بعد الفراغ من أعماله وتحضير لوازم العمل من مذكرات ومراقبة أعمال المتعلمين ، يحلو للأستاذ نعيم الدردشة مع أصدقائه في الفضاء الأزرق أو الفايسبوك، فهناك من يناقش في السياسة والبعض الآخر في مادة تخصصه، والغالبية العظمى تقتل الوقت أو يقتلها، كثير من هؤلاء الأصدقاء ، وبخاصة تلميذاته السابقات والحاليات يتنكرن بأسماء مستعارة ، هناك من تكسر برقع الحياء وتريد الخوض فيما يقال وفيما لا يقال، ومنهن من يسهل اكتشاف أمرهن، أليس أستاذا وخبيرا بفنيات طرح السؤال، لم يكن يتوقع يوما وهو الكهل الذي تخطى عتبة الأربعين سنة أن
ينجر إلى المراهقة المتأخرة. بداية القصة كانت إعجابا من إحدى تلميذاته أيام كان شابا في العشرين من عمره ، وهي فتاة مراهقة لم تصل بعد هذه السن، يدور الفلك دورته وتنقضي ثلاثة عقود وتصبح تلك الفتاة وتدعى موهوبة ، تكيل له باقة من التقدير والاحترام، يشعر معها بنشوة ما بعدها نشوة، تمر خيالات السنين بين ناظريه ، فيقف منتصب القامة يصول ويجول أمام تلاميذه، وزهو الشباب يزيده طاقة، ويعطيه دفعا لأن يبرز قوة شخصيته أمامهم، تسحره كلمات الود والاحترام، يفترقان ويتواعدان على اللقيا من جديد، عملت أداة التواصل هذه عملها في نفسه، أصبح ينتظر اللقاء بشغف، تطور الكلام من وصف للماضي السعيد والزمن الجميل، وأماني المستقبل إلى الحديث عن مراحل العمر وكيف قضاها كل واحد منهما، وجدت في سذاجته الصدر الحاني الذي تنزل عليه ثقلها وهمومها، لقد طُلّقت في عامها ولم تنجب وبدأ قطار العمر في الاستمرار دون توقف، وجدت نفسها تجاوزت الثلاثين ، تبحث عن زوج ، لكنها لا تصرح له بذلك ، تستخدم معه أداة ذات استخدامين متناقضين ، تجذبه إلى دائرة الإحساس والعاطفة والتأثر ، وتستخدم معه أسلحة الإغراء والإغواء، فينجذب رويدا رويدا، ينسى نفسه، وفي غمرة الحديث يستلطف معسول الكلام إلى أن يصل إلى قمة الانتشاء، ثم سرعان ما تنزل به إلى التمنع والانزواء، وتترك له روح المبادرة، ينتظر طويلا علها تعيد الاتصال، تكتم إحساسها وتقوى على المقاومة، يجاهد الأمر ويحاول معالجة الموقف، يقترب إلى الحد الذي يرخي فيه زمام أمره إلى طرح سؤال، أو الاستفسار عن الغياب، فيوهم نفسه أنها لا تتقصد الفعل، ويجبر نفسه طواعية أن لها عذرا ويقبله على مضض ، كأنه يراوغ إنسانا آخر.
كثرت اللقاءات اليومية وأصبحت محددة التوقيت، كلما دخل البيت، يتجه لا إراديا صوب الجهاز ليظفر بعبارة جميلة، أو بطاقة بريدية يملأ بها ناظريه، افتتن الرجل كأن لم يعرف امرأة في حياته قط، وبخاصة حينما تجعل منه الأب والأخ والمعلم، وأنه المخلّص لها من حالة الضياع التي تشعر بها، بعد عن أن قست الظروف عليها، وتلقفتها سهام المجتمع بالقيل والقال.
يعود إلى رشده وينظر حوله فيجد زوجته وأبناءه وبناته ، وقد أصبحوا رجالا ونساء، تكثر سياط التأنيب، وتتدافع الأسئلة المحيرة، ألم يقض العمر بين أسرته وتلاميذه ناصحا أمينا، يضحك من كل منحرف خائن، يهمل بيته وعياله، ماالذي أصابه؟، أليس هو الذي يخرج كل ليلة زبوره لأبنائه يحثهم على عدم الإكثار من الدردشة؟، وتبيين مضارها، وتفصيل مخاطرها على الشباب، ما هذه النكسة التي حلت قريبا من داره؟.
سرعان ما ينسى الموقف، يعود متحسسا الكلمات، متتبعا معانيها، استطاعت في فترة وجيزة أن تكسر حواجز السن، وحواجز علاقة التلميذة بأستاذها، لتخرج عليه في الفضاء الأزرق بلونين مختلفين يبهران العين، ويجذبان القلب، جانب حزين بكائي، تستطيع افتكاك عبرات حارة من مقلتيه، لهول ما نالها من زوجها السابق، ومن شدة الظروف التي مرت بها، من معاناة فقر وفاقة، وموت أب، فيخيل إليه أنه معني بأمرها، ولابد أن يتابع شأنها إلى أن تستقر على رأي واضح المعالم، وبالمقابل تنتقل إلى الجانب الإغوائي ، فتتجدد في نفسه طاقة الشباب، ويقيم مقارنة بسيطة بين زوجة استهلكت جسدها في الأولاد وخدمة البيت، وعوامل الزمن المختلفة، وبين شابة مازالت تشع نظارة وحيوية، كيف ومتى يأتي اليوم الذي يرتمي في أحضانها، فيعيد لجسده شبابه، وينخب من إكسير الحياة الذي تلهمه أنوثتها الصارخة، وقد خبر ذلك من تصفحه لصورها، وتتبع مواطن الجمال وجزئياته في جميع مواطن جسدها.
حاول مرار العدول عن هذه العلاقة المشبوهة التي أصبحت محط أنظار الجميع، وفي أحايين أخرى تعليقاتهم، لأنه بالكاد يفارق الجهاز. تنهاه رجولته، ينظر في المرآة يجد الأمر تجاوزه الزمن، فلم يبق إلا الاستعانة بفعل الخير، والاهتمام بشأن الأسرة، تتبدد سريعا هذه الفكرة حينما تسارع هي إلى السؤال عنه واستعجاله في الرد عن أسئلتها، وتطعّمها بألفاظ سحرية لا تقال حتى بين الشباب، ولم يسبق له أن سمعها من زوجته طوال المرحلة العمرية التي قضاها معها. تهزه النشوى، ويطرب للكلمات والأوصاف، ويطير شوقه حينما ترجوه في لقاء حميمي، فقد الرجل عقله، وجن جنونه، تغيرت طباعه تجاه زوجته وأولاده، يستعد لملاقاتها، تخلف وعدها عن قصد، أو لظروف منعتها، يطول انتظاره ، تغلق هاتفها، يحل الظلام، يعود أدراجه إلى البيت ، يحمل عذابات السنين، لقد ثورت براكين السنين بداخله، ثم تسقط كسف الهموم على أكتافه، يصيبه اكتئاب شديد، لا يقدر على مواجهة الناس لشدة الانطوائية التي حلت به.
تتصل به من جديد، لم يشأ أن يجرحها، أو يجرح كبرياءها، لحظتها عرف أنها من هواة تمضية الوقت في الفاسبوك، وإشباع الرغبات المكبوتة التي لا يستطيع الإنسان تحقيقها في الواقع ، فيلجأ إلى هذه الوسيلة التي حطمت بيوتا، وكسرت قلوبا، وفرقت أزواجا، وهدمت أسرا كانت آمنة مطمئنة.
ينجر إلى المراهقة المتأخرة. بداية القصة كانت إعجابا من إحدى تلميذاته أيام كان شابا في العشرين من عمره ، وهي فتاة مراهقة لم تصل بعد هذه السن، يدور الفلك دورته وتنقضي ثلاثة عقود وتصبح تلك الفتاة وتدعى موهوبة ، تكيل له باقة من التقدير والاحترام، يشعر معها بنشوة ما بعدها نشوة، تمر خيالات السنين بين ناظريه ، فيقف منتصب القامة يصول ويجول أمام تلاميذه، وزهو الشباب يزيده طاقة، ويعطيه دفعا لأن يبرز قوة شخصيته أمامهم، تسحره كلمات الود والاحترام، يفترقان ويتواعدان على اللقيا من جديد، عملت أداة التواصل هذه عملها في نفسه، أصبح ينتظر اللقاء بشغف، تطور الكلام من وصف للماضي السعيد والزمن الجميل، وأماني المستقبل إلى الحديث عن مراحل العمر وكيف قضاها كل واحد منهما، وجدت في سذاجته الصدر الحاني الذي تنزل عليه ثقلها وهمومها، لقد طُلّقت في عامها ولم تنجب وبدأ قطار العمر في الاستمرار دون توقف، وجدت نفسها تجاوزت الثلاثين ، تبحث عن زوج ، لكنها لا تصرح له بذلك ، تستخدم معه أداة ذات استخدامين متناقضين ، تجذبه إلى دائرة الإحساس والعاطفة والتأثر ، وتستخدم معه أسلحة الإغراء والإغواء، فينجذب رويدا رويدا، ينسى نفسه، وفي غمرة الحديث يستلطف معسول الكلام إلى أن يصل إلى قمة الانتشاء، ثم سرعان ما تنزل به إلى التمنع والانزواء، وتترك له روح المبادرة، ينتظر طويلا علها تعيد الاتصال، تكتم إحساسها وتقوى على المقاومة، يجاهد الأمر ويحاول معالجة الموقف، يقترب إلى الحد الذي يرخي فيه زمام أمره إلى طرح سؤال، أو الاستفسار عن الغياب، فيوهم نفسه أنها لا تتقصد الفعل، ويجبر نفسه طواعية أن لها عذرا ويقبله على مضض ، كأنه يراوغ إنسانا آخر.
كثرت اللقاءات اليومية وأصبحت محددة التوقيت، كلما دخل البيت، يتجه لا إراديا صوب الجهاز ليظفر بعبارة جميلة، أو بطاقة بريدية يملأ بها ناظريه، افتتن الرجل كأن لم يعرف امرأة في حياته قط، وبخاصة حينما تجعل منه الأب والأخ والمعلم، وأنه المخلّص لها من حالة الضياع التي تشعر بها، بعد عن أن قست الظروف عليها، وتلقفتها سهام المجتمع بالقيل والقال.
يعود إلى رشده وينظر حوله فيجد زوجته وأبناءه وبناته ، وقد أصبحوا رجالا ونساء، تكثر سياط التأنيب، وتتدافع الأسئلة المحيرة، ألم يقض العمر بين أسرته وتلاميذه ناصحا أمينا، يضحك من كل منحرف خائن، يهمل بيته وعياله، ماالذي أصابه؟، أليس هو الذي يخرج كل ليلة زبوره لأبنائه يحثهم على عدم الإكثار من الدردشة؟، وتبيين مضارها، وتفصيل مخاطرها على الشباب، ما هذه النكسة التي حلت قريبا من داره؟.
سرعان ما ينسى الموقف، يعود متحسسا الكلمات، متتبعا معانيها، استطاعت في فترة وجيزة أن تكسر حواجز السن، وحواجز علاقة التلميذة بأستاذها، لتخرج عليه في الفضاء الأزرق بلونين مختلفين يبهران العين، ويجذبان القلب، جانب حزين بكائي، تستطيع افتكاك عبرات حارة من مقلتيه، لهول ما نالها من زوجها السابق، ومن شدة الظروف التي مرت بها، من معاناة فقر وفاقة، وموت أب، فيخيل إليه أنه معني بأمرها، ولابد أن يتابع شأنها إلى أن تستقر على رأي واضح المعالم، وبالمقابل تنتقل إلى الجانب الإغوائي ، فتتجدد في نفسه طاقة الشباب، ويقيم مقارنة بسيطة بين زوجة استهلكت جسدها في الأولاد وخدمة البيت، وعوامل الزمن المختلفة، وبين شابة مازالت تشع نظارة وحيوية، كيف ومتى يأتي اليوم الذي يرتمي في أحضانها، فيعيد لجسده شبابه، وينخب من إكسير الحياة الذي تلهمه أنوثتها الصارخة، وقد خبر ذلك من تصفحه لصورها، وتتبع مواطن الجمال وجزئياته في جميع مواطن جسدها.
حاول مرار العدول عن هذه العلاقة المشبوهة التي أصبحت محط أنظار الجميع، وفي أحايين أخرى تعليقاتهم، لأنه بالكاد يفارق الجهاز. تنهاه رجولته، ينظر في المرآة يجد الأمر تجاوزه الزمن، فلم يبق إلا الاستعانة بفعل الخير، والاهتمام بشأن الأسرة، تتبدد سريعا هذه الفكرة حينما تسارع هي إلى السؤال عنه واستعجاله في الرد عن أسئلتها، وتطعّمها بألفاظ سحرية لا تقال حتى بين الشباب، ولم يسبق له أن سمعها من زوجته طوال المرحلة العمرية التي قضاها معها. تهزه النشوى، ويطرب للكلمات والأوصاف، ويطير شوقه حينما ترجوه في لقاء حميمي، فقد الرجل عقله، وجن جنونه، تغيرت طباعه تجاه زوجته وأولاده، يستعد لملاقاتها، تخلف وعدها عن قصد، أو لظروف منعتها، يطول انتظاره ، تغلق هاتفها، يحل الظلام، يعود أدراجه إلى البيت ، يحمل عذابات السنين، لقد ثورت براكين السنين بداخله، ثم تسقط كسف الهموم على أكتافه، يصيبه اكتئاب شديد، لا يقدر على مواجهة الناس لشدة الانطوائية التي حلت به.
تتصل به من جديد، لم يشأ أن يجرحها، أو يجرح كبرياءها، لحظتها عرف أنها من هواة تمضية الوقت في الفاسبوك، وإشباع الرغبات المكبوتة التي لا يستطيع الإنسان تحقيقها في الواقع ، فيلجأ إلى هذه الوسيلة التي حطمت بيوتا، وكسرت قلوبا، وفرقت أزواجا، وهدمت أسرا كانت آمنة مطمئنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.