الصفحات

مسحة حزن خفيفة | بقلم: ــ ســعاد الـزامـك

عاشتْ وحيدة لا يودها سوى القليلِ من جيرانِها و ابنةُ شقيقتِها ، غرستْ الذكرياتِ في وجدانِها ، ظلتْ ترويها بسيولٍ من دمعِها ، و تُنميها بصورِ أحبتِها الغائبين حتى أينعتْ شجرتُها و نضجتْ ثمارُ الحزن .
خرجتْ باحثةً عن ابنِها الغائب ، عادتْ مبتسمةً تقصُ عن عودتِه من المهجرِ بصحبةِ زوجتِه و أبنائه ، أظلتْ مُحدثيها بطرحِ شجرةِ ذكرياتها ، سقطتْ حائرة ًفي هوةِ أشجانِها .

تلقتْ ابنةُ شقيقتِها نبأ مرضِها ، هرعتْ إلى المستشفى ، استنجدتْ بخالِها الذي أصمَ أذنَ رحمتِه . سألتْ عنها فأشاروا إلى سيدةٍ ذات وجهٍ علاهُ مسحةُ حزنٍ خفيفة ، و ملابسٍ رثةٍ تلونتْ بألوانِ الشقاء ، هالها ما رأت فلم تعِ للحظاتٍ ماذا ألّمَّ بخالتِها ، بعد سؤال الطبيب أخبرها ببعضِ أسرارِ المرضِ اللعينِ الذي تُصارعه . لم يتحملْ العاملون بالمستشفى تصرفاتِها الخرقاءِ ، فوقّعوا على صكِ رحيلِها .
حاولتْ الصغيرة استرحام الطبيب دون جدوى ، نصحَها بألا يَدَعوها سجينةً في ذكرياتِها ، لم تستطعْ اصطحابها إلى منزلِها الصغير فأودعتها احدى دورِ رعايةِ المسنين . ظلتْ تعتلي مسرحَ ذكرياتِها حيث تقتطفُ زهرةً من شجرتِها لتُخضبُ بها أحدَ مرافقيها ليؤدي دورَ الغائب ، كانت الثمرةُ الأولى من نصيبِ ابنة شقيقتِها ، فأوشحتها برداءِ والدتِها المتوفاة .
ضَمُرتْ شجرةُ ذكرياتِها و جفَ عودُها ، صنعوا منها تابوتِها ، و أهالوا الرمالَ على صورِ أحبابِها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.