حكاية جدي
كان جدي يغمض عينيه ويركض في الحقل مسرعا حاملا زوادته على خصره وبيده اليمنى جاروف يسوي به الأرض,
والحقل واسع يقبع على منحدر جميل, باكرا عند مطلع كل فجر يحمل إبريق الشاي متجها إلى عرزاله
يشعل النار في الأسفل, ويغلي الشاي ببطيء ممل,
وفي بداية الربيع يشتري خاروفا صغير يطعمه بنهم كي يكبر, يتحسسه كل صباح على ظهره وعندما يأتي
العيد يذبحه نأكل نصفه والنصف الأخر يوزعه على الجيران.
ـــ
كان جدي أيام شبابه "زير نساء" كما يقال، يمسك بالدبكة على الرأس [ المقدمة ] تتحلق حوله النساء عازبات ومتزوجات
مثل عقد من اللؤلؤ, يغار منه شباب القرية, أما جدتي كانت لا تغار وبقي وإياها يتبادلان الحب حتى النهاية, وفي الليل
تختبئ بين ساعديه.
ــ
أيام الصيف كان جدي يسهر على سطح بيتنا هو ومجموعة من رجال القرية يتسامرون ويتبادلون الحكايات والأحاديث
عن أحداث حدثت وأحداث لم تحدث ضحكاتهم وأصواتهم تملئ المكان.
ـــ
كان جدي يتردد على المدينة أسبوعيا وكنت ألح عليه كل مرة الذهاب معه لكنه كان يرفض، أخيرا أخذني معه لم يمسك
بيدي تركني على راحتي مبهورا بزحمة المدينة تهت عنه قليلا, ركض خلفي كالطير ولما اشتد لهاثه ارتميت
على الأرض ابكي .
ــ
كان لجدي غرفته الخاصة وفي احدي الزوايا تجلس باسترخاء خزانة صغيرة زجاجها مكسور تحتوي بعض الكتب القديمة لصادق الرافعي ومصطفى لطفي المنفلوطي وجبران خليل جبران وعدد كبير من الكتب الدينية وفي الزاوية الأخرى دق مسمار طويل بالجدار علق عليه عشرات "السبحات" كان قد جمعها من أصدقائه القادمين من بيت الله الحرام وعلى رف مجاور المهباج والمحماسة الذين يصنع بهما قهوته, وخلف الباب مصمودة كالعروسة النرجيلة المزينة بالخرز والسلاسل الفضية . وفي منتصف الحائط صورة قديمة لوالد جدي الذي هاجر إلى الأرجنتين منذ فترة طويلة وانقطعت أخباره ولم تصله منه سوى عشر رسائل.
كان محظور علينا
الدخول إلى الغرفة خوفا من العبث بمحتوياتها لكني كنت ادخل خلسة بين الحين والحين اخذ كتابا اقرأ به وأعيده دون أن يحس بي احد قرأت العبرات والنظرات وتحت ظلال الزيزفون والمجنون و و .
ـــ ذات فجر صرخت جدتي بأعلى صوتها استيقظ جميع من في الدار
ركض الجميع إلى غرفتها كانت بداية النهاية لرجلا بمعنى الرجولة كان إذا غضب اهتز وإذا اهتز كاد يتصدع البيت, وإذا ضحكك الفرحة عمت الجميع
وعند الشروق اجتمع المحبين يعزون ويأخذون بالخاطر ،طلعت رائحة البخور
ونبت الحزن في الصدور وصارت الحسرات كبيرة كالأشجار.
وعندما انتهى العزاء دخلت غرفة جدي وجدت جميع الأشياء لفها الحزن.ومن ذلك اليوم أصابع يدي لا تكف عن الكتابة وكلما اتعب أتثاءب قصيدة ثم أنام.
حسين خلف موسى
كان جدي يغمض عينيه ويركض في الحقل مسرعا حاملا زوادته على خصره وبيده اليمنى جاروف يسوي به الأرض,
والحقل واسع يقبع على منحدر جميل, باكرا عند مطلع كل فجر يحمل إبريق الشاي متجها إلى عرزاله
يشعل النار في الأسفل, ويغلي الشاي ببطيء ممل,
وفي بداية الربيع يشتري خاروفا صغير يطعمه بنهم كي يكبر, يتحسسه كل صباح على ظهره وعندما يأتي
العيد يذبحه نأكل نصفه والنصف الأخر يوزعه على الجيران.
ـــ
كان جدي أيام شبابه "زير نساء" كما يقال، يمسك بالدبكة على الرأس [ المقدمة ] تتحلق حوله النساء عازبات ومتزوجات
مثل عقد من اللؤلؤ, يغار منه شباب القرية, أما جدتي كانت لا تغار وبقي وإياها يتبادلان الحب حتى النهاية, وفي الليل
تختبئ بين ساعديه.
ــ
أيام الصيف كان جدي يسهر على سطح بيتنا هو ومجموعة من رجال القرية يتسامرون ويتبادلون الحكايات والأحاديث
عن أحداث حدثت وأحداث لم تحدث ضحكاتهم وأصواتهم تملئ المكان.
ـــ
كان جدي يتردد على المدينة أسبوعيا وكنت ألح عليه كل مرة الذهاب معه لكنه كان يرفض، أخيرا أخذني معه لم يمسك
بيدي تركني على راحتي مبهورا بزحمة المدينة تهت عنه قليلا, ركض خلفي كالطير ولما اشتد لهاثه ارتميت
على الأرض ابكي .
ــ
كان لجدي غرفته الخاصة وفي احدي الزوايا تجلس باسترخاء خزانة صغيرة زجاجها مكسور تحتوي بعض الكتب القديمة لصادق الرافعي ومصطفى لطفي المنفلوطي وجبران خليل جبران وعدد كبير من الكتب الدينية وفي الزاوية الأخرى دق مسمار طويل بالجدار علق عليه عشرات "السبحات" كان قد جمعها من أصدقائه القادمين من بيت الله الحرام وعلى رف مجاور المهباج والمحماسة الذين يصنع بهما قهوته, وخلف الباب مصمودة كالعروسة النرجيلة المزينة بالخرز والسلاسل الفضية . وفي منتصف الحائط صورة قديمة لوالد جدي الذي هاجر إلى الأرجنتين منذ فترة طويلة وانقطعت أخباره ولم تصله منه سوى عشر رسائل.
كان محظور علينا
الدخول إلى الغرفة خوفا من العبث بمحتوياتها لكني كنت ادخل خلسة بين الحين والحين اخذ كتابا اقرأ به وأعيده دون أن يحس بي احد قرأت العبرات والنظرات وتحت ظلال الزيزفون والمجنون و و .
ـــ ذات فجر صرخت جدتي بأعلى صوتها استيقظ جميع من في الدار
ركض الجميع إلى غرفتها كانت بداية النهاية لرجلا بمعنى الرجولة كان إذا غضب اهتز وإذا اهتز كاد يتصدع البيت, وإذا ضحكك الفرحة عمت الجميع
وعند الشروق اجتمع المحبين يعزون ويأخذون بالخاطر ،طلعت رائحة البخور
ونبت الحزن في الصدور وصارت الحسرات كبيرة كالأشجار.
وعندما انتهى العزاء دخلت غرفة جدي وجدت جميع الأشياء لفها الحزن.ومن ذلك اليوم أصابع يدي لا تكف عن الكتابة وكلما اتعب أتثاءب قصيدة ثم أنام.
حسين خلف موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.