الصفحات

قصة عازف المزمار بين الحقيقة والخيال | ‏زبيدة جلال

الطفولة!!!
تحتل الطفولة حيزا خاصا ومهما في الذاكرة،كل شيء كان جميلا رغم كل شيء،مميزة لانها جديدة وجديرة بالاستكشاف،الوجوه والشوارع والروائح والاكلات وحتى الطبيعية جديدة وملغزة،كانت ارواحنا نقية بريئة..
أتذكر طفولتي جيدا،اذكر اغلب ملامحها رغم صعوبتها الا انها كانت جميلة ومميزة،حين اذكرها تنتابني موجة من الشجن والاحساس بالحنين ممايجعل قلبي ينتقل بروحه الى الماضي،الاحلام
والذكريات،كنت اقضي معظم وقتي في قراءة القصص ومشاهدة مسلسلات الانمي حتى انني تعلمت الاحرف الهجائية عن طريق القصص قبل دخولي المدرسة..
كنت أميل الى القصص والمسلسلات الغرائبية وقصص الاساطير والخيال والخرافة تلك التي تأخذ بيدي الى عوالم ساحرة وتبعدني عن الواقع،بالاضافة الى ذلك كان لدي اهتمام بالغ بالبحث عن أصول القصص والمسلسلات الكارتونية،فرغم ان عوالمها كانت خيالية الا اننا لو فتشنا في شخوصها وبحثنا في تفاصيلها بعناية لعثرنا حتما على شيء من الواقعية المتوارية وراء حجب الخيال المسدلة، كان خالي يزودني بالمعلومات والكتب وكذا اشرطة وكاسيتات لقصص مصورة، كنت ابتدئ البحث بأكثر القصص جذبا لانتباهي واكثرها رسوخا في ذاكرتي، بعض القصص لم أعثر على اجابات كافية عن الغازها؛ من بين تلك القصص؛هي قصة عازف المزمار السحري..
عازف المزمار من هاملن (pied piper of Hamelin)
وهي حكاية من التراث الالماني نالت قسطا وافرا من الشهرة العالمية بعد ان كتب ونظم عنها أدباء وشعراء ورسامون كبار أمثال جوته والأخوان غريم والشاعر روبرت براوننغ،وهي من قصص الاساطير والخوارق التي تقفز فوق أسوار الممكن والمعقول، تدور احداثها في مدينة هاملن الالمانية الواقعة على ضفاف نهر فيسر والتي غزتها الجرذان فجأة حتى ضاق سكانها بها ذرعا وأوشكوا على تركها الى مدن أخرى، وقد خصص الحاكم مكافأة قدرها 1000 قطعة ذهبية تقدمها المدينة لمن يستطيع تخليصها من أسراب الجرذان الغازية،ولم يمض وقت طويل حتى ظهر عازف مزمار غريب يرتدي ملابس المهرجين وخلص المدينة من هذا الوباء عن طريق معزوفة كان يعزفها اقتاد بها الجرذان الى النهر وخلص سكان المدينة منها،ولكن سكان المدينة الجاحدين تنكروا لوعودهم ورفضوا ان يعطوه ولو قطعة ذهبية وقرروا ان يزجوه في السجن بتهمة الشعوذة والسحر،وقرر العازف ان ينتقم منهم ازاء هذا الغدر والجحود،وفي اليوم التالي وقف عند بوابة المدينة وأخذ يعزف مقطوعة تركت وقعا سحريا على اذان الاطفال فاقتادهم الى جبل كبير يقع عند أطراف مدينة هاملن وأختفى هناك الاطفال الى الابد، وكان ذلك اقسى عقاب يمكن ان يناله سكان هاملن جراء بخلهم ونكثهم العهود وظل هنالك الاطفال يلعبون ويمرحون😍 مع عازف المزمار في مروج وحدائق تحتوي على كل مايشتهيه الاطفال..
أكدت بعض الشواهد والاكتشافات ان القصة حقيقية تعود الى اواخر القرن الثالث عشر الميلادي ولعل ابرزها تلك الموجودة في مدينة هاملن( حيث ينتصب اليوم في وسط المدينة منزل قديم يعود الى العصور الوسطى يدعوه الناس بمنزل عازف المزمار وبخلاف ذلك فإن عازف المزمار لم يسكن هذا البيت لكن السبب وراء ذلك هو وجود بلاطة سوداء على احد جوانب المنزل نقشت عليها عبارة""في 26 يوليو/حزيران عام 1284
في عيد القديسين جون وبول..مائة وثلاثون طفلا من أطفال هاملن خدعوا وأقتيدوا الى خارج المدينة على يد عازف مزمار يرتدي ملابس ملونة وبعد ان عبروا التلال في كوبنبيرغ أختفوا الى الابد""
وهنالك شارع في المدينة يعرف بأسم (Bungelosenstrasse)يقال انه اخر مكان شوهد فيه الاطفال قبل اختفاءهم ولهذا السبب يمنع الاهالي عن عزف الموسيقى داخل هذا الشارع وهو تقليد ساروا عليه منذ القرون الوسطى حتى ان الجوقات والفرق الموسيقية كانت تتوقف تماما عن العزف والغناء عند المرور بهذا الشارع وكذلك وجود نافذة زجاجية ملونة داخل كنيسة السوق القديمة هذه النافذة صنعت عام 1384تخليدا لمرور 100عام على اختفاء الاطفال،وكذلك سجلات الكنيسة في هاملن والتي يعود تأريخها الى عام 1351وتعتبر هذه السجلات غاية في الاهمية لانها تمثل شهادة حية لحقيقة ماجرى وهناك ايضا مخطوطة ليونبيرغ التي تعود الى عام 1370ميلادية والتي تؤكد قصة عازف المزمار وان الحادثة وقعت بالفعل عام 1284...
ورغم الشواهد والقرائن التأريخية والتي تؤكد واقعية الحكاية الا ان التصديق بهذه الواقعية يشوبه بعض الفتور،إذ ان هنالك بعض التفسيرات التي وضعت عن الحكاية مثلا قصة المجاعة الكبرى التي حدثت في القرن الرابع عشرالميلادي وكان من أسوء القرون التي مرت بها أوربا،وبسبب تلك المجاعة أضطر الاهل الى نبذ اطفالهم في الغابات فاكلتهم الحيوانات،او اختطافهم من قبل البعض الذين تحولوا الى اكلين لحوم البشر بسبب المجاعة،والتفسير الثاني هو حادثة الطاعون الاسود ذلك الوباء الذي أفترس ارواح الاطفال آنذاك وقد تحولت هذه الحقائق الى قصص خيالية تداولتها الاجيال)....
وقد ربطوا بين الحقيقة والخيال،فالجرذان في الحكاية ترمز الى الوسيلة التي انتقل فيها المرض بين السكان في حين يرمز عازف المزمار الى الموت الداهم الذي يرقص طربا على آهات وعذابات البشر...
وفي تصريح لأحد رسامي هذه اللوحة يقول:
انهم يرسمون الهياكل البشرية وهي ترتدي الثياب الملونة وكانوا يرمون من وراء ذلك الى ابراز عبثية الحياة الفانية وسخرية الاقدار التي تساوي بين الجميع في حضرة الموت ولا فرق بين أمير ووزير وفقير وغني...

مابين الاقواس حقائق وآثار تأريخية موجودة الى يومنا هذا اتمنى ان يهيء لي القدر الظروف كي اسافر اليها وامتع ناظري بتلك المواقع الاثرية،،اقتبست هذه الحقائق من كتب التأريخ والمقالات المهتمة بالاسطورة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.