ يَا نُورُ يَا وَلَدِي لَقَدْ كُنْتُ أَقْضِي السَّاعَاتِ والسَّاعَاتِ أُفَرْفِتُ لَهَا الْعَيْشَ فَرْفُوتَةً فَرْفُوتَةً وَالْفِرَاخُ لِأَكْلِهَا كَالْعَاشِقِ الْوَلْهَانِ ,كُنْتُ أُحِسُّ بِهَا وَكَانَتْ الدُّيُوكُ فَرْحَانَةً وَالدَّجَاجَاتُ يَشْعُرْنَ مَعِي بِالْأَمَانِ كُنْتُ أَضَعُ الْمَاءَ لَهُنَّ فِي ( اللُّحُوقِي ) وَهُوَ إِنَاءٌ كَبِيرٌ وَأَنْظُرُ لِلْفِرَاخِ وَهُنَّ يَشْرَبْنَ بِكُلِّ حُبٍّ وَحَنَانٍ وَبَعْدَ حَوَالَيْ أَرْبَعِ أَوْخَمْسِ سَاعَاتٍ أَجِدُ الْمَاءَ قَدْ تَعَكَّرَ فِي( اللُّحُوقِي ) ( فَـأَكُـبُّـهُ ) وَأَغْسِلُهُ وَأَضَعُ لَهُنَّ الْمَاءَ النَّظِيفَ جِدًّا فَيَشْرَبْنَ وَيَنْظُرْنَ إِلَيَّ بِاطْمِئْـنَانٍ وَلَكِنِّي لاَحَظْتُ مِنْ بَيْنِ الْفِرَاخِ فَرْخَةً سَمْرَاءَ تَخَـيَّـلْـتُ أَنَّهَا مَرِيضَةٌ, فَهِيَ مُنْزَوِيَةٌ فِي رُكْنٍ مِنَ ( الْخَزَانَةِ ) وَحْدَهَا،( كَاشَّةً) فِي نَفْسِهَا، تَرْغَبُ أَنْ تَظَلَّ طُولَ الْوَقْتِ فِي حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ, قَالَ نَاجِحٌ : وَمَا شُعُورُكَ يَا عَمُّو حَسَّانُ تِجَاهَ الْفَرْخَةِ السَّمْرَاءِ ؟! قَالَ عَمُّو حَسَّانُ: حَزِنْتُ مِنْ أَجْلِهَا جِدًّا يَا نَاجِحُ وَلاَحَظْتُ أَنَّ بَقِيَّةَ الْفِرَاخِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهَا فِي تَأَثُّرٍ وَحُزْنٍ بَالِغَيْنِ، وَظَلَّ الْوَضْعُ عَلَي هَذَا الْحَالِ يَوْماً وَاثْـنَـيْنِ وَثَلاَثَةً وَأَرْبَعَةً، وَبَعْدَ أَيَّامٍ لاَحَظَتْ أُمِّي الْحَاجَّةُ صَبَاحُ أَنَّ هَذِهِ الْفَرْخَةَ السَّمْرَاءَ تَـنْـتِـفُ رِيشَهَا وَتَحْفِرُ لِنَفْسِهَا حُفْرَةً صَغِيرَةً فِي الْحَظِيرَةِ وَتَفْرِشُهَا بِرِيشِهَا الْأَسْمَرِ الْجَمِيلِ فَقَالَتْ لِي أُمِّي : يَا حَسَّانُ, هَذِهِ الْفَرْخَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْقُدَ ؟ قُلْتُ: وَلَكِنَّهَا لَمْ تَبِضْ حَتَّى يَكُونَ لَدَيْهَا بَيْضٌ تَرْقُدَ عَلَيْهِ، قَالَتْ أُمِّي: اِذْهَبْ يَا حَسَّانُ وَاشْتَرِ بَعْضَ الْـبَيْضِ الْمُكَسَّرِ، فَذَهَـبْتُ وَأَحْضَرْتُ سَـبْعَ عَشْرَةَ بَيْضَةً وَضَعْـتُهَا فِي الْمَكَانَ الَّذِي فَرَشَتْهُ الْفَرْخَةُ السَّمْرَاءُ بِرِيشِهَا الْجَمِيلِ، رَقَدَتِ الْفَرْخَةُ السَّمْرَاءُ عَلَي الْـبَـيْضِ وَلَحَظْتُ تَحَسُّنَ حَالَتِهَا النَّفْسِيَّةِ وَالْمَزَاجِيَّةِ وَالصِّحِّـيَّةِ بَعْدَ رُقَادِهَا عَلَي الْـبَيْضِ، وَبَعْدَ أَيَّامٍ نَقَرَتِ الْفَرْخَةُ السَّمْرَاءُ الْـبَيْضَ وَخَرَجَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ كَتْكُوتاً فِي غَايَةِ الْجَمَالِ، فَرِحْتُ بِالْكَتَاكِيتِ وَفَرِحْتُ أَكْـثَرَ لِتَحَسُّنِ حَالَةِ الْفَرْخَةِ السَّمْرَاءِ الْأُمِّ الَّتِي كُنْتُ أَظُـنُّهَا سَتَمُوتُ وَلَكِنْ سُبْحَانَ ( مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) يس 78
الشاعر والروائي/ محسن عبد المعطي محمد عبد ربه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.