الصفحات

وهكذا أشعر | أسامة حيدر

ماذا لو كان الدبُ يضرب على الطبل والمغني عصفور ؟
وأنت تقرأ مايُكتب اليوم من شعر تشعر بمرارةٍ أو هكذا أشعر كيلا أتًهم بالتنبُؤ .
عشرات النصوص بل ربما أكثر لا علاقة لها بهذا الفن الذي أُطرت فيه , وعشرات الشعراء أو هكذا يسمون أنفسهم ينبتون كلَ يوم , ولا أدري سببا لهذا السيل الجارف من الناس الذين اختاروا فجأة أن يكونوا شعراء , فلا علم لهم بموسيقا الشعر ولا باللَغة ولا النحو ...... ولو بحثنا عن السبب الرئيس من وراء ذلك لوجدناه في قصيدة النثر .
فمنذ ظهورها في ساحة الإبداع العربي وهي تثير الجدل بين رافضٍ ومؤيد . ورغم
استمرارها الطويل ( أكثر من نصف قرن ) لكنَها حتى الآن لم تتمكَن من ترسيخ وجودها بشكل مساوٍ أو موازٍ للقصيدة العربيَة الحديثة التي سبقتها ( شعر التفعيلة ) . وأستطيع أن أرد ذلك إلى سببين :
1- وجود نقدٍ مؤسس خجول لها , وقد فشل في مهمته لأن هذا النوع من الشعر لا يرتبط بجذوره الأولى على عكس شعر التفعيلة . وهذا النقد بمجمله يعتمد أساساً على معطيات النقد الغربي , وقد راجت مصطلحات كثيرة لا علاقة لها بأدبنا العربي ولا نقدنا كمصطلح ( التفكيك ) والذي يعني عدم وحدة عناصر العمل , وأن كل عنصر يشكل وحدة بنائية غير مرتبطة بعناصر النص الأخرى . وبالتالي يستطيع المتلقي أن يُعيد تشكيل النص بالصورة التي تناسبه لا بالصورة التي وصل إلينا النص بها من خلال كاتبه . وهذا المصطلح يركز على فكرة انتفاء المعنى فلا قصد ولا غرض من وراء النص , والتشكيلات اللُغوية تحمل العديد من صور التأويل وهذا ما دفع لظهور مفهوم تعدد مستويات القراءة .
2- القارئ يشعر - وهو يقرأ هذا اللون - بحالة من الفوضى والارتباك والحيرة بسبب غياب القواعد واختفاء الأسس الأمر الذي يولد لديه حالة من النفور والابتعاد والبحث عن البديل .
وقد وصل الأمر ببعض المنظرين إلى القول : " إن كل قصيدة من قصائد النثر صارت تخرج بقواعدها الخاصة وتحتاج إلى استنباط محددات تنظيرية لها " . أي إن القواعد الخاصة بهذا الشكل من النصوص صارت على قدر عدد النصوص التي نقرؤها . وهذا تعبير واضح عن الفوضى .
وأخيرا قد يقول قائل : أتريد نسف كتابات محمد الماغوط وأدونيس ووووو ممن كتبوا أو أسسوا لقصيدة النثر ؟
أقول لمثل هؤلاء : أنا أرى أن بعضا من النصوص التي أقرؤها جميلة ولكن الفوضى في الكثير من النصوص الأخرى طغت على كل شيء وسأستعير هنا قولا لنيتشه " يجب على المرء أن يكون لديه فوضى في ذاته حتى تمكنه أن يلد نجما راقصا " .
فالفوضى في الذات تولد إبداعا . ولكن الكثير مما هو على الساحة فوضى في الذات ولدت فوضى في النتاج .
والسؤال الأهم : إلى أين تسير قصيدتنا العربية في سرياليتها الحداثية وفي هذه الحقبة الرمادية من حياتنا ؟؟
2\5\2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.