الصفحات

نـــيــران صــديـقـة و قصص قصيرة جدا | صفيّة قم بن عبد الجليل.

صفيّة قم بن عبد الجليل.

ــ 1 ــ عـــــــجـــــز
شيّد قصرا منيفا وأحاطه بحدائق غنّاء وجداول رقراقة، وتخيّر له حرسا وعسسا، واستورد له خدما وحشما... بيْد أنّه ظلّ واجما باللّيل والنّهار! لقد عجز القلب عن أن يظفر بملامح امرأة يعشقها وتعشقه ويعشق ناقتَها بعيرُه!!!


ــ 2 ــ مــنـــفــــى

أحاط نفسه بكلّ الرّعاية والعناية وأغدق عليها ألوانا وأصنافا حتّى خنق فيها كلّ لجاجة وعطّل منها كلّ رغبة... أفاقت ذات شتاء قارس على صوت غريب ملحاح يدعوها إليه... همّت به قبل أن يهمّ بها فما وجدت طريقها إلى الباب أو النّافذة!!!
طرقت جدران الذّاكرة فأجابها صدى غرفتها الخاوية: " يرجى احترام طقوس الإقامة حتّى لا نضطرّ إلى تهجيرك إلى منفى جديد!!! "

ــ 3 ــ شـــــاعــر الـمـدينــــة
التقاها ذات أمسيّة فأُعجب بجمالها وحسن حديثها... دنا منها وقال: " أنا شاعر المدينة ونبيُّها وحكيمُها..." وطفق يخور ويثغو حينا وينهق ويرطن حينا آخر... حتّى ضجّت اللّغة بعللها... ابتسمت في مرارة وهي تخاطب نفسها: " الآن أدركتُ لماذا أَطْرد أفلاطونُ الشعراءَ من مدينته الفاضلة!!!"

ــ 4 ــ تُفّاحة شهـيّة
ضرب لها موعدا عند محطّة قطار الضّاحية الشماليّة وظلّ ينتظر... لم تأت! وظلّ ينتظر حتّى قدِمت تتهادى وهي في أتمّ زينتها... تهلّل وجهه بشرا وهو يلتهم تفاصيل وجهها الصّبوح...
ابتسمت باحتشام أنيق، فناولها تفّاحة شهيّة! اكفهرّ وجهها وسابقت الريح إلى قطار الضّاحية الجنوبيّة وهي تقسم ألا تُطعَم غير رمّان وتين وزيتون!!!

ــ 5 ــ نـــيــران صــديـقـة

... أحبّتها واحترمتها بَيْدَ أنّها وقفت في وجهها، ذات ربيع: رفضت الوصاية والمساومة ولعبة الإقصاء... ففوجئت بشظايا متعنّتة صادمة!!!
حاولت جاهدة رتق هرم الصّداقة المتداعية، فبادرتها بطعنات ولكمات...
نزفت في صمت... تهاوت وترنّحت ولكنّها لم تسقط... وما بين الطعنة واللّكمة كانت ترى زنبقة تنمو من بركة دمها المسفوح هدرا!!!

ــ 6 ــ مــــوت بـــطـــيء

... امتطى الحافلة، وكعادته اجتهد في أن يندسّ بين كلّ تلك الكتل من الركّاب وهو يتمتم بتعاويذ تقيه شرّ مراقب التذاكر! قطعت الحافلة " زينة وعزيزة " شوطا وهي تترنّح حينا وتعرج آخر... فجأة، توقّفت وسادها صمت رهيب ثمّ فُتِّحت أبوابها وانهمر الركّاب فارّين من هنا وهناك في صخب ورعب... لم يظلّ غيره بها وكان يحملق في الوجوه ببلاهة!!!
صاح به رجل الأمن: " فُزْ بنفسك، أسرع! "
قهقه بأعلى صوته وتربّع على كرسيّ القيادة وهو يصرخ: " موت سريع أفضل من موت بطيء! "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.