الصفحات

كم ضحكنا وبكينا | م.سمر عيد

كم ضحكنا..في تلك الليلة السمراء،تحت داليةٍ جادت علينا بقطوفها الممتلئة لذة وحلاوة..
نفترش بساطَ المحبة ،قبيل الأزمة بسنوات..!
حين جاءت جارتُنا (أم محمود) لتدعونا لتناول طعام الغداء ،بمناسبة تخرّج ابنها من كلية الهندسة.
وانطلقنا أنا وأمي وأختي الكبرى،ترافقنا الغبطةُ ،تسبقنا اللهفة ،نتأبّط الهدايا الجميلة..
فالجلوس مع الخالة الطيبة يُنسينا همومنا..وفنجانها لايخيب..

وتحلّقنا حولها ننصت لحكاياها المشوقة ..فثرثرة النساء ترطّب الأجواء..
كنت أصغي إليها مستجمعةً حواسي كلَّها عدا حاسة الشم التي كانت تتسلل هاربة
تتحرّى عبثا رائحة الشواء!!
فالكبة المشوية الممتلئة شحمًا ولحمًا سيدةُ الأطباق على موائد الجود والمحبة في حمصنا العدية..
لكن.. لايوجد شواء..ولامُواء..حتى القطط التي تسبقنا إلى المائدة لم يعد لها أثر!!
وبدأت عصافيرُ البطون تزقزق مطالبةً الخالة بالإسراع في وجبتها الشهية..
أخيرا فرشت الجارةُ الطيبة سفرتَها الملونة..
وبسرعة البرق كان طبقٌ كبير من الشوربا ،يتصدُّرُ السفرةَ برفقة كيس كبير من الخبز ،والبخارُ المتصاعد يملأ الأنفاس ..
وكأن المرأة الحاذقة لاحظت نظراتِ الدهشة والاستنكارفي أعيننا فراحت تفتُّ الخبزَ
وتعدّدُ فوائدَ الطبق الشعبي (العدس بحصرم)
كم ضحكنا في تلك الليلة ، حتى سال الدمع من أعيننا.. !!
كما نضحك اليوم ونبكي عندما نتذكر ، والدمع يسيل حارقا لاذعا
على موائدَ كانت عامرةً بالمحبة والألفة..
على الخالة الطيبة التي قضت حزنًا وكمدًا لفراق ابنها الذي خرج ولم يعد..
على الأبرياء من أبناء هذه الأرض الطيبة..
على زمن جميل افتقدناه..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.