الصفحات

عينان غصنيهما الخضراوين بالأشواق | د.هدى قزع

عينان تقيمان الجسور من رمشيهما وتلغيان جدران واقع اسمنتي ،ترمقان أنفاسهما الصباحية وتشربان خمر المشاعر اللاترابية ، وتزدانان بالعتمة الشفافة حيث النظرات تقيم حفلًا بموسيقى الأرواح ، تتراقصان في لجة من دمع الفرح ، وتطيلان تشابك غصنيهما الخضراوين بالأشواق ، وتدثران وقتًا يتسلل إليهما وتقبضان على لحظة صفاء خارج حدود الزمن ، وتخترقان حواجز الدقات المؤقتة والعقارب النائمة على جفنيهما دون تصريح وتكتفيان بلمح الطرف المجنون وتسيران بوثوق وتخترقان جدار القلب ، وتنزرعان كبرعم صيفي لا يمنعه حر الشمس من الامتداد ،
جذور من الدفقات تمتد إلى كل حجرة فتستفيق جيوش روحين تتأهبان لخوض حرب الكلمات الشريفة ، حيث لا سيوف تلقى أو سهام ، وإنما بساط نوراني يرفعهما فوق غيم المنطق لينهمرا.
على أرض الروح يقيمان بيتهما البسيط ، بضعة مقاعد من الصدق تكفي لراحة طويلة بعد عناء مرير ، ومساحة ضيقة في الامتداد تكفي لاتساع نبضين قيدهما الواقع وزج بهما في سجن الانتظار ، وفراش الحرير الثمين هو بياض قلبهما ، لا أخشاب ترفعه فينهار بهما ، وإنما عين الرب ترقى به فترفعه ، يصعدان دون سلالم هما يوقنان أن الوصول لا يحتاج إلى وسيلة ، وأنه لا عتبات أمام التقاء الأرواح ، ما أجمله من التقاء حيث يشربهما النور ويغيبهما عن أعين الرقباء !

د.هدى قزع