الصفحات

ذاكرة بدائية | ماجدة حسن ــ سوريا

كانت الجريدة , طقساً يومياً في بيتنا
نشرةُ الأخبار , في المذياعِ الضّخم الأزرق
البحرُ أيضاً , كبير , و بنفس اللون
وأنا صغيرة , كنتُ أملكُ ذاكرة بدائية كفاية , للمقارنة بين الاشياء , عندما قلتُ مرة في موضوع التعبير:
بطنُ أمي المنتفخ , يذكرني بخبر طريف عن بطيخة كبيرة , نبتت جنوب البلاد..
ندمتُ بعدها , حين سمعتُ والدي يقول في الهاتف : خليل البطيخ , لم يأتِ في الموعد , تأجل الاجتماع للشهر القادم ..

كانت تفرش أمي الجريدة \ المستهلكة \ قرب الغاز , ذو العين الواحدة
تفوحُ رائحة البطاطا المقلية ,
كلمة \ الشعب \ شربت يومها آخر نقطة زيت داشرة ,
كنتُ أقرأ خبراً ما , عن إضرابٍ ما , في سجنٍ ما , لغايةٍ ما , حين زجرتني :
( الله لايشبعك قراية , البطاطا احترقت , رح أطبخ محشي كوسا )
هرعتُ لغرفتي , وكعادتي عندما أحزن , أكتب
بحثت ُفي المعجم عن معنى كلمة طرطشَ , فأعدتُ كتابتها بعد المحي :
جملة – طرطشَِ الدمعُ على خدّي , كالزيتِ على الصحيفة –
– ذاكرة بدائية كفاية , للمقارنة بين الأشياء !
أبي في الاجتماع , مخاضُ أمي , جدتي وصرة المولود , القابلة السمراء النحيفة
الماءُ يغلي في البرميل , تستقر عيني على كلمةٍ عريضة : \ السوري \
باقي الكلمات طرطشَ عليها ربّ البندورة ..
المذيع يقول: تمخّض اللقاء الثنائي الوديّ بينهما عن هذا القرار ..
وضعت أمي حملها , عاد أبي بعد الظهر , بيدهِ بطيخة كبيرة
أغنية السهرة , ( يمّا القمر عالباب ) لفايزة أحمد
المذيع :
الان منتصف الليل حسب الساعة في دمشق ..
ختاما آنساتي وسادتي , بعض آيات الذكر الحكيم
ثم ,
حماة الديار عليكم سلام , تمام الـ 12 وربع فجرا
قبل نومي ليلتها كتبتُ :
الآن انتهت بتوقيت كذا, برامج الإذاعة , أخي أصبح عمره 12 ساعة وربع
– ذاكرة بدائية كفاية , للمقارنة بين الأشياء !

 ماجدة حسن ــ  سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.