الصفحات

احتواء _ ونصوص أخرى | هُدى محمد وجيه الجلاّب

1
احتواء
يَنتابُني شعور جيّد أحياناً حينَ أحلمُ
بشموخ شُجيرات الياسمين البلدي الأبيض
وبأسراب ترفرفُ وتطير بلا أصوات تزعزع
عبور سُحابات الخير
يختفي لون رماد ودخان وتشرقُ باسمة
زهيرات شاميّة وخطوات تسري بِلا خوف
ولا رصاص طائش يعترضُ الأجسادَ العابرة
أتطلّعُ نحو أويقات تأتي مُتسربلة لونَ شمس
دافئة وجاذبيّة وضوضاء لكنْ تحتوي أغاني

وزغاريد وقصائد مِن جسد فرح
مع وهج يقين
نَحنُ على مَا يُرام يا الله
ينقصُنا بعضُ احتواء لِمَا يحصل
لو نستطيع أنْ ننسى ونبدأ مِنْ جديد
يُغرينا همسُ الحُبّ وتفاصيل نسيت
ألوان الطرقات والشبابيك
إنّها تخدعنا أشياء اخترعتها شياطين النهار
ماذا تُريد أن تخبر الأقدار
هل مِن مزيد مِن أطنان البُؤس والضياع
ماذا بعد موت الأطفال يا الله
وقسوة الخناجر والسكاكين والأخبار
ليتنا نعرف كيف نُرجع أهازيج الأمس الجميل
وسهرات السَمَر تحت نظرات القمر
وكيف تنام العصافير حالمة على إيقاع الأمل
أحاول وأسعى وأستميت وأنا إحدى نساء الوطن
الجريح يُرعبني أن أستيقظ على رعب
قذائف مُغفلة و سياط تباريح
أنصتُ إلى هدير يخترقُ وهمَ سكون مُفتعل
مِن مدرسة المُناضل القريبة يعلو هدير صاف جميل
حُمَاة الديار عليكم سلام واحتفالُ اليومَ بعيدِ الشهداء
شَقائق النعمان زينة السهول الورديّة والسفوح النقيّة

2
الطريق

بَعْدَ هبوط كلّ قذيفة
يمرّ غراب قاطنُ
سطوحَ
المدرسة القريبة
كأنّه يعترض يقولُ
يكفي يا بشر
مَا بَالكم
أرى جدّي يصرخ
كي يلتفتَ قابيل
مِن قبل أزمان نادى
ونادى ماذا فعلت
يا ابن آدم بأخيك
دلّه الطريق ليدفن
القتيل
لمْ يعتبر كمَا يبدو
إلهي مهّد كلّ الدروب
للصفاء للحبّ لحقول الوئام
كي يتجاوز الخلق تلك
الصعاب ومتاهات مشئومة
حسبُنا ما صارَ إليه الوقت
والضرب في الصميم
أدري أنّهم يكرهون
صوتي بشدّة ولوني الأسود
وشكلي الغريب لديهم
عند كلّ مرور لي يمتعضون
يتعوذون كأنني شيطان رجيم
ليتهم يعلمون قبل كلّ خطوة
بين مفارق
بين حقّ وباطل
بين حقيقة وحلم
كيف تًرسم الطريق

3
في الشام

للياسمين في الشام حكايات
ولنبض المَطر فوقَ الساحات
رغم الحرب وقسوة الوقت
ومحاولات قاصمة
مِن قلب الشرق والغرب
لا تفـتأ شرايين تقاوم
وتكابر الحياة وتراوغ
نُنهِضُ الشمسَ باكراً
ونقاوم
وكلّما اتسع الوجود
لشقائق النعمان
تدفّق وهجُ عنفوان
ولاحتْ كرامة
وأزهرَ رونق الغار
بالله لا تحزني يا شام
لن يطول الظلام
ستفرح الأعياد
والأطفال
ويتقمر وجه
الرغيف مِن جديد
بين يديّ صبح جميل
يبتسم للجميع ويوزع
دفء الروح والسلام

4
أصوات

صوتُ العصافير يُخبرني
وعبيرُ وردات جوري
يُنادي
هُناك أناشيد على البال
ماما ماما يا أنغاما
عمي منصور نجّار
حماةَ الديارِ عليكم سَلام
تحيّة العلم
في ساحة المدرسة
وحدود خريطة سوريّة
الأنهار الجبال السهول
المُلتحفة شقائق النعمان
قصص تُراود مُخيّلة
عريضة
نكهة طفولة وبراءة ومكر
ألوان صبا أحمر وأخضر
مع وشوشة أيام وصراخ
وشغب
لم تستسلم غصون
عراتليّة شاميّة للرياح
أراها تبقى تنتظر
في العروق رمق يتصبّر
تنطلق زغرودة مبحوحة
عالية مِن أمّ شهيد تتباهى
أنّها قدمت قطعة
من روحها لتراب الوطن
الله أكبر يا ناس ورنين
أجراس كنيسة
ترفرف فوقها حمامات
بيضاء وفي المسجد الأموي
أصوات دعوات صالحات

5
كلمَات

كلمات في طريقِها
إليكَ
تحملُ عبقَ الروح
بينَ طيّاتها
والكثير مِن شوقِ
الأثير لأريج
زهور شَاميّة
الليلة لَنْ أطيلَ السَهر
سأنامُ على الفور
أحتاجُ ذراعَ حلم
وأصابع سحابات
مُكتنزة بندى وحبر
وذلك الطيف المُهرول
دائماً بلا هُدنة
للوقوف والنظر
بّرهة هادئة
بطعم نشوة ورديّة
أشتاق أنْ أرى
الملامح التي كانت
يوم اللقاء اليتيم
وأشعر بذلك النبض
الذي رقص وتمرّد
واجتاح
وتلك الأجنحة العريضة
التي لبست ذراعيّ الجنون
بألف جنون
6
طريقي

أُودّ أنْ أكفَّ عنْ التذمّر
راحت السنون هُباء
أدري
وما العمل
إلى متى
ينهبُني جفاف الوقت
وتصدِمُني مرايا
بين سطور تتزاحم
أنشدُ الحلول
أبحث
عن طيف سعادة
عن بعض رمق
للزهور الضجرة
الخاملة
بدأتُ أصدّقُ وهمي
أنتظرُ شروقَ
فرح وردي
فوق الأرصفة
وعلى شرفات دمشقيّة
أرقبُ ابتسامات قمر
السماء لحقول مُنتظرة
الضياء
ويجدر أنْ لا أرجع
عن طريق
رسمته روحي
في لحظة حاسمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.