الصفحات

في مجموعتها «أوراق مهربة» تُهرّب أحلاماً حُفر عليها "صنع في فلسطين" مرمر القاسم: وجع السؤال

نصوصها مسلحة بالحزن والألم والشك والمقاومة، فهي ابنة حيفا التي تحاول الصهيونية قتل الجينات في دمها
لكنها تقاوم بطريقتها، وتتمرد على الأمر الواقع منتشية بانتمائها للأرض وترفض ختم الاحتلال.
إنها مرمر القاسم حفيدة الأجداد في قرية أم الزينات قرب حيفا، التي تقول أن أدباء
فلسطين 48 يعيشون في سجن كبير، وإذا تمرد أحد على وزارة الثقافة الإسرائيلية فانه يدفع الثمن.
وفي حديثها لـ”الاتحاد الثقافي” عقب إشهار مجموعتها القصصية "أوراق مهربة" الصادرة عن دار فضاءات بعمّان قالت إنها تعاني من ازدواجية ثقافية، مذكرة أن فلسطين أرض المحشر رافضة إطلاق "عرب إسرائيل" على فلسطيني 48.
وقد وصفها الروائي الفلسطيني احمد أبو سليم بأنها امرأة تبعث تحياتها في زمن الزيف إلى غسان كنفاني المعلم.. تعيد اكتشاف المعالم وفي أوراقها المهربة من حيفا أو اللد أو الجليل أو بيسان، لا تهرب أوراقا فقط، وإنما تهرب أحلاما حفر عليها بالعربية "صنع في فلسطين" متقنة دور عاشقة تلبس الحواس لصناعة حقيقة لا تقبل الجدل "فلسطين كلها لا تقبل القسمة".
وفي ما يلي نص الحوار معها:
ــ كيف تشخصين المشهد الثقافي داخل الخط الأخضر؟
* أستطيع القول دون مجاملات أن الفوضى تسود المشهد الثقافي داخل فلسطين 48، فهو ضائع بفعل التدخلات والقيود الإسرائيلية، فلا بوصله له ولا هدف محددا يوحد المثقفين. ولا أجافي الحقيقة إذا قلت أنهم يعيشون في سجن كبير معزولين عن العالم حتى الفلسطيني. وفوق هذا وذاك يتهمونا بالتطبيع إذا تعاملنا مع وزارة الثقافة الإسرائيلية المفروضة علينا بحكم الأمر الواقع القائم على اغتصاب الأرض، وإذا تمرد أحد عليها من مبدعي فلسطين 48 فإنه يعاني وغالباً ما يدفع الثمن.
ومن هذا الواقع أتمنى إزالة الحواجز بين أدباء 48 وأشقائهم في فلسطين والأردن، من أجل مواقف مشتركة فلغتنا وطموحاتنا واحدة.. ورغم ذلك تتسع الفجوة لأننا لا نلتقي ثقافيا أو سياسيا ،ولا حتى اجتماعيا حتى نجد قواسم مشتركة ننطلق منها لخدمة قضيتنا.
لن نعترف
ـ هذا الواقع يقودنا لقضايا النشر فلماذا اخترت النشر خارج حيفا؟
* لن أقبل نشر أي مخطوطة لي في أي دار نشر داخل الخط الأخضر 48 تعتمد ختم وزارة الثقافة الإسرائيلية، فمجرد تمهير الكتاب بختمها يعتبر تطبيعاً واعترافا بالكيان أو الدولة المغتصبة، ونحن نرفض التطبيع والاعتراف وعندما أصدرت "أوراق مهربة" بعثت نسختين لرئيس رابطة الكتاب في الداخل سامي مهنا، فرد برسالة إعجاب بالنص فقط فيما أرسلت 35 نسخة لرئيس ندوة اليوم السابع بالقدس جميل السلحوت فوجه ليّ دعوة لمناقشة النص وهذا يظهر تفاوت الاهتمام بين الجانبين.
ـ في مجموعتك القصصية “أوراق مهربة من الأراضي المحتلة” تقولين أن ثقافتنا وأحلامنا مرهونة بذوق الآخرين.. هل من إضاءة؟
* لم أختر أن أتعلم في مدرسة إسرائيلية فقد تلقيت ثقافة أجنبية ليست شرقية تعتبر امتدادا لثقافتي العربية الإسلامية وحتى أحلامي تختلف عن المجتمع الفلسطيني. القصائد التي قرأتها تم اختيارها حسب المنهج الإسرائيلي، والكتب التي أشتريها وأضعها على رفوف مكتبتي مختارة ومقيدة من الاحتلال الذي لا يسمح بإدخال وتداول أي كتاب إلا إذا كان يتمشى مع سياسته ومخططاته.
ثقافتي محدودة، وبالتالي أحلامي أيضا لأنهم الذين اختاروها. اختاروا ماذا أقرأ وكيف يمكن أن تتشكل ثقافتي وأحلامي، فأمي وأبي من قرية أم الزينات قرب جبل الكرمل بحيفا.. أبي يحمل الجنسية الفلسطينية وأمي تعامل في الضفة الغربية على أنها إسرائيلية، وأنا أعامل ابنة الضفة الغريبة وخائنة.
وتقول في "أوراق مهربة": “اعرف أنني امرأة مستحيلة.. اعرف أنني أحمل في حقيبتي رجزا واعلم أن الغالبية العظمى منكم ترى فينا خيانة كبرى، ليتني أستطيع تغيير الجنس الذي انتمي إليه وأتحول إلى شيء لا علاقة له بالذكر أو الأنثى".
عشت في صراعين، فهناك ثقافتان. واحدة في الضفة الغربية وهي عربية أصيلة، والثانية داخل الخط الأخضر وهي غريبة وهجينة، لذا أعاني من ازدواجية ثقافية، ورغم ذلك أرفض أن أجري حوارا مع التليفزيون، أو أقابل أي صحفي إسرائيلي، لكني التقي معهم مُجبرة في العمل.
عندما عادت منظمة التحرير الفلسطينية وتم تشكيل السلطة الوطنية، كان من المفترض تعزيز العلاقة بين المثقفين الفلسطينيين، فنحن منهم وهم منا، لكن لم يحصل ذلك وإذا ذهبنا لأية مدينة في الضفة الغربية يطلقون علينا "عرب إسرائيل" وهذا وصف مرفوض..
ــ تقولين أن الغربة أكثر وحشة وألما في فلسطين.. فأية رسالة أو صرخة تودين توجيهها للعقل العربي؟
* أقول للجميع فلسطينيين وعربا "أصحوا" ففلسطين أرض المحشر، وهي قضية سياسية وعقائدية وشعب اقتلع من أرضه بقوة السلاح، ونحن كشعب لسنا قضية أمنية على الحدود العربية. ومن ناحيتي ما زلت أرفض قسم الولاء لإسرائيل مقابل جواز السفر الذي يذلل الكثير من عقبات التنقل. أحمل وثيقة سفر.
الويل لمن أسقط الراية/ للبحر أرسلنا الأصوات مع الريح/ جندت قلمي هذه الأيام للثورة فقط أتراني بحاجة إلى مزيد من الهزائم/ ألا تكفيني هزائم كل العرب/ وجع السؤال أكثر حرقة من الجواب.
من المسؤول؟
ــ وصفت أحلامك بأنها مقصلة.. هل من إضاءة؟
*المقصلة أداة إعدام، فكمثقفة فلسطينية أريد أن أحقق أحلامي وهذا حقي الطبيعي كإنسانة ولكن عندما تسعى لحلم ولا تصل إليه يصبح مثل الطوارق التي تؤلم ضميرك.. تنزع منك الحلم والنوم كالتي تحلم بإنجاب طفل ولا تملك الوسيلة لتحقيق هذا الحلم.
فكل الأماكن أحرقت.. جميعها شوهت لم يعد هناك مكان يشبهنا، وليس هناك من ينتظرك وأنا ابنة حيفا التي تحاول الصهيونية قتل الجينات في دمها.
ومن الطبيعي بعد أي نضال أو انتفاضة أن تتشكل وحدة وطنية ودولة وفق حركة التاريخ ولكن بعد التضحيات وآلاف الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال أنجبنا ضفافا وأصبحنا أكثر من شعب منسلخين عن قضيتنا المركزية.
لا تسأل الحرة لما تخون.. المفروض أن نسأل أنفسنا لِمَ تفرط الحرة بعرضها ثم نصوب فوهات البنادق إلى أفواهنا ونضغط الزناد لأنّا أحق بالموت منها ،فنحن من دفع بها إلى أحضان المغتصب.

عن "الاتحاد" الإماراتية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.