في منتصف الطريق الوعر الذي يربط بين سكنه الريفي الرث و الطريق العام يجلس
حمودة على صخرة صماء متواريا، يشعل سيجارة الإفطار بعد ما خرج مسرعا من فجر ليلة سهر يرثي فيها حاله .. آخر سيجارة صنعتها يده من عشب العرعر.. ينظر حوله ليرى بشاعة المكان الذي يأوي أولاده...صخور فوقها صخور تحتها صخور.لا يرجى منها خير الا ما بقي من هياكل أشجار الفاكهة فوق تلك الأرض المنبسطة.. لا حرث فيها و لا رعي ..أرض رغم شساعتها لا تسد رمق
العنزتان التي يملكهما ..تبحر به أسئلة لا نهاية و لا أجوبة لها و يستعرض حلاوة حياته التي عاشها بين أضلع هذه الأرض ...عندما كانت أشجارها مخضرة معطاء قبل أن يدق فيها الزلزال الأخير ليغير مجرى النبع الذي كان يروي مئات الأشجار من شتى الفواكه.و قبل أن يرحلا والديه منذ سنين، ينفطر قلبه عندما ينعكس مستقبل أولاده في مرآة حياته ..ووسط شد و مد يرمي أحزانه و يمضي في طريقه بعد أن رمى ما بقي من سيجارته التي أحرقت معطفه الوحيد..يطوي بخطواته المتلهفة المسلك الرهيب إلى القرية على أمل أن يجد عملا يسد رمق عائلته التي أرهقها الفقر ..وعود قد سبقت هذا الموعد من كبير القرية ربما تجلي عنه مرارة عيشه..ولما اقترب من الطريق الذي يربط القرية بالمدينة الكبيرة التي لا يعرف عنها إلا أضوائها ليلا .كانت الشمس قد أنارت ما بقي من الطريق لتعكس ضوء ا لا يعرف ماهيته ويقترب حمودة منه بخطوات متثاقلة يشوبها الخوف ..ليسمع أنين مستغيث ..يصيبه الهول مما رأى.. سيارة منقلبة على طرف الطريق في أخدود لا يمكن للمار عبر الطريق أن يراها وينزل حمودة إلى جوفه ليرى شيخا بلحية بيضاء يعاني من أثار الحادث و يظهر عليه التعب فعرف دون شك أنه قد بات في هذه الحفرة مستنجدا دون معين ..و يخرجه بعد تعب من سيارته التي أكلت بعض لحمه و كسرت عظامه.. وبعد جهد مضني يصعده إلى جانب الطريق لينتظر النجدة و يومئ إليه الرجل أن يخرج شيئا من السيارة و يهبط و يرى ما لا يمكنه أن يتوقعه كيس من المجوهرات قد انفجر من جانبه من ثقل ما يحمل و تبدأ الهواجس والأفكار تراود عقل حمودة إلا أن يترآى له تجويف في الأرض غير بعيد ..هواجس تلف بفكره.. أفكار تروي عقله و تغويه أن يدس الكيس فيه.... فبعض ما في الكيس يخرج عائلته من العوز ..يكسي أولاده العرايا وينعش زوجته التي عانت معه الأمرين أكل الجوع لحمها ونتف عظمها حتى أصبحت لا يرى لها ظل..يشتري سكنا في المدينة يعلم أولاده الذين قارب سنهم دخول المدارس و يستيقظ على ضجيج سيارة مقبلة باتجاه المدينة فتوقظه من أحلامه ويحمل الكيس معه و يلوح للسيارة لتقف ويٌركب الشيخ و هو بجانبه يمسك بالكيس إلى مستشفى المدينة ، ينتظر حتى تأتي زوجة الشيخ، يسلمها الكيس و يتمنى للشيخ الشفاء و يمضي دون أن يعرف حتى طريق العودة..و بعد استفسار يوصله أحد سكان القرية الى مقصده و يعود بعد أن أقسم على نفس الصخرة أن لا يدخن بعد هذا اليوم وانتظر حتى ينام أولاده و تسلل إلى سكنه ليجد زوجته في انتظاره تهنئه على فعله بعد أن حكي لها ما جرى في يومه، و تمر أيامه على نفس الحال، و حمودة يذهب كل صباح بعد أن أصبح يعمل أجيرا عند كبير القرية ...
و في يوم أنارت شمسه مبكرا على غير العادة، يرى حمودة و في مكان الحادث على قارعة الطريق سيارة سوداء لا تشبه سيارات أصحاب قريته ..لها من الوقار ما يخيف.. و ينزل من السيارة الشيخ الذي كان هنا من زمن غير بعيد ويبادره حمودة بالسلام و يعانقه الشيخ شاكرا صنيعه ويطلب من حمودة أن يأتي معه إلى المدينة ليسكن معه بعدما رأى من أخلاقه و أمانته رغم فقره ..فهو رغم غناه ليس له سند يعينه في تجارته بعد أن توفي ابنه الوحيد..
الاطرش بن قابل
حمودة على صخرة صماء متواريا، يشعل سيجارة الإفطار بعد ما خرج مسرعا من فجر ليلة سهر يرثي فيها حاله .. آخر سيجارة صنعتها يده من عشب العرعر.. ينظر حوله ليرى بشاعة المكان الذي يأوي أولاده...صخور فوقها صخور تحتها صخور.لا يرجى منها خير الا ما بقي من هياكل أشجار الفاكهة فوق تلك الأرض المنبسطة.. لا حرث فيها و لا رعي ..أرض رغم شساعتها لا تسد رمق
العنزتان التي يملكهما ..تبحر به أسئلة لا نهاية و لا أجوبة لها و يستعرض حلاوة حياته التي عاشها بين أضلع هذه الأرض ...عندما كانت أشجارها مخضرة معطاء قبل أن يدق فيها الزلزال الأخير ليغير مجرى النبع الذي كان يروي مئات الأشجار من شتى الفواكه.و قبل أن يرحلا والديه منذ سنين، ينفطر قلبه عندما ينعكس مستقبل أولاده في مرآة حياته ..ووسط شد و مد يرمي أحزانه و يمضي في طريقه بعد أن رمى ما بقي من سيجارته التي أحرقت معطفه الوحيد..يطوي بخطواته المتلهفة المسلك الرهيب إلى القرية على أمل أن يجد عملا يسد رمق عائلته التي أرهقها الفقر ..وعود قد سبقت هذا الموعد من كبير القرية ربما تجلي عنه مرارة عيشه..ولما اقترب من الطريق الذي يربط القرية بالمدينة الكبيرة التي لا يعرف عنها إلا أضوائها ليلا .كانت الشمس قد أنارت ما بقي من الطريق لتعكس ضوء ا لا يعرف ماهيته ويقترب حمودة منه بخطوات متثاقلة يشوبها الخوف ..ليسمع أنين مستغيث ..يصيبه الهول مما رأى.. سيارة منقلبة على طرف الطريق في أخدود لا يمكن للمار عبر الطريق أن يراها وينزل حمودة إلى جوفه ليرى شيخا بلحية بيضاء يعاني من أثار الحادث و يظهر عليه التعب فعرف دون شك أنه قد بات في هذه الحفرة مستنجدا دون معين ..و يخرجه بعد تعب من سيارته التي أكلت بعض لحمه و كسرت عظامه.. وبعد جهد مضني يصعده إلى جانب الطريق لينتظر النجدة و يومئ إليه الرجل أن يخرج شيئا من السيارة و يهبط و يرى ما لا يمكنه أن يتوقعه كيس من المجوهرات قد انفجر من جانبه من ثقل ما يحمل و تبدأ الهواجس والأفكار تراود عقل حمودة إلا أن يترآى له تجويف في الأرض غير بعيد ..هواجس تلف بفكره.. أفكار تروي عقله و تغويه أن يدس الكيس فيه.... فبعض ما في الكيس يخرج عائلته من العوز ..يكسي أولاده العرايا وينعش زوجته التي عانت معه الأمرين أكل الجوع لحمها ونتف عظمها حتى أصبحت لا يرى لها ظل..يشتري سكنا في المدينة يعلم أولاده الذين قارب سنهم دخول المدارس و يستيقظ على ضجيج سيارة مقبلة باتجاه المدينة فتوقظه من أحلامه ويحمل الكيس معه و يلوح للسيارة لتقف ويٌركب الشيخ و هو بجانبه يمسك بالكيس إلى مستشفى المدينة ، ينتظر حتى تأتي زوجة الشيخ، يسلمها الكيس و يتمنى للشيخ الشفاء و يمضي دون أن يعرف حتى طريق العودة..و بعد استفسار يوصله أحد سكان القرية الى مقصده و يعود بعد أن أقسم على نفس الصخرة أن لا يدخن بعد هذا اليوم وانتظر حتى ينام أولاده و تسلل إلى سكنه ليجد زوجته في انتظاره تهنئه على فعله بعد أن حكي لها ما جرى في يومه، و تمر أيامه على نفس الحال، و حمودة يذهب كل صباح بعد أن أصبح يعمل أجيرا عند كبير القرية ...
و في يوم أنارت شمسه مبكرا على غير العادة، يرى حمودة و في مكان الحادث على قارعة الطريق سيارة سوداء لا تشبه سيارات أصحاب قريته ..لها من الوقار ما يخيف.. و ينزل من السيارة الشيخ الذي كان هنا من زمن غير بعيد ويبادره حمودة بالسلام و يعانقه الشيخ شاكرا صنيعه ويطلب من حمودة أن يأتي معه إلى المدينة ليسكن معه بعدما رأى من أخلاقه و أمانته رغم فقره ..فهو رغم غناه ليس له سند يعينه في تجارته بعد أن توفي ابنه الوحيد..
الاطرش بن قابل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق