الصفحات

بذور في الشتات وثمرة الاغتراب عند الشاعرة السورية اتحاد غنوم

د. حما م محمد زهير 
كل أمة  العرب بكت، ذرفت  دموع الحيرة، ولا اشد على النفس الأسنة ، "دمعة تسري" على  الخد ، تحدث  في القلب" حشرجة" ، تندي أساطين البلد" حرقة"، خاصة لما يكون القلب والروح "معلقين" بفردوس يذبح أمام الملا،بوحشية فاقت" شذور الإنسانية "عمرت طويلا وأخرجت حسكا، جرم قابيل لهابيل ،
لم يعد هناك ضبط رغم إن قابيل  وارى مسوءة أخيه،و"هلك في العصيان" وانتشر الأهل في الشتات، ولا معين لهم  بعد الله الا اليراع الدمام ..
عرفت الشاعرة والروائية (اتحاد غنوم )من خلال" صورة العين الدامعة"  تزينت بها صفحتها الشخصية على الفايس بوك، قربتني إلى ماتكتب... فوجدت من أمرها عجباً وعجباً ، أما العجب في "مخارج حروفها"، كأنها أصوات النفير تحمل الشام والعجب أنها بعيدة في الشتات ،تركت كالأمهات (وطناً) يئن وساحت تدفع الحرف دفعا ،تقوده" صارمة"  بلون الحديد وميسم النار، تجرعت ألف ذراع من "حب الشام"، فانتبذت مكانا جميلا في ليلة هادئة لأسابق "انزياحاتها" دون  جدل، قارئا  متمرسا لشوقها من" الداخل" كلماتها للوطن  بحجم  (أمة وتاريخ)
الوطن" كون "في عقل  سياح أو تجربة الاغتراب
إن أصعب الشي على الناقد ،هو "تركيب العلائق" بين المتغيرات المختفية والثابتة، ولا سيما عندما  يكون  "الحس وطنيا"، قسمت "ماقيل" الشاعرة "غنوم " إلى  محطات  في  قصيدة الشام ،لأنها  "أشبه  بحكاية وإيمان واعتقاد"  ولا شيء  يفصل  بينهما  الا ذلك "الحب المتكاثر" يوميا  بسبب البعد عن الوطن ومآسيه ، نحن ندرك إن من  يعيش  المحنة في  وسطها هو "الأقرب "إليها (معرفة وإحساسا ) والأحق بالرواية عنها ، لأنه في  قلبها ومن  داخل جحيمها  ولكن  أيضا  من  يبتعد عنها  ويتقاذفه الحرف والهوان  في  غيرها  يدرك  إن هناك أمراً جللاً، أفضله الموت داخل  الوطن  وعلى تربته  مستقيما معافى  الا  بما  يقربه  للوطن .
"الشاعرة غنوم  "جعلت  الشام أعلى "مدارج الحكم"  في  حكمها رغم  بعدها ،لأنه  "تاريخ  متصاعد في القدم "يحمل ملامح الحضارات وخيالات  بالقهر" جاثمة "في عهوده  الأولى ، انتصر منها انتصار العظماء ،وهو  الشيء الذي  جعلها  تترشح بواحدة في  "عينة" الماضي  السحيق(تنام عصور مضت ملامحها..تراءى لي خيالاتها..شام بكل ملامحها..جذورها..عميقة )، واقتنعت غير  قانطة  بان  الله سيحمي  الشباب ،  فملفوظ  الحماية ،هنا اقوي لأنه  يوعز  لنا  بقداسة  المدينة " سوريا " مقدسة كأم  القرى ،  لكن  هذا لايمنع  أي " متمرس " أن  يسال  بحب "الإله  لسوريا"  تجيب الشاعرة(غ)  بعفوية  الصمود ( المتنططون..المتجرعون) "وهم" في  حقيقة  الأمر جرذان كانت  بالخيارة ماكثة  بالجحور ) سرعان  ما انتشرت  انتشار  النمل  في"  أخشاب  الاقيانوس ".. فعلت  فعلتها  كاسرة  قارضة  لكل  ماهو  جميل، له دبيب الحياة  ،قطفت  زهورا  اقتلعت  براعم  أبكت  أمهات  صيرتهم  ثكلى  وروعت  حقولا  من  آهات  كل  يوم  يزدان  عويلها  بأنات..

أمراض  الإنسان  تفتكك  الحضارات ..
إن ما يجري  في الوطن هو محاولة  فئرانية  لتشوبه  التاريخ وجعل  الشام، ينحني  وكأنه  الجمل  الأخمص من  قوته  وجماله، أعمتهم  أمراض الإنسان الأولى  (بالحقد والانتقام  والغيرة)  بهذا المستوى الثلاثي  أوجدت  الشاعرة  منطلقا  لتلك  الغيرة  السالبة  للأمجاد  والبطولات ،واعتبرت "اشد مضادة" من الأشياء الأخرى ولكن  توعس  الأمل  جديدا  كاستواء  الطريق  أو الخروج  للبر لأنها تدرك" مخطرة " بان الشام  سيكون  بالمرصاد للفئران وأمراض الإنسان ، وهدفها  لايشوه الياسمين  ولا يقتل الربيع ، هي  تؤمن  بدورة التاريخ (إيمانا  راسخا ) يعود الشام  إلى " سابق عهده"  حدائق لجنان الخلد،  كونه ارتبط بأغلى  "قيمة" بالوجود الا وهي " العزة والكرامة" .
إن  تركيبة "الرجاء" في  شامية "غنوم" تتألف  من عرض  تشريحي  لمقاومة داخلية ، يقوم  بها  "الشام "وهي  مدركة إن الياسمين والربيع في منأى عن  إي هجوم فاشل أو  قاسح  للياسمين ، الا  نبع من "آمال متراصة" ولكم إن  تدركوا " الربيع"  وما قيض "الإله" على  أديمه من  الاستراحة  والراحة  فالتركيبة هنا " تلبينه  شامية "تقول ( قولي لهم  "شام" انك  لهم  بالمرصاد مثلهم  لعايشوه..ولأي قتل  الربيع  فيك..)وهي بذا مدركة إن "الشام " لن  يهتم  بحمى وهو "الإدراك الغائر" في عمقها  وعمق " أي" ميدانية  ولدت  بالميدان( أحفظ وأروع  الشواهد السورية )، وبها  ولدت  "شاعرة التغريد"  غادة  السمان..

حين  يأنف التاريخ ان  يسلم  نفسه  لقناصيه
وزعت "الشاعرة  غنوم " في  مقطع  قصها الشعري مجموعة  من الموانع  الفاصلة ضخمت  من ألطافها أمام أي تدخل  قد يطالها، "هو العبث  بالتاريخ" ، ومن  يفعل  ذلك يتلقى  قطعا لليد، ولو  كانت  بألف ذراع، واستشهدت  برموز تاريخية ( صلاح الدين  الأيوبي ، خالد  بن  الوليد  ويوسف)  صورت  تشاكلا  بين " قيم" متحركة  لصور  بشرية  وأفعال وسلوكيات  بشرية ( مجموعة الأبطال  الذين  ذكرتهم "هم "سياقها  )  يعيدون  لها  مجدها  التلبد، هي متحسرة  على  استحضار  زمنهم  ولو مثلا  سرابيا ، فهي  تعتصر التاريخ  الكارزمتي في عنق ذكراها  ،ولكنها  في  نفس  الوقت  تهاجم " اليأس  المفرط "يريد إن  يؤذها  بمرض "الوهم" واقعة بالبعد بعيدة عن الوطن  ،  أدركت " غنوم" غفوتها  وفكرت  غير جاثمة  هذه  المرة  بمصير أولئك "الفئران الغازية " خرجت  من  جحور الوطن  ستعيدها  سيرتها  الأولى  (أغنية العرب ) غير آبهة  بما غنت  قبلها  الصاخبة  (وين الملايين)  ..ترى "غنوم"  إن  خلاصها هو"  العرب"  زارعو ا العزة والكرامة والعروبة  لكون "الشام" هي  تلك  (الحرقة  الدائمة في قلوبهم  التي توقظهم  حين  يفزعون وحين  يلتقون  مع  أولادهم)، يقتل  فيهم " الشام " بواطن  الكسل والتكاسل ، حتى  لايفقهون  قولا ، يوم لا يجد السؤال العظيم  أن حرام  يتركونها  تتهاوى،  حتى  ولو كان  حاكما ذا  "سلطة  ومال  وجاه"  حتما  تستكين  "الشام" على أنفاسه (سيفا وسما  وذكرى قاتمة )..لا تنسى  أيها " الشام" ..أدرك نفسك..واستعد  فماهم  الا  فئران حتما  ستعود  إلى  الجحور  خائفة من  قوة التاريخ ..وبطولاته وتهمس في  إذنيه بالتفطن  لزر يعي  الخوف  والوشاية ، هم  نقول  من أوصلوا  حاله إلى  مجرى  الدم  السفود..شرعت " الشاعرة"  بمنهجها  الحدسي  استدراك  الأمر نافية عن  خدماتها "حكاية الثورة " مهتمة  بأمر  لايتعدى  الوطن  "فهزمتها  فئران  ضالة  وتاريخ  كبير ووشاية  وخوف ، إن  مثلث  الفتك عند " غنوم "هو مثلث  بتركيباته  وتشاكليته  يقسم  أضلاعه حكاية  "حوار عربي  غربي" يدخل  القضية في  التاريخ فالحدس  هو مشاركة  حاذقة  نفذت  إلى  باطن  ذاتها  مستحبة  "للانا الجمعي "فهي  قد أوجدت بنود اتفاق  لدحر  مخطط  الفتك ،الذي  أشارت  إليه، ودعنا إلى الاختيار، وكأنها  تبقى  لنا  "عقدا  إجباريا" سيخلص سوريا من " محنتها" باعتباره عقد  اختياري يقوم على  الاتصال  بين العرب كمستويات لأشخاص ،لانفصال  بينهم، بسبب (وحدة التاريخ ) يعد  الشام  في  الأول والأخير هامشهم  الموحد..

*(ناقد من الجزائر)