الصفحات

وحيداً بلا تغريد ـ خواطر نثرية | صلاح الأسعد

1
لم يكن قدراً أن يبقى يلملمُ حبّاتِ دموعهِ بين الحين والآخر
بل هو واقعٌ فُرضَ عليهِ ، ووطّنَ نفسَهَه لتقبّلِ هكذا واقع ، بكى
لفقدهِ والديه طفلاً ، وطافتْ عيناهُ لمّا حُرمَ من التعليم لتفرّغهِ
في تربيةِ أخويهِ الصغيرين ، وتقرّحتْ جفونُه بالدموع عندما مرضَ
أخواهُ وفارقا الحياة كالعصافير وبقي وحيداً بلا تغريد ،
وبحثَ عن
تلك الدّموعِ يوم بتروا يدَه بطلقٍ ناريّ وهو يشاركُ في رشقِ جنودِ
الاحتلالِ بالحجارة فأعيتْه تلك الدموع ، وكما أعادَ الصبحُ البهجةَ
لنهارِ هذا اليوم بعد هروبِ عتمةِ الليل عادتْ عيناهُ تجودانِ بالدموع
الغزيرة لأنها هذه المرّة دموعُ فرحٍ بعدما احتفلَ بغرسِ سكينهِ في
ظهرِ مستوطنٍ صهيوني سلبَهُ بيتَهُ ، فجلجلَ المكانُ بعالي ضحكاتهِ
وجنودُ الاحتلالِ يقتادونه إلى سيّارةِ الاعتقال .


2
ويحدثونكَ عن الطّعن :

لا يعرف قساوة الطعن وإيلامه إلّا من تذوّقه .......
لا يعرف صدى صراخ المطعون وتناثره إلّا من حاول اخراج السكين
الذي طعنه ......
آآآآآهٍ يا أمّي :
كم من المرات طُعنتِ وطُعنتُ منذ ولادتي ؟
كم من المرات طُعن والدي وعمي وخالي وجارنا ؟
كم من المرات طُعنت حارتنا وقريتنا ومدينتنا ؟
كم من المرات طُعن وطننا ونزف ولا يزال ؟
أليس حرماني من حليبي وأنا طفل هو طعن ؟
أليس ادخال الخوف الى فؤادك عندما كنتُ وليداً ودهموا بيتنا واعتقلوا والدي هو طعن ؟
أليس اخراج عمي وخالي وجارنا الى ساحة الحارة وقتلهم جميعاً هو طعن ؟
أليس اختلاس مدينتنا وتوطين كلابهم هو طعن ؟
آآآآآآآآآهٍ يا أمي :
أليس اقامتكِ وتعذيبك في السجن ثم موتك على أيادي
الجلادين هو آلاف الطعنات في صدري ؟
أليس ضرب أختي المشلولة على كرسيّها حتى الموت هو طعن ؟
العالم كلّه منذ نكبتنا يجهل معنى الطعن وقساوته وآلامه بل لم يحاولوا
ايجاد تفسير لمعناه ....
اليوم العالم ذاته صار يعرف ويعرّفُ معنى الطعن وصار يحذر من آلامه
وآثاره وقساوته فقط لأنّ الفلسطيني بدأ يطعن الصهاينة ويذيقهم آلام الطعن
وقساوته وآثاره ......
هنيئاً لكم أيها الأبطال لأنكم علّمتم العالم معنى مصطلحاتٍ كان يجهلها بل ويتجاهلها ....
هنيئاً لكم أيها الأبطال لأنكم تثأرون لكلّ ذرّة روحٍ وليمونة وزيتونة طُعنت ...
سلمت يدُ كلّ طاعن وسلمت السكين الطاعنة التي تحيطها أصابعك العاشقة للشهاد ة
أيها الصنديد الشجاع .....
هنيئاً لكم ايها الطّعان الشهداء بفرح الجنة بكم :
( قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ) بمشيئة الله ....!!


صلاح الأسعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.