الصفحات

تهاويم | سوسن صالحة أحمد

ما كانت الدروب الطويلة تعني له أكثر من حياة تضاف للحظاته الحرة بعيداً عن تأويلات السفر، كان يعلم أن السماء أبعد من أن تطالها أغصان الشجر مهما تفرعت وبالغت بنزع روحها إلى الأعلى، غير أن فكرة المجد محصورة باستمرار المسير رغم الصعاب ملكت منه رغبة في أن يكون الضد للمستحيل ومساحة تحقيقه مؤمناً بقدرة إرادة لم تكن يوماً إلا خيراً وحبا، يسير في رهان مع الصدق في ذاته متوسماً حصاداً من جنس الزرع وإدانة بما يدين لذاته وللوجود في
خطىً ما خانته رغبة الثبات في جدها طرفة عين ولا ناقشها في ذاته لشدة إيمانه بالعدل.
يمشي وبيده كؤوس مزج لها من روحه يوزعها أنى اتفق البر أن يكون رصيداً يضاف لآيات قلبه اللا تبديل لها، أو هكذا كانت، لا تبديل لها، دون انتظار الجزاء الذي لطالما حدثوه عنه إنه من جنس العمل، فآلى على نفسه إلا أن يكون دواء للبراء من آفة الصبر اللاصبر لها ولا عليها، يُسكِتُ أناه الساكتة ابتداءً منذ أُبلِغَ أن إذا اعتقدت أن الكذب ينجي فإن الصدق أنجى، حتى صارت تهاويمه طفلاً أبى إلا أن يكبر معه ليبقى يصدق كل ما يقال له ويظهر ولو دون باطنه، لم يُرِهِ صدقه كذباً في مرآة ذاته لما يعكس الصور المقابلة عليها إذ لا يجد ضرورة للكذب.
هاهو يجلس الآن على عتبة بيته كافراً بالمسير طال أو قصر، يحمل بيده عصا رقيقة يخط بها على التراب وجوههم ثم يمحوها بأسفل قدمه الذي جَرَّحَتهُ الدروب ويسقيها بدمعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.