الصفحات

اشتياقٌ مجنون إلى حيفا | عطا الله شاهين

اشتياقٌ مجنون إلى حيفا

وقفَ على متنِ السّفينةِ ونظرَ صوب البحرِ، وأدركَ بأنّه عائدٌ إلى تلك المدينة، التي يظلّ يحلمُ فيها ويشتاقُ إلى رؤيتها بلا انقطاعٍ بعد مكوثِه في غُربةٍ قاتلة، ففي النّهاية أرادَ العودةَ إلى مدينةٍ ترعرعَ في أزقّتِها.. لقد ملّ منْ بقائِه في بلدٍ سكّانها لا يحبّون الغُرباء، هكذا كان يرى في عُيونِ أهلِ تلك البلد، وبعد أنْ نظرَ إلى البحرِ شعرَ بأنّه مشتاقٌ أكثر لمدينتِه، وبعد
وقوفٍ لفترةٍ قصيرةٍ تأمّلَ فيها صخبَ البحرِ خطا بخطواته وجلسَ في إحدى زوايا السّفينة، وبدتْ في عينيه فرحةٌ كبيرة، لأنَّ اشتياقَه لمدينةِ حيفا بات جنونياً، وبعدما بدأتْ السّفينة تمخرُ عبابَ البحر، شعرَ بأنّه قريبٌ منها، ولمْ يستطعْ في تلك الليلة النّوْم، وظلّ يترقّبُ وصولَ السّفينة، وحينما اقتربتْ السفينة مِنْ شواطئ مدينته حيفا نظر إليها، وبكى من شدّة الفرحة، وعندما دنت السفينة أكثر من شواطئها وبدأتْ تصفّر بصافرتها، شاهدَ الأطفالَ يلعبون ويسبحون على شواطئِها الذّهبيّة، وقالَ في ذاته: ما أجملَ هذه المدينة، وحينما رستْ السّفينةُ في المرسى نزلَ منها وبكى، وشكرَ الله على أنّه ظلّ حيّاً حتى رآها بعد غيابِه عنها، فاشتياقه المجنون لحيفا جعله يحثّه لكي يأتي إليها .. فعودته إلى مدينتِه التي ظلّ يعشقُها كانتْ مراماً له، فحُلْمه لرؤيتها لمْ يتوقّف البتّة خلال عيشه في الغُربةِ المريرة، وحينما وطأتْ قدماه أرضها شعرَ بعشقٍ أكثر صوبها، وشعرَ أنّه ينتمي إليها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.