في مثل صبيحة هذا اليوم ، كنت استيقظ مبكرا ، بعض الأشياء الصغيرة أفعلها ( تناول التمر - شرب الماء - الوضوء - ارتداء ثياب العيد ... ) كان صوت التكبيرات يصل إلى بيتي المنزوي على أطراف قريتي الوادعة على أكتاف الشام ، أركب سيارتي متوجها إلى مسجد القرية يرافقني ابني
الصغير ، الذي أمسى شابا اليوم ، في الطريق ترى الدراجات والسيارات وغيرها تهرع مسرعة ، الكل جديد ،حتى الابتسامة تبدو مختلفة ، نؤدي صلاة العيد ، عندما نخرج يكون طابور المصلين قد أصبح كبيرا ، الكل يهنئ الكل ، مع قبلات وعناق ، نتوجه الآن إلى مقبرة القرية القريبة الجميلة ، التي كان كبارنا يسمونها ( الجبانة ) وقد اكتست بثوب أخضر سندسي مع ورود هنا وهناك ، تتحلق كل عائلة حول قبور موتاها ، البعض يزف بعض النكات ، والبعض يزف بعض الدموع ، منتظرين أن يأتي الشيخ ليقرأ الفاتحة على أرواح امواتنا وأموات المسلمين كافة ، تنتهي طقوس المقبرة خلال ساعة من الزمن ، الأطفال يملؤون الشوارع والساحة الصغيرة فرحين بثياب العيد الجديدة ، وألعاب ومفرقعات ترافقهم ، يرافقني الآن والدي وإخواني الخمسة وابني ، ننطلق إلى منازل شقيقاتنا الثلاث ، وعماتنا ، نعايدهم والبسمة لاتفارق الشفاه ، ساعتين او ثلاثة وننتهي وتبدأ رحلة العودة إلى المنزل ، هناك كانت أمي قد جهزت إبريق الشاي الكبير ، نقبل يديها ، نجتمع في ( الليوان ) مكتنزين بالذكريات والنكات التي تعبق برائحة الشاي ، وأحيانا نستمع إلى قصص قصيرة وحكايا عن هذا اليوم من والداي ، أعود إلى منزلي ، الظهر أعلن قدومه ، أعايد زوجتي وأولادي الذين ينتظرونني بشغف لتلقف ( العيدية ) ثم يتبعثرون ... تبدأ أفواج المهنئين من العائلة والأقارب بالتوافد ، قصص تروى ، ضحكات تعبق بالمكان ، رائحة القهوة المرة تستنشق منا عبق الحياة ... وهكذا تستمر الحياة ... أما اليوم ... فكل شيء ذهب مع الريح الضارية ... الدموع تملئ مقلتاي ... الشوق والشغف يكادان أن يقتلاني ، الألم والقهر هما قهوتي الصباحية ... يا لها من قهوة مرة ... مرة ... مرة ... العائلة تشتت ، الشام لم تعد شاما ، القرية استودعناها زمنا حاقدا ، البكاء لم يعد ينفع ، الغربان انتشرت في الساحات ، بينما توارت الحمائم البيضاء ، دموع أمي وأبي أمام ناظري ، انظر كالمعتوه ، المقبرة مازالت تبكي ... وأنا أيضا ... وربما أنتم ...
----------------
وليد.ع.العايش
١/شوال/2017م
الصغير ، الذي أمسى شابا اليوم ، في الطريق ترى الدراجات والسيارات وغيرها تهرع مسرعة ، الكل جديد ،حتى الابتسامة تبدو مختلفة ، نؤدي صلاة العيد ، عندما نخرج يكون طابور المصلين قد أصبح كبيرا ، الكل يهنئ الكل ، مع قبلات وعناق ، نتوجه الآن إلى مقبرة القرية القريبة الجميلة ، التي كان كبارنا يسمونها ( الجبانة ) وقد اكتست بثوب أخضر سندسي مع ورود هنا وهناك ، تتحلق كل عائلة حول قبور موتاها ، البعض يزف بعض النكات ، والبعض يزف بعض الدموع ، منتظرين أن يأتي الشيخ ليقرأ الفاتحة على أرواح امواتنا وأموات المسلمين كافة ، تنتهي طقوس المقبرة خلال ساعة من الزمن ، الأطفال يملؤون الشوارع والساحة الصغيرة فرحين بثياب العيد الجديدة ، وألعاب ومفرقعات ترافقهم ، يرافقني الآن والدي وإخواني الخمسة وابني ، ننطلق إلى منازل شقيقاتنا الثلاث ، وعماتنا ، نعايدهم والبسمة لاتفارق الشفاه ، ساعتين او ثلاثة وننتهي وتبدأ رحلة العودة إلى المنزل ، هناك كانت أمي قد جهزت إبريق الشاي الكبير ، نقبل يديها ، نجتمع في ( الليوان ) مكتنزين بالذكريات والنكات التي تعبق برائحة الشاي ، وأحيانا نستمع إلى قصص قصيرة وحكايا عن هذا اليوم من والداي ، أعود إلى منزلي ، الظهر أعلن قدومه ، أعايد زوجتي وأولادي الذين ينتظرونني بشغف لتلقف ( العيدية ) ثم يتبعثرون ... تبدأ أفواج المهنئين من العائلة والأقارب بالتوافد ، قصص تروى ، ضحكات تعبق بالمكان ، رائحة القهوة المرة تستنشق منا عبق الحياة ... وهكذا تستمر الحياة ... أما اليوم ... فكل شيء ذهب مع الريح الضارية ... الدموع تملئ مقلتاي ... الشوق والشغف يكادان أن يقتلاني ، الألم والقهر هما قهوتي الصباحية ... يا لها من قهوة مرة ... مرة ... مرة ... العائلة تشتت ، الشام لم تعد شاما ، القرية استودعناها زمنا حاقدا ، البكاء لم يعد ينفع ، الغربان انتشرت في الساحات ، بينما توارت الحمائم البيضاء ، دموع أمي وأبي أمام ناظري ، انظر كالمعتوه ، المقبرة مازالت تبكي ... وأنا أيضا ... وربما أنتم ...
----------------
وليد.ع.العايش
١/شوال/2017م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.