رأيت فيما يرى النائم،شخصا سمج الوجه،نتن الرائحة،قد أوجسني خيفة و هو يقطع طريقي قائلا:
-السلام عليكم يا عبد الله.
-و عليكم السلام،من تكون؟
- أنا الموت جئت لآخذك من الدنيا.
-فتلعثمت،و جف الريق في حلقي،و تجلدت و استطردت:
-تأخذني من الدنيا؟الآن؟
-أجل،للتو،و هل هناك مانع في ذلك؟
-قلت:لي شؤون علي أن أنهيها قبل توديع الدنيا.فإن كنت حليما فأمهلني خمس سنوات و سآتي عليها،حينها سأكون طوع أمرك و رهن إشارتك.
-لك هذا،و سأرجع إليك لآخذك بعد أن يمر وقتك.
*رغم أن منظره مخيف و ذكره مرعب إلا أن فيه خير خفي يصعب علينا رؤيته.
و بعد مضي السنين الخمس رجع إلي بمنظره الذي كان و قال:أتمنى أنك أنهيت أشغالك و أعددت نفسك للرحيل.
-يا إلهي،أ مر نصف عقد بكل هذه السرعة؟
-لم،ألست جاهزا بعد؟
-قلت:أجل فما زال لي أعمال أخرى قد جدت،فارجع بعد خمس أخر.
-قال:لك هذه،و أرجو أن تنهيها قبل أزف الوقت.
-سأبذل قصارى جهدي،إن شاء ربي.
و مرت خمس أخرى و قدم الموت مني متمهلا و قال:ستكون لي الآن،فقد أرهقتني من أمري عسرا.
-قلت:لم أتم بعد،و لكنني سآتي معك بلا ريب.
-قال:ماذا فعلت في الخمس الأوائل؟
-قلت:عملت ثم تزوجت و لما حبلت زوجي و قرب مخاضها أتيت.
-و في الخمس الأخرى؟؟
-كان لي مال عند تاجر قد سافر ليبتاع سلعة ثم يسترده فينتفع به أهلي و ولدي بعد أن أصطحبك،و لكنك سبقته إلي.
-قال:قد قضيت عقدا فيما لا ينفعك،كان عليك أن تفكر في محطتك الأخرى.
-قلت:إنها الدنيا،قد أنستني،فلا تشق علي أكثر من مشقة لقائك الأخير هذا.
-قال:فعلا،لا يملأ جوف المرء إلا التراب.
و حينما وضع يده بيدي أفقت من نومي أهذي و العرق يغسلني،و لما ثبت إلى رشدي،نسيت حلمي و كأن شيئا لم يكن.
بقلم الكاتب:بن عمارة مصطفى خالد. البلد:الجزائر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.