للكهف المهجور ـ قصة || مريم محمود العلي

مرت دقيقة حسبتها دهرا.. ثم مرت دقيقتان كان الزمن فيهما يمتد إلى ما بعد الموت .
توالت الدقائق .. مضت ساعة من الانتظار المر .
تسمرت قدماها على الرصيف .. أتمضي خائبة
لكنه قال سيأتي .. لابد أن يأتي .. أخذت صورته تكبر
وتكبر حتى تلاشت زحمة المدينة .. وأنتحر الزمن تحت وطئ أقدامه
كان يبتسم ابتسامة هادئة .. مد يده معتذرا كعادته

وجدت له عذرا قبل أن يتفوه بكلمة .. بدت الفرحة أكبر من كل ما مضى نظرت إلى غابات الزيتون تتموج داخل عينيه الحالمة تبحث عن معنى للسعادة
وعلى شفتيه تنتحر القصائد وتموت الكلمات ولا يبقى سوى كلمة واحدة ترسم شكل قبلة تزيح ستائر الكبت فتثير جنون الشهوة العارمة التي يدمرها شبح الخوف مستلذا بإخمادها
امتدت أصابعه تختصر مسافات القهر والحرمان
تتحسس خفقان القلب ورعشة الروح .
أبت السعادة الاستسلام وارتدت رداء أحمر ورقصت بجنون يحتضن مساحات الحلم الجميل ورمت وراءها في الكهف المهجور كل الأشياء التي تشوه معالمه
منحتهما عمرا جديدا للحظات قصيرة تحدثا فيها دهرا كاملا ومحت من عمريهما مئة ألف عام من الحزن الساكن تحت رماد الزمن .
وصحت السعادة على صوت بكاء الوداع عند مفترق الطرق ليعود كل منهما من حيث أتى أو إلى أشيائه الباقية في الكهف المهجور .

من مجموعتي القصصية ظمأ فارغ ... الصادرة عن دار القدس بدمشق