الصفحات

ثقة ـــ قصة قصيرة || القاص:خليل حسين اطرير/الأردن/الرصيفة



قصة قصيرة  
.....:"اربـطــوا الأحــزمــة ، تـمســــكــوا بـمســــانــد الـمـقــاعــد جـيــــــــدا "*قــالــت الـمـضـيـفــة بـصــوت فـيــه بـعــض إرتـبــاك وســــرعــة وتــقــطــع *ثـــــم بــــدأت الـطــائــرة تــرتـجــف ثــم تـمـيــل ثــم تـهــوي ثــم تـرتـفــع ، اســــتـمــر ذلــك فـتــرة غـيــر اعـتـيــاديــة *

.....قـالــت الـمـضـيـفــة : لا تـخـافــوا !!! إنـهــا مــط....وقـبـل إتـمـام الـكـلمـة انـزلـقــت ، ثـم جـرت نـفســـهـا نـحــو قـمــرة الـطـيــار *يـزفـهـــــا الإحــراج الشــــديــد و الخــوف *
.....هــول الـحــدث أربــك الـمســــافـريـن:فـلا تســمـع إلا صـراخــا أو دعــاء أو عـويــلا ، ولا تــرى إلا أنـاســــا يـتـخـبـطــون ، يـتـشــــبـثــون بـأطــــــراف الـمـقـاعــد ، يـمــوجــون ، فـتـهــوي قـلـوبـهــم ، و يـرتـفــع ضـجـيـجـهــــــم مــع كــل رقـصــة ، أو مـيـلــة ، أو رجـفــة لـلـطــائــرة *و الـمـضـيـفــة الـتــي عــادت لـلـتــو عــاجــزة عــن تـهــدئــة حـتــى الـخـواطــر* و الـطــائــرة لا تـخــرج مــن مـطــب هـوائــي إلا و تـــزور أخــاه *بـيـنـمــا الـفـتــى الـيـافــع هشــــام يـلـهـو و يـتـســـلــى ،أو يـمــتــع نـظــره بـمــا حــولــه ،فــكــــل الـمســافـريــن فــي واد ، و هــو فــي واد آخـــر ،غـيــر أبــه أو مـكـتـرث بـمـا يـحـصــل لـلـطــائــرة ، ولا مــا يــدور حــولــه مــن جـلـبــة، و لا مــا يـحــدثــه الـمســــافــرون مــن بـلـبـلــة ، وهــذا مــا أغــاظ جــاره الـعـجــوز ، الـــذي يشــــاركــه الـكــرســــي الـمــزدوج *
.....ثــم اســــتــوت الـطــائــرة ، فـقــدمــت الـمـضـيـفــة حـلــوى الســــلامــة ، و قــد غـطســــتـها فــي بســــمــة مـصـطـنـعــة رقـيـقــة مـنـهــا ، تـقـتدمـهــا لـكــل مســافــر ، مــع :" الـحـمــد لله عـلــى الســلامــة "، بـيـنـمــا الــوجــوم لا يــزال مـخـيـمــا ، والاصـفــرار قــد طـلــى كــل الــوجــوه ، إلا وجــه الـفـتــــى الـصـغـيــر الـمـتــورد * ودقــات الـقـلـــــوب تـكــاد تـصــم الآذان مــن هــول مــا جــرى ، بـيـنـمــا قـلــب هشـــام يـنـبــض هــدوءا وحـبــورا ، و الــرجـفــة قــد رقـصــت أيـديـهــم جـمـيـعــا إلا يــــدي هشــــام الســــابـلـتـيــن *
..... بــدأت الــراحــة تــدنــو مــن الـمســــافــريــن رويــدا رويــدا ، بـعــد صـمــت رهـيــب رهـيــب ، و وجــوم شــــديــد ، ثــــم انـطـلـقــت الألـســــن تـنـثــر مــا فــي الـصــدور مــن عـبــارات كانــت مـكـنــونــة ،و تـعـلـيـقــات تـحـمــل أراء و وجـهــات نـظــر حــول مــا حـصــل ، و هشــــام لا يـعـيــر الأمــر اهـتـمــامــا ولــو صـغـيــرا فــطــورا يـعـبــث بـكــم قـمـيـصــه ، و تــارة يـحــك رأســــه بـمـلــل ، و أخــرى يســــلــي نـفســــه بـالـنـظــــــر لـلأفــق و قــد حـنــى جســــمــه نـحــو نــافــذة الـطــائــرة ، مــن أمــام الشــــيــخ ، قــريـبــا مــن صــدره ، و الشــــيــخ يـنـظــر نـحــوه بـاســــتـغــراب شــــــديــد ، و غـيــظ بســــــبــب مـيــل هشــــــام عـلـيــه حـيــن يـنـظــر لـلـخــارج *
.....ســــبــح نـظــر الشــــيـخ بـيــن الـمســــافــريــن ، فــلاحــظ أن الـحــديــث يــدور بـيــن كــل اثـنـيــن مـتــجــاوريــن ،و لـكـنــه مـقـطــوع بـيـنــه و بـيــن جــاره هشــــــام * مــا الســــــبــب ؟ ربـمــا الـمســــــافــة الــزمـنـيــة الـتــي تـفـصــل بـيـنـهـمــا ، ربـمــا تـعــالـيــه ، ربـمــا إحســــاســــه بــاســــتـصـغــار نفســــــــــه إذا حــاوره،أو ربـمــا الـحــديــث مــع هــذا الـفـتــى الـيــافــع لا يشــــفــي الـغـلـيــل * لـكـنــه أخـيــرا رضــخ لانــدفــاعــه الــداخـلــي نـحــو مـحــاورة الـفـتــى *قــال فــي نـفســــه : ســــأحــاوره ، رغــم كــــل هــــذا ، فــالـحــديــث فــي الســــفــر يـخـتـصــر الـمســــافــة و يــمــتـــص الــوقــت *ويــزدرد الـمـلــل *
..... ســــأل الشــــيــخ : مــا اســــمــك ؟
.....: هشــــام*
.....ألــم تـلاحــظ مــا حـصــل مــع الـطــائــرة ؟
.....:بـــــــــــــــلا
.....: لـقــد عــم الـهـلــع و الـخــوف كــل الـمســــافــريــن ، هــل خـفــت ؟
.....: لا ، مــــــــــــــــم أخــاف ؟
.....تـخــاف أن تســــقــط الـطــائــرة *
.....حـتــى لــو ســــقـطــت الـطــائــرة ، لا أخــاف ؟
....لــو ســــقـطــت الـطــائــرة فــإن الـجـمـيــع ســــيـمــوتــون *
..... لا ، لا ، لـــــــــــــن أمـــــــــوت ، ولــن يـمــوت أبـــي *
..... مــا مـعـنــى : أنــت وأبــوك ســــتـبـقـيــان عـلــى قـيــد الـحـيــاة ؟ هــل أنـتـمــا مـحـصــنــان ؟ هــل عـلــى رأســــيـكـمــا ريشــــتـان؟
..... لا ، و لـكــن الـطـيــار هـــو أبــــــــي ، و قــد وعــدنــــي أن نـصــل ســــالـمـيــن ، حـيـــث تـنـتظــرن،، أمــي*ـ:
/انتهت/

القاص:خليل حسين اطرير/الأردن/الرصيفة/00962788543834
ملاحظة:جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.