الصفحات

رجل لايعرف الدرب | وليد.ع.العايش


قذف بآخر أوراقه في درج مهشم ، ترك قلمه يبكي على طاولة رمادية ، بينما السيجارة تختصر الزمن ، قبل أن تبدأ رحيلها الأخير ، مسح على بقايا شعره ، تحسس دقات القلب ، ( حسنا لازال يعمل ) ... ، قالها لنفسه خشية أن يسمعه طفله الصغير ، الذي يداعب دميته الشقراء ... رجل طويل القامة ، أسود الشعر ، بلغ عقده الرابع منذ لحظات ، بينما كانت ستارة النافذة التي تطل على حديقة داره ، تبتسم من تمتماته ، أطلق العنان لسيجارة أخرى وهو في طريقه إلى الباب الذي أصابه داء
الإكتئاب ، لم يأبه الطفل لم يدور على أطراف حياة ملوثة ، تابع مداعبته لتلك الدمية ، بينما بدأ المطر يهوي على قارعة رأسه الأملس ، ساعة الحائط المثيرة للجدل ، تجاوزت أكثر من منتصف ليلة تشرينية ، عقاربها تسير باتجاه واحد مرغمة ، هناك بدأ المشهد يرتسم أمام ناظريه ، الأشجار العارية لم تخجل من نظراته ، حتى أنها لم تحاول إخفاء عورتها ، دخان السيجارة يعانق حبات المطر المتساقطة بحياء ، مازال الطريق في مكانه ، ( شيء جيد ) ، ضوء القمر يختلس بعض النظرات ، بينما كانت الغيوم تصرعه في معمعة السماء ، الضجر يصهل في صمت ، رفع الرجل كفيه للأعلى ، ( ماذا كان يقول ) ، سألت شجرة صغيرة جارتها ، أغمض عينيه ، أمست المسافة تتعدى عشرات السنوات ، عاود النظر إلى البيت الصامت ، الليل والمطر ينسجان حوله سورا خريفيا ، لكنه كان قاسيا هذه المرة ، رمى الطفل بالدمية ، ارتفع صوته ليحطم سكنات الليل ، أين أنت يا أبي !!! ...
-------------
وليد.ع.العايش
15/2/2017م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.