الصفحات

صمت و صورة بقلم : هناء الشماشي


هناء الشماشي
لم يصدق (سليم) ما سمعته عيناه، خامره ما يشبه الشك باليقين، و هو يرى جدته، و أمه ملتحمتين كخنصر وبنصر، في كف واحدة، تتشنج الأولى، تتلوى، خيطا من وجع، تعلو يدها المعروقة، تارة تغالب سيلا راح ينهمر احتجاجا، من ثقبين غائرين كجرح، وتارة أخرى، تسقط في حجرها، كسرب من كناري أضاع قبلته، فتحني قامتها رويدا كأنها ستذوب فجأة... 
أما كنتها ، فتركن جنبها ككتلة من ذهول، يتقوس حاجباها علامتي استفهام ، تنفخ حسراتها للأعلى، كأنها ترفع للرب سؤالا، و تستنكر جوابه. 

كل الجيران كانو هناك، شفاههم تتحرك ببطء، تعزف سوناتا صامتة...
تململ: بحث عن والده الذي تأخر هذه المرة إلى الأبد، كما تصرخ الصورة بإلحاح...
تساءل: أي حجة لديه كي يقترف هذا الغياب ؟!
ألم يعده أن يحيا كظله، و يدور حوله كمفتاح في عيون متاهات الكون.
أحس بالعجز ينخر روحه، ركع بجانب الجثة أشهر مقصه ، فصل العضلة التي طالما كانت أذنه على العالم، و صدى لكل ما تهجت عينيه سماعه.